عدم الخلط بين اجتهادات بيداغوجية وقرارات الدولة اجتماع الحكومة بالولاة يوم 29 أوت والثلاثية في16 أكتوبر أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس الأول، من قسنطينة، أن اللغة العربية هي مرجعية دستورية وحضارية وثقافية، وتمثل مبدأ تم الفصل فيه نهائيا، إلى جانب اللغة الأمازيغية التي تعتبر لغة ينبغي تطويرها وتعميقها في إطار تحصين الوحدة الوطنية، موضحا أن هذا الخيار ليس سياديا فحسب، بل يندرج في إطار مبادئ دستورية تم الفصل بموجبها فصلا نهائيا في الهوية والشخصية الوطنية. أوضح الوزير الأول أنه مع ذلك، فإن تطبيق هذا المنهج لا يمنع المدرسة الجزائرية من أن تتفتح وتدرّس كل اللغات الحية. أما التنوع اللغوي وتعدد اللهجات الدارجة في الجزائر، لا يعتبر فقط ثروة وكنزا يبعث على الفخر والاعتزاز، بل يشكل تراثا هاما يتطلب العناية به، لكونه يساهم في تطوير وسائل وطرق التواصل. دعا سلال في تصريح على هامش زيارته إلى قسنطينة، بمناسبة إحياء اليوم الوطني للمجاهد، مرفوقا بوفد وزاري هام ضم وزراء الداخلية والتربية، الصناعة والصحة، التعليم العالي، المجاهدين والثقافة، دعا الجميع إلى عدم الخلط بين اقتراحات واجتهادات قامت بها لجنة متكونة من بيداغوجيين وأساتذة، وقرارات الدولة الجزائرية، وذلك في إطار مواصلة إصلاح النظام التربوي الذي أقرّه رئيس الجمهورية منذ سنة 2000 عندما بادر إلى تنصيب لجنة وطنية لإصلاح المنظومة التربوية. وقال الوزير الأول، إن المزايدات والأحكام المسبقة لا تخدم النقاش الوطني ولا المدرسة الجزائرية ولا الجزائر عموما، فحرية التعبير التي تعد مكسبا من المكاسب الوطنية، تعطي وتتيح الفرصة للجميع لإبداء الرأي وإثراء المشاريع. ولكن ذلك لا يعني أن يفرض أي كان رأيه وتوجهه على الآخر، فمبادئ الهوية الوطنية قد فصل فيها الدستور، كما فصل في الكثير من الأمور الأخرى التي يتعين احترام دستوريتها والتقيد بالقوانين والمناهج. لا نية لي في استخلاف منصب الرئيس وذكر الوزير الأول أن برنامج رئيس الجمهورية واضح بالنسبة لهذا المبدأ، وأن مهمة الحكومة تتمثل طبقا لمخطط عملها، في السهر على تجسيده بما يضمن للمدرسة الجزائرية الحفاظ على كل مقوماتها، مؤكدا أن ذلك ما يطمح إليه من خلال تطبيق برنامج رئيس الجمهورية بكل ما جاء به، قائلا: سأظل أدافع عنه إلى آخر محطة منه. وأؤكد أنه ليست لي أية نية في استخلاف منصب الرئيس وأنه لا اختلاف بين أعضاء الحكومة حول البرنامج الذي سيسطر وفق ما جاء به. وأكد سلال، أنه تابع باهتمام النقاش الذي رافق الندوة الوطنية لتقييم المنظومة التربوية، مثمّنا ما تم مناقشته، معتبرا ذلك إثراء ومساهمة في النهوض بالمدرسة وتطوير النظام التربوي، مذكرا أنه ليس من مصلحة أيّ كان تسييس النقاشات وإخراجها عن سياقها التربوي والثقافي. وبهذا يكون الوزير الأول قد فصل نهائيا في الجدل القائم حول التدريس بالعامية في السنوات الأولى من الدراسة، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمجرد مقترحات تم تدارسها في الندوة الوطنية لإصلاح التربية سيتم مناقشتها. وبهذه المناسبة التي نحتفل فيها بالذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام، أكد سلال أنه لابد من التذكير أن الجزائر التي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد، قد كرست الإسلام دينها، والعربية لغتها الوطنية والرسمية، إلى جانب تكريس شقيقتها الأمازيغية لغة وطنية، مشيرا أن تلكم هي الركائز الأساسية التي تقوم عليها الهوية الوطنية والثوابت الوطنية التي لا نقاش فيها، قائلا: لا يسعني ونحن اليوم نقف ترحّما على أرواح شهداء الجزائر الطاهرة، إلا أن أذكر بأن المدرسة الجزائرية ترتكز على اللغة العربية كلغة أساسية للتدريس. وأكد سلال، أن الاقتراحات المتمخضة عن الندوة، ستُدرَس بعمق وسيتم التدقيق فيها من أجل استخلاص ما هو إيجابي وإضافي لتطوير النظام التربوي. وخلص الوزير الأول إلى القول، إنه إذا كانت المدرسة الجزائرية ترتكز على اللغة العربية كلغة أساسية للتدريس، فإن تطبيق هذا المنهج لا يمنع المدرسة الجزائرية من أن تتفتح وتدرس كل اللغات الحية من أجل اكتساب العلوم والتكنولوجيا. الدعوة إلى الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الاقتصادية على صعيد آخر، تطرق الوزير الأول إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، حيث شدد في هذا السياق على أهمية تكاتف الجهود والابتعاد عن سياسة الإحباط، داعيا إلى انتهاج سياسة التحام وطني. وأضاف قائلا: لدينا كل الإمكانات من بنية تحتية وإطارات تكونت في المدرسة الجزائرية ولديها قدرات هائلة في التسيير لمواجهة التحديات الاقتصادية. وأشار سلال، أن الهدف يكمن في بناء اقتصاد وطني متطور، لأن الجزائري اليوم لن تقبل بالعودة إلى الفقر، على حد تعبيره، معلنا في هذا الخصوص عن عقد اجتماع مرتقب للحكومة بولاة الجمهورية في 29 أوت الجاري، بهدف تطوير الاقتصاد والاستثمار، مضيفا أن ذلك يليه اجتماع آخر في 15 أكتوبر يجمع شركاء الثلاثية ببسكرة وهو ما أعلنه الوزير الأول سابقا. وقال الوزير الأول، إن حكومته ماضية في تطبيق برنامج رئيس الجمهورية إلى آخر محطة منه، مشيرا إلى أن البرنامج يحمل الكثير من الطموحات التي ينبغي الالتفاف حولها وتثمينها في الوقت الحالي لاستكمال ما تبقّى من البرنامج الذي سطر على أسس احترام الهوية والسيادة الوطنية وتطلعات الشعب الجزائري.