تعززت المكتبة الجامعية ومن خلالها المنظومة القانونية بحوصلة من المفاهيم الحديثة، التي لها علاقة مباشرة بالاقتصاد والاستهلاك والقوانين الردعية التي جاءت لتحديد المسؤولية في كل ما تعلق بالمنتجات المعيبة، هو الانشغال الذي تقدم به الطالب مختار رحماني محمد لنيل رسالة الدكتوراه في القانون الخاص تحت عنوان: “المسؤولية المدنية عن المنتجات المعيبة” إيمانا منه بالضرر الذي تلحقه المنتجات المعيبة، بكل أنواعها برّر الباحث اختياره للموضوع بسبب ما أصبحت تخلفه هذه الأخيرة، من أضرار فردية وجماعية قد تصل في كثير من الأحيان إلى الوفاة رغم ما تحققه على أصحابها من رفاهية ومتعة في حياتنا اليومية، إلا أن انفتاح السوق وتحرير التجارة الخارجية وضعف الرقابة وانعدام الوعي لدى المستهلكين والمستعملين وكثرة الدعاية والإعلام شجع المستوردين على جلب منتجات لا تتوفر على أدنى شروط و متطلبات السلامة بل أن مثل هذه المنتجات يمنع طرح أمثالها في بلدها الأصلي، بل أن الأمر طال حتى الأدوية ومنتجات الصحة وهو ما ركز عليه كثيرا الباحث وهذه الحوادث مرشحة للارتفاع بفضل التطور التكنولوجي والعولمة. انطلق الباحث في تشخيص كل العوامل من خلال نظرته إلى التطور التقني الذي واكبه كذلك تطور قانوني، فظهور مخاطر جديدة جعل رجال القانون يتصورون أسباب أخرى للضرر غير خطأ الإنسان لاسيما منها الحادث أو الخطر الاجتماعي واعتبارها كمفاهيم قانونية جديدة مستقلة عن القواعد العامة للمسؤولية المدنية التي تقوم على أساس الخطأ فأصبحت فكرة الحادث تستقل تدريجيا عن فكرة الخطأ. وانطلاقا من هذه المعطيات بدأت التشريعات العالمية تبحث عن السبل الملائمة لإسعاف الضحايا الذين يعجزون عن إثبات خطأ المنتج في ظل أنماط إنتاج معقدة يصعب إثبات الخطأ فيها، فصدر التوجيه الأوروبي بتاريخ 25 / 07 / 1985 مكرسا مسؤولية موضوعية للمنتج، تبعه في ذلك المشرع الفرنسي بإصداره لقانون 19 ماي 1998 والمتضمن تعديل القانون المدني. ولم يبق المشرع الجزائري بعيدا عن هذا التطور فتدخل بإضافة المادة 140 مكرر ضمن القانون المدني مكرسا بدوره المسؤولية الموضوعية للمنتج، وكذلك بإصداره لقانون حماية المستهلك وقمع الغش 09 / 03 المؤرخ في 25 فيفري 2009. والنصوص التطبيقية له أصبحت إذا مسؤولية المنتج تقوم على ركن العيب بدل الخطأ. طرح الباحث إشكالية أساسية تتعلق بمدى كفاية أحكام المادة 140 مكرر من القانون المدني والقانون 09 / 03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش في الاستجابة للانشغالات التي تطرحها مسألة التعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها المنتجات المعيبة اعتمادا على أن التعديل الذي مسّ القانون المدني جاء قاصرا لتضمنه مادة واحدة فقط وتشتيت الأحكام المتعلقة بحماية المستهلك في نصوص متفرقة فيصعب على الباحث أو القاضي إيجاد الحلول الملائمة لكل الإشكاليات التي تطرحها مسؤولية المنتج. ومن المسائل التي ركّز عليها الباحث وجوب تحديد مسؤولية المستورد بدقة خاصة إذا علمنا أن جل منتجاتنا المطروحة في السوق مستوردة. وفي الأخير دقّ الباحث ناقوس الخطر بالنسبة للأضرار أو الحوادث التي تتسبب فيها الأدوية ومنتجات الصحة مقترحا تكفل مشروع قانون الصحة الجديد بها وذلك بإخضاعها إلى أحكام المادة 140 مكرر من القانون المدني تسهيلا لتعويض الضحايا.