ثمنت ثلة من الإعلاميين الناشطين بالتلفزيون الجزائري والإذاعة الوطنية من منبر «ضيف الشعب» بمناسبة ذكرى بسط السيادة الوطنية على المؤسستين يوم 28 أكتوبر 1962، فتح المجال السمعي البصري شرط أن يضبط بقوانين تضمن احترام أخلاقيات المهنة، متقاطعين في أن الأجيال المتعاقبة لم تتخلف يوما عن أداء واجبها، رغم شح الإمكانيات، والظروف الاستثنائية على غرار العشرية السوداء التي دفع الصحافيون شأنهم شأن الجزائريين من أرواحهم. لم تفوت «الشعب» ذكرى بسط السيادة الوطنية على مؤسستي الإذاعة والتلفزيون غداة الاستقلال برفع العلم الوطني وانسحاب الفرنسيين منها معتقدين أن ذلك كفيل بوقف البث، غير أنهم أخطئوا التقدير مرة أخرى، واستمر البث تحت إشراف جزائري 100٪، تقاسمت «الشعب» الزملاء في القطاع السمعي البصري فرحة احتفالاتهم بالمناسبة، من خلال فتح المجال أمامهم في فضاء «ضيف الشعب» للحديث عن واقع المهنة والمكتسبات التي حققتها والأشواط التي قطعتها، مع تقديم رؤيتهم ومقترحاتهم لمستقبل الإعلام السمعي البصري في ظل الرهانات الحالية. وعلى غرار الزملاء الحاضرين محمد شلوش مساعد الرئيس المدير العام لمؤسسة الإذاعة الوطنية مكلف بالاتصال والعلاقات العامة، الذي شغل عدة مناصب في التحرير قبل التحول إلى مسار تقلد المسؤوليات، بينها محرر مقدم الإذاعة ومحرر رئيسي ومنشط وكذا مروره عبر قسم الروبورتاج، ثمن الانفتاح في القطاع السمعي البصري الذي «تأخرنا فيه» حسبه، لأن الجزائر يجب أن تكون رائدة، مذكرا بدور الصحافيين ومساهمتهم في التعجيل بالتعددية السياسية والإعلامية أمر منطقي قياسا إلى درجة الوعي والنضج الكبير الذي انعكس إيجابا في نضالهم من أجل حرية التعبير. شلوش الذي كان عضوا في المجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة المؤسس في الفترة الممتدة بين 2000 و2004، ذكر بأن العشرية السوداء السبب الرئيس لانفتاح القطاع السمعي البصري الذي يعتبر إضافة هامة للجزائر دون أدنى شك، مضيفا «المنافسة والحرية المعيارين الكفيلين بضمان إعلام نوعي»، لكن بالمقابل أكد أن الاحترافية مرتبطة بشروط لكي لا تعم الفوضى ولا يكون مساسا بأخلاقيات المهنة، مسجلا، وتساءل في نفس السياق لماذا التأخر في سلطة الضبط برجل واحد فقط. وذهب شلوش إلى أبعد من ذلك بالتذكير بأن المادة 99 من قانون الإعلام الجديد تنص على تنصيب المجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة في أجل أقصاه سنة، إلا أنه مرت 3 أعوام كاملة عن صدور القانون، وخلص إلى القول بأن الالتزام بأخلاقيات المهنة أساسي في تطوير المهنة، وإلى ذلك ذكر شروطا أخرى لا تقل أهمية ويتعلق الأمر بالوصول إلى مصادر الخبر فاتحا قوسا للتذكير بنقطة هامة جدا ممثلة في تغريم الهيئات والمؤسسات التي تمتنع عن تأكيد الخبر أو تفنيده، كما رافع ل «الطرح المثير» الذي يعتبر ضروريا في العمل الإعلامي، الذي يختلف عن «الإثارة»، لافتا إلى أن الجري وراء السبق دون الالتزام بقواعد المهنة يؤدي إلى الانزلاق. بالنسبة لصحافية القناة الإذاعية الثالثة مريم عبدو، فإنها ذهبت في نفس الاتجاه بالتأكيد بأن الانفتاح الإعلامي نقطة إيجابية ويحسب للسلطة الرابعة في الجزائر، ورافعت لتعزيز إمكانيات العمل لتمكين الإعلاميين من أداء المهام المنوطة بهم وفي مقدمتها الوطنية بالنظر إلى السياق الإقليمي والجهوي والدولي الذي يقتضي من الإعلام الجزائري أن يكون في الجبهة الأولى، أما بالنسبة للأخطاء التي تقع فهي أمر عادي لأن التجربة لا تزال فتية في الجزائر، والسبب في تقديرها يرجع لعدم تأطير الصحافيين بشكل جيد، كما أن الاستفادة من هذه التجربة ضروري لاستخلاص الإيجابيات منها واستغلالها في خدمة الإعلام. من جهتها الإعلامية فوزية بوسباك التي تشغل منصب نائبة مدير القناة التلفزيونية الثالثة، قدمت طرحا أكدت من خلاله أن التلفزيون الجزائري يتميز عن غيره من القنوات الخاصة التي تقارب اليوم 45 قناة منها 5 مكاتب معتمدة فقط، بتقديم خدمة عمومية، في وقت تعتمد القنوات الأخرى مبدأ الخدمة الربحية والتجارية القائمة أساسا على الإثارة، إلا أن التلفزيون الجزائري يعتبر المستفيد الأول لأنه استطاع استرجاع جمهوره الذي لم يدم وفيا لقنوات لم يجد فيها سوى الإثارة. بوسباك التي اعتبرت تجربة الانفتاح في الإعلام الثقيل «ممتازة»، حرصت على التوضيح أن الانفتاح غالبا ما يحمل سلبيات إلى جانب الإيجابيات، إذ أنه يضر بالمهنة إن كان على حسابها، ورغم أن المشهد لا يزال فتيا ولا يمكن تقييمه بعد أضافت تقول إلا أن كل الآمال معلقة على تفعيل القانون العضوي للإعلام وسلطة ضبط السمعي البصري ومجلس أخلاقيات المهنة. وإن ثمنت هي الأخرى الانفتاح الإعلامي، إلا أن أمال علمي مقدمة البرنامج الصباحي على قناة «كنال الجيري»، انتقدت بعض الممارسات كتمرير مواضيع يتم خلالها التحدث مع الأطفال، عندما يتعلق الأمر بجرائم، وبالتالي فإن التأطير ضرورة لكي لا تخرج الأمور عن الإطار الأخلاقي المهني، من جهتها الإعلامية أمينة زيري التي تنشط برنامجا للعائلة في قناة «البهجة» الإذاعية الجوارية، اعتبرت الانفتاح مكسبا للجزائر وللإعلاميين عموما.