إنتاج 20 ألف قنطار من الفلين وتطلع لاحتلال الصدارة وطنيا طالما اقتصرت مصادر الثروة الفلاحية على زراعة الحبوب وتربية الماشية في الجزائر، قياسا بمعدلات الإستهلاك اليومي للمواد الغذائية التي ترتبط بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي، لكن هناك مورد طبيعي لا يقل أهمية عن عائدات القطاع الزراعي، وهو الغطاء الغابي الكثيف الذي يمثل ثروة باهظة في ظل إحتياجات البلاد الصناعية والهيكلية المتزايدة خاصة في قطاع السكن حيث التوجه نحو تصنيع السكنات المصنعة ونصف المصنعة، والتي يمثل الخشب فيها نسبة كبيرة. ما يحتم إعادة الاعتبار إلى هذه الثروة الطبيعية المهملة، وتدعيمها والحفاظ عليها كمورد رئيسي دون اللجوء إلى الإستيراد، «الشعب» تستطلع وضع الثروة الغابية بسوق أهراس وما تلعبه في التنمية المستديمة والحركة الاقتصادية. خلال استطلاع «الشعب»، أردنا تسليط الضوء على واقع الثروة الغابية بولاية سوق أهراس، الإقليم الذي ينعم بتنوع بيولوجي متناسق مع مناخ المنطقة الذي يعطي إخضرارا على مدار السنة ويقدم بيئة نقية إلى السكان بأبعاد سياحية متعددة، لكن نحن أردنا نأخذ تقييما لهذا القطاع بأبعاد إقتصادية صرفة، من خلال الوقوف على أهم مناطق سوق أهراس الغابية. إنتاج مضاعف لمادة الفلين كشف رئيس مصلحة الثروات الغابية بمحافظة الغابات لسوق اهراس محمد زين ل»الشعب»، إنتاج أزيد من 20 ألف قنطار من الفلين خلال السنوات الثلاثة الأخيرة وهي الكمية التي تفوق المعدل السنوي للولاية المقدرة بحوالي 6 آلاف قنطار. ما يرشح سوق أهراس لاحتلال المراتب الأولى وطنيا في إنتاج مادة للفلين ذي النوعية الرفيعة بالنظر إلى عدم التلوث البيئي والمناخ الملائم، ونمو غابات الفلين بها على غرار غابة أولاد بشيح ببلدية المشروحة وغابة بومزران ببلدية عين الزانة. وتسوق هذه الكمية من الفلين إلى مؤسسات تحويل بالجهة الشرقية كجيجل وسكيكدة وبجاية، ما ساهم في توظيف يد عاملة كبيرة طيلة مواسم الجني. وقال محمد زين في ذات السياق أن عملية المتابعة الدورية والمستمرة للغطاء الغابي يتم من خلال حملات إعادة تنظيف لأهم غابات الولاية، بحرق مخلفات الأشجار اليابسة والتقليل من الأحراش التي غالبا ما تكون السبب المباشر لنشوب الحرائق في فصل الصيف. من جهته أوضح رئيس مصلحة تنويع الثروات وحماية الأراضي بذات المحافظة محمود موفق لنا بأنه سبق وأن تم تخصيص غلاف مالي ب17 مليار دج لإطلاق حملات إعادة تشجير تضم أزيد من 400 هكتار من الغابات إلى ما يقارب الألف هكتار كعملية صيانة ومتابعة دورية، ما مكن من خلق مناصب شغل لسكان المناطق الريفية في ظل هاته المشاريع. المسطحات المائية، ساهمت في نسيج غابي كثيف ل 07 غابات رئيسية تتربع أشجار السنوبر الحلبي والسرو والبلوط والفلين وغيرها من النباتات والأشجار الغابية على مساحة تقدر ب 96463 هكتارا من إجمالي مساحة سوق اهراس بما يعادل 22%، تنتشر بينها جداول وأحواض مائية، أهمها وادي الشارف، بمساحة 173 ألف هكتار، عين الدالية ب 20296 هكتار، واللذين يعدان الممول الرئيسي لسد عين الدالية بما يزيد عن 82 مليون متر مكعب. يضاف الى هذا حوض واد رامن الممتد عبر 18 ألف هكتار، ووادي مجردة 12 الف هكتار، كلها مجتمعة تساهم في نسيج غابي متكامل ومترامي عبر أكبر سبع غابات بسوق أهراس وهي : غابة الحمامة ب أزيد من 09 آلاف هكتار، وغابة بومرزاق ب أزيد من 07 آلاف هكتار، وكذا غابة بوسوسو بأزيد من 05 آلاف هكتار ،إلى جانب غابتي بوملاق و سلاوة ب حوالي 07 آلاف هكتار مجتمعتان. تتوزع هذه الغابات الكثيفة على حوالي 26 بلدية، على رأسها المشروحة ب 16750 هكتار وبلدية سدراتة بأقل مساحة بمساحة لا تتجاوز ال 100 هكتار. تسعى سوق اهراس جاهدة للحفاظ على الثروة الغابية بإعتبارها أحد أهم المصادر الاقتصادية سواء من حيث جانبها السياحي أو البيئي، وهذا ضمن اعتماد مخططات تنموية واعدة تهدف إلى المحافظة على هذا القطاع الإستراتيجي. في هذا الإطار خصص غلاف مالي 04 مليار دينار برسم البرنامج الخماسي 2010-2014 و 1.96 مليار دينار ضمن البرنامج القطاعي موجه أساسا إلى 24 عملية تشجير لمساحة 1300 هكتار تقريبا، من شأنها تعويض الغابات التي أتلفت مسبقا بسبب الحرائق ببلديات: المشروحة، الحنانشة ،سيدي فرج، عين الزانة، أولاد إدريس، تاورة ،مما ساعد في توسيع المحيط الغابي بغرس فصائل متعددة من الأشجار. الحرائق العدو الأول للثروة الغابية تقف الجهات الوصية على الثروة الغابية إلى جانب السلطات الولائية جنبا إلى جنب في تطوير وحماية الفضاءات الغابية لسوق أهراس، وذلك من خلال تحديد هذه الأملاك الغابية، وتهيئة وفتح مسالك بطول 960 كلم، إلى جانب صيانة الشجيرات المغروسة حديثا من خلال برنامج مرافقة زراعي تقوم عليه الجهات الوصية على مساحة تتجاوز ال 05 آلاف هكتار، هذا إلى جانب تصحيح المجاري المائية المغذي الرئيسي لهاته الفسائل النباتية الصغيرة بحجم 3100 متر مكعب مع إنشاء أزيد من 20 منبعا مائيا و13 بيتا للزراعة البلاستيكية، وغرس ما يقارب 20 هكتار من التين الشوكي يضاف إليه غرس 03 آلاف هكتار من الغابات موزعة بين الأشجار المثمرة أغلبها من الزيتون. كما تتضح المرافقة الولائية بالقطاع الغابي بسوق أهراس أيضا في البرنامج الجاري تحقيقه متمثلا في البرامج المرصودة لتنمية الريف الجزائري، مدعما بآليات للتشجير وإعطاء الشجرة بصورة مجانية لكل فلاح له محيط زراعي بمميزات غابية يمكن له أن يستفيد من الدعم الموجه إلى تشجيع زراعة الشجرة، أهم هذه المشاريع غرس أزيد من 380 هكتارا أشجار مثمرة ومد 20 ألف متر طولي كمصدات للرياح إلى جانب تحضير أزيد من 32 مشروعا جواريا يمس مختلف جوانب التنمية الريفية . تهدف هاته المشاريع المساهمة في حماية وتعزيز الثروة الغابية باعتبارها موردا اقتصاديا هاما كما تعد عاملا أساسيا لامتصاص البطالة من خلال توفير العديد من فرص العمل. وساهم والي الولاية في تدعيم هذا المسعى الرامي إلى المحافظة على المحيط الغابي وتشجيع زراعة الأشجار، من خلال برنامج كبير يقوم على إعطاء الأولية في التشجير سواء كان ذلك على مستوى المناطق الحضرية بوسط المدينة والتي استفادت مؤخرا من حملة كبيرة لغراسة أشجار النخيل على مستوى أهم مداخل المدينة، وساحاتها العمومية، أو إعداد برنامج يقوم على تشجيع حملات التشجير إحساسا بالعمق الطبيعي للشجرة في المحافظة على البيئة الطبيعية، كما ينتظر أن تكون هناك عملية تحسيسية فيما يتعلق بالحفاظ على الشجرة وليس غرسها فقط.