مسرح ممتلئ عن آخره.. ثلاثة وزراء.. حضور دبلوماسي قوي.. أوركسترا وطنية ضمت 81 موسيقيا جزائريا وأجنبيا.. مغنو أوبرا عرب ثلاثة.. حضور إعلامي لافت.. هكذا كانت الأجواء التي عاشها المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي، حينما شهد سهرة، أول أمس السبت، افتتاح الطبعة السابعة من المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية، مهرجان يعد ببرنامج ثري سواء بالجزائر العاصمة أو قسنطينة، وذلك إلى غاية التاسع عشر من الشهر الجاري. كانت البداية مع محافظ المهرجان، عبد القادر بوعزارة، الذي ألقى كلمة بالنيابة عن وزير الثقافة، رحّب فيها بالحضور، من وفود رسمية وطنية وأجنبية، على رأسهم وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، ووزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، إضافة إلى ضيوف المهرجان وعشاق الموسيقى الكلاسيكية: “حضرنا لنكتب النوتة السابعة في السلم الموسيقي”، قال بوعزارة، الذي أشار إلى أن المهرجان يحوز على مكانة محترمة في أجندة المهرجانات الدولية، وزاده إشعاعا عرس قسنطينة عاصمة الثقافة العربية. وأضاف مدير الأوركسترا السمفونية الوطنية أن هذه المناسبة تؤكد حرص الوزارة على تثمين المهرجان وتكريسه في خطوة أعادت للموسيقى السمفونية الجزائرية احترامها بين الدول، مؤكدا أن الاوركسترا الوطنية رافعة رهان الاحترافية. هذا الاهتمام الرسمي، أكده الوزراء الثلاثة الحاضرون، حينما التحقوا بركح المسرح لتكريم نجوم الافتتاح في ختام السهرة، حيث قدّم رمطان لعمامرة، ميهوبي وولد علي درع المهرجان للتونسي حمادي لاغا، المغربي يانيس بن عبد الله والمصري رجاء الدين على التوالي، فيما كرّم الوزراء الثلاثة المايسترو أمين قويدر بذات الدرع. حمادي، يانيس ورجاء الدين.. التينور العربي أن تكون مغني أوبرا مهمة غاية في الصعوبة، فهي مزيج بين الموهبة الفذة، التدريب المتواصل والدراسة المعمقة، أضف إلى ذلك إتقانا لمختلف اللغات، وأن تكون مغني أوبرا تينور محترفا وذا صيت عالمي، فالمهمة أصعب لاحتدام المنافسة ومقاييس الاختيار والتقييم العالية.. ولكن أن يلتقي مغنو أوبرا عرب ثلاثة لتأدية مقاطع من الأوبرا الإيطالية ويحصدوا وابلا من التصفيق والتحية، فهذا دليل على سحر الموسيقى، حينما يضاف إليه سحر المكان، الانتماء، والثقافة المشتركة. ومن أجل البرهنة على ذلك، ارتأى المايسترو أمين قويدر أن يجمع التينور التونسي حمادي لاغا، صاحب الجوائز والألقاب العالمية، والتينور المصري رجاء الدين، الذي صال وجال في مسارح إيطاليا وفرنسا، والتينور المغربي يانيس بن عبد الله، خرّيج السوربون والكونسرفاتوار الملكي ببروكسل، الذين قدموا لنا باقة إيطالية كانت بدايتها واحدة من أصعب ما تمّ غناؤه أوبراليا، “نيسون دورما Nessun dorma” أو “لا ينامنّ أحد” المأخوذة من أوبرا “توراندو” لجياكومو بوتشيني. تروي الاوبرا قصة الأمير “كالاف” الذي يقع في شراك الاميرة الجميلة “توراندو”، هذه الأخيرة عرضت نفسها للزواج من كل شخص يستطيع الإجابة عن ألغازها الثلاثة، والموت إن لم يتمكن من ذلك، وينجح “كالاف” في الامتحان، ولكنه يمهل الأميرة “توراندو” حتى طلوع الصباح لتخمّن اسمه وتتحلل من هذه الزيجة، إن لم تكن مقتنعة بها. مقطوعة أداها الثلاثة باقتدار، رفقة مقطوعات أخرى لكل من فيردي، بيزيه، روسّيني، كورتيس، ودي كابوا. لتختتم الفقرة الأوبرالية ب«عليك مني السلام”، التي ردد الجمهور كلماتها مع الأصوات الجهورية الثلاثة، في لقطة امتزج فيها حب الجمال مع حب الوطن. سمفونية تشايكوفسكي الرابعة.. دليل التفوّق التقني تعد السمفونية الرابعة لتشايكوفسكي أولى أعماله التي تعرف ب«سمفونيات القدر”، كما أنها من أصعب الأعمال الكلاسيكية تقنية. يعلن مدخلها المعتمد على الآلات النحاسية النفخية عن طابعها “القدري” و«الوجودي”، ثم يتموج إيقاعها الموسيقى بين ذروات وفترات هدوء، ويتواصل هذا التناوب على مدار ما يقارب ثلاثة أرباع الساعة، وهي المدة الكاملة لهذه السمفونية. وعن هذا الاختيار قال المايسترو أمين قويدر ل “الشعب” إن الهدف وراءه هو ترك انطباع جيد لدى المشاركين في المهرجان، عن المستوى الذي وصلت إليه الأوركسترا الوطنية.