غياب كلي لشبكة التوزيع بالصحراء اختلف عدد من الناشرين والكتاب حول واقع النشر في الجزائر، إلى جانب المكانة التي بات يحتلها المعرض الدولي للكتاب، بين من يرى بأن هذين الأخيرين عرفا تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وآخرون طالبوا بضرورة بدل المزيد من الجهد للنهوض بالقطاع، وجعل من صالون الكتاب موعدًا استراتيجيًا. أكد ياسر عرفات قانة، خلال ندوة نقاش، أمس بمنتدى يومية “الحوار”، حول النشر في الجزائر، وصالون الكتاب بين “السياسة والثقافة”، أن النشر في الجزائر عرف في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، أدى إلى بروز نخبة جديدة في مجال الأدب والكتابة، مشيرا إلى أن هذه المعطيات هي مؤشر إيجابي. وقال قانة بأن النشر عرف تطورا بسبب دعم الدولة للناشرين، فضلا عن مهنية أغلب دور النشر في تطوير الكتاب والاحتكاك فيما بينها، وهو ما أدى، بحسبه، إلى تطور الوعي داخل منظومة النشر، وأكد عرفات بأن الدولة بادرت عن طريق وزارة الثقافة منذ 2003 بداية بتظاهرة سنة الجزائر في فرنسا إلى الاهتمام أكثر بالإبداع، وخلق جيل صاعد يؤثر على الساحة الثقافية. قانة أشار أيضا إلى اهتمام الدولة بالكتاب، من خلال تخصيصها لفضاءات مناسبة له، منها إنشاء أكثر من 400 مكتبة عمومية على المستوى الوطني، وقال بأن هذا التطور يأتي أيضا للدور الكبير الذي يقوم به الناشر الجزائري، وبدونه لن تكتمل المهمة. وأضاف قانة، إن دعم الدولة للكتاب، مكن من إنشاء دور نشر مهنية تمثل الجزائر في المعارض التي تنظم خارج الوطن، مؤكدا بأن قانون الكتاب الذي صدر مؤخرا سيحسّن الوضع أكثر وسيسهم في فرز ساحة النشر بالجزائر. وعن الصالون الدولي للكتاب، قال قانة بأنه أضحى حدثا ثقافيا هاما، والدولة تعمل جاهدة على النهوض به، مشيرا إلى أن الطبعة الحالية عرفت تحفظا على 111 عنوان يحمل طابعا دينيا لا يتناسب مع مرجعيتنا الدينية بالدرجة الأولى، وهي السياسة التي تعتمدها الدولة. من جهته دعاس فريد، مدير التوزيع بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، قال بأن المعرض الدولي للكتاب أضحى موعدا ثقافيا ينتظره القارئ الجزائري كل سنة، وذلك بالرغم من بعض النقائص التي يمكن تداركها مستقبلا. وعن النشر في الجزائر قال دعاس، إنه يمكن تلخيص العقبات التي يمر بها في 03 نقاط، التوزيع، الطبع والاحترافية، مشيرا إلى أن شبكة التوزيع في الصحراء غائبة تماما، داعيا الدولة التدخل في هذا الشأن، وتدعيم أيضا الترجمة التي تعتبر العمود الفقري لصناعة الكتاب، ناهيك عن دعم سعر الورق الذي أصبح مهما. ودقّ فريد دعاس ناقوس الخطر حول الكتب شبه المدرسية والتي تصدر مليئة بالأخطاء، وذلك لغياب لجنة نصوص على مستوى دور النشر، داعيا الناشرين للاهتمام بمحتوى الكتاب وليس الكم. أما الكاتب والإعلامي، بومدين بوزيد، فاقترح أن تعرض على الجامعات الجزائرية صفقة لشراء على الأقل 20 بالمائة من الكتب الجزائرية، وقدم الكاتب مجموعة من التساؤلات، هل هناك تطوير للنص الجزائري وهل يمكن الارتقاء به ليكون صالونا ليس ذو صبغة تجارية وفقط وإنما معرفي وعلمي، وقال بأن هناك أشياء تحتاج إلى مراجعة وتجاوز الصراعات، وضرورة تنظيم سوق الكتاب، على اعتبار أن هذا الأخير أمن ثقافي ويسهم في التنمية الشاملة.