إن ردود الفعل حول خطوة حركة مجتمع السلم التي التقت فيها مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيي، تبعث الكثير من الاستغراب والقلق على المشهد السياسي في الجزائر، وتؤكد أن البعض يعشق الانسداد وتسويد الأوضاع ولو بانتقاد المعارضة ذاتها. تكررت صورة مبادرة جبهة القوى الاشتراكية مع حركة مجتمع السلم، التي وجدت نفسها في مواجهة وصدام مباشر مع المعارضة التي اجتمعت في وقت غير بعيد بمقر «حمس»، وتعكس هذه السلوكات غياب القيم الديمقراطية وثقافة تقبل الآخر واحترام آرائه وتوجهاته. أقول هذا ليس دفاعا عن حركة «حمس» القادرة على الرد والتبرير، وبدون حساسيات والضغائن والأحقاد التي تتهدد مصير الأجيال الصاعدة. أقول أن ما قامت به الحركة وبالرجوع لمرجعيتها ومواقفها في مختلف التحولات التي عرفتها الجزائر ليس غريبا من باب الصالح العام وهي الحركة المعروفة بالتنازلات لمصلحة الجزائر. من لا يعرف تاريخ الحركة عليه الرجوع إلى رئاسيات 1995 حيث ترشح الراحل محفوظ نحناح بالرغم من كل المتاعب والصعاب، وفاز بالمرتبة الثانية بعد الرئيس اليامين زروال، كما أن عدم قبول ملف ترشحه لرئاسيات 1999 تقبله بصدر رحب ومن أجل درء الفتنة وعدم فتح جبهات أخرى للمشاكل، تحدث الرجل وطالب من جميع المناضلين والمتعاطفين معه عدم إثارة المشاكل وطي الملف نهائيا. كما أن مواقف «حمس» في التحالف الرئاسي ومختلف الاستحقاقات الانتخابية وقدرتها على التوفيق بين المواقف والاعتدال لا ينكره أحد، حيث منحت الأحزاب الإسلامية قيمة مضافة من خلال نبذها للعنف والتطرف، وانخراطها إيجابيا في مختلف المباردات الوطنية.. كلها مواقف تحسب لها. وعليه، فالتهجم على الحركة بعد استقبال أويحيى لرئيسها ليس له مبرر، خاصة وأن اللقاء كان تشاوريا قدمت «حمس» خلاله رأيها مباشرة ودون المرور على وسائل الإعلام أو وسطاء أو النزول إلى الصالونات الفخمة للحديث عن الفقر والبطالة. إن التعامل مع مبادرة جبهة القوى الاشتراكية وردود الفعل من خطوة «حمس»، يؤكد رغبة الكثيرين في إبقاء الانسداد الحاصل حتى يواصل البعض الاصطياد في المياه العكرة وزرع اليأس والقنوط في نفوس الجزائريين، فالمفيد أن يعيشوا هم في رغد وتضمن له بعض الأبواق سماع أصواتهم وهذا على حساب الوصول إلى توافق من أجل أن تتجنب الجزائر أوضاع العديد من البلدان العربية. إن انتقاد السلطات مفهوم من قبل المعارضة، ولكن أن تنهش معارضة طرفا في المعارضة فهذا الأمر الذي يعطي الحق للمواطنين الذين طلّقوا الأحزاب التي تتمادى في تسويد كل شيء وانتقاد كل شيء وإثارة الصراعات الداخلية فقط من أجل الريع والحفاظ على المراتب الاجتماعية التي تمنحها إياهم الجزائر والشعب الجزائري.