تتجه الجماعات المحلية نحو خيارات مالية مرجعيتها الإعتماد على الذات وهذا بالبحث عن مصادر جديدة غير التي اعتادت عليها فيما سبق، أي أن الإبقاء على تلك الأساليب قد لا تتوافق مع إرادة السلطات العمومية الرامية إلى تجاوز هذا “الواقع” نحو آفاق أخرى مدرجة في التصورات المعدة لهذا الغرض. وتعمل وزارة الداخلية والجماعات المحلية من أجل إثراء هذا الملف المتعلق بترقية أداء البلديات في الجانب المالي وهذا بوضع كل الآليات المرنة التي تسمح بذلك، وبالأحرى تشجع على اقتحام هذه التجربة، دون أي تردّد أو خوف من التبعات التي قد تنجرّ على ذلك خاصة قضية “التسيير” التي تثير تخوفات من الذهاب إلى أي وضع جديد دون تلقى ضمانات من الوصاية. ومهما تكن التسهيلات الواردة في النصوص، فمن الصعوبة بمكان أن يبادر رئيس بلدية باتجاه كل ما هو مطلوب في مجال استحداث النقلة في طرق التسيير كونها ذهنية متوارثة في إدارتنا وهي التقيّد بما حدّد له القانون من صلاحيات أو التحرك في إطار هامش ما يعرف بالمداولات حول مسائل معينة، وعلى غرار ذلك، فإن قاعدة التحفظ هي التي تسود في هذا المقام. هذا التشخيص لابد منه، وضروري لمعرفة عقلية مسيري البلديات والإجراءات الأخيرة الواردة في قانون المالية التكميلي 2015، مدعما بقانون المالية 2016، حدد الإطار العملي الذي من خلاله يستلهم منه رؤساء البلديات منطلقات نشاطهم المستقبلي على ضوء القرارات الأخيرة المتعلقة بترشيد النفقات والتحكم في المصاريف، بالإضافة إلى السير وفق البرامج التنموية المطلوبة من هذه الجهات ألا وهي دخول كحلقة من حلقات الإقتصاد. وتراهن وزارة الداخلية والجماعات المحلية على أن تكون 2016 سنة النجاعة بالنسبة للمالية على مستوى البلديات، وأن تتحمّل هذه الأخيرة مسؤوليتها الكاملة في تنمية الإقليم المتواجدة به على كافة الأصعدة، وهذا بواسطة صندوق ضمان الجماعات المحلية الذي يسمح بتمويل 52 علملية تنموية محلية، كما أنه بإمكان أن تتضامن البلديات فيما بينها كما جاء في المادة 68 من قانون المالية التكميلي، وسيطلب في غضون المرحلة القادمة من البلديات أن تستهلك ميزانيتها المحددة لها، قبل أن تطلب من السلطات العمومية موارد أخرى إضافية، وفي نفس السياق، فإنه المطلوب من البلديات تحسين مداخيلها إن آجلا أو عاجلا بالرغم من أن الرسم على النشاط المهني يصل إلى 60٪ وعليه فمن الضروري الرفع من هذه النسبة، كما ستعطى فرصة أخرى من أجل إعادة النظر في استئجار الحظيرة الخاصة بالسكنات أو المحلات وغيرها. هذه المؤشرات الأولية والثابتة تبيّن التحدي الذي يتطلّب الأمر رفعه في سياق كهذا من قبل المجالس الشعبية البلدية، وهذا بتغيير طرق عملها حتى تتكيّف مع التحوّلات الراهنة، خاصة ما تعلّق بترشيد النفقات والعمل على أساس خارطة طريق واضحة وصارمة في آن واحد، والأكثر من هذا متكيّفة مع مقتضيات المرحلة والقصد هنا اتباع خطة وزارة الداخلية والجماعات المحلية الراغبة فعلا في تطوير البلدية نحو ما تريده، والخروج من كل تلك طرق التسيير البالية.. وهذا ما فتئت تدعو إليه الوصاية وهذا عندما طلبت من المنتخبين التحلي بالذكاء في مسألة الشؤون البلدية لتستطيع أن تكون في مستوى الطموحات المعلّقة عليها في المستقبل، وتواجه الأوضاع بكل ثقة في مرافقة الجهات المسؤولة في برامجها الحديثة المتوجهة إلى البلديات. ——