قبل وصولي بيومين إلى مقام الشهيد في العاصمة أين أقيمت فعاليات الربيع الثقافي شاهدت على إحدى القنوات الجزائرية الخاصة برنامجا حول الأوضاع التي آلت إليها محلات رياض الفتح الذي وصفوه في ذلك بالشبح. وكان لي أن زرت كلا من مقام الشهيد ورياض الفتح مرات لا تحصى قبل هذا، فكلما حل ضيف من معار في على الجزائر إلا و أخذته إلى مقام الشهيد كمعلم أثري وحضاري للجزائر وطفت به على متحفي الشهيد والمجاهد، و غيرها طبعا من المعالم التي تزخر بها عاصمتنا. كلما استطعت إلى ذلك سبيلا. وصلت إلى مقام الشهيد للمشاركة في الربيع الثقافي بدعوة كريمة من نقابة ناشري الكتب للمشاركة في الأمسية الشعرية الافتتاحية.. والحق أنني كنت أحرص على الحضور اليومي للاستماع إلى الندوات الفكرية والأمسيات الشعرية تعويضا لابتعادي الطوعي عن حضور النشاطات الثقافية لأكثر من عام ونيف. كنت كل يوم أطوف على خيم دور النشر في معرضها الذي زامن الربيع الثقافي، فاقتنيت مونة ثلاثة أشهر قادمة من دار المدى، ما يساوي إحدى عشر كتابا من الأدب العالمي المترجم إلى العربية، حتى إن المسؤول عن مبيعات الدار قال: أنت الشخص الوحيد الذي اقتنى هذا العدد من الكتب منذ بدء المعرض، فقلت له.. لو بقي معي مال أكبر لاقتنيت كتبا أكثر. في كل يوم من أيام الربيع الثقافي، كنت ألمح حضورا أكبر للجمهور، رغم المطر الغزير الذي صاحب فعاليات الربيع الثقافي إلا أن الجمهور توافد لحضور ندوات وأماسي الربيع، إما مقاهي رياض الفتح فكانت تعجّ كل يوم بالأدباء المشاركين في المهرجان، أما محلات رياض الفتح فشهدت هي الأخرى نشاطا مصاحبا لنشاط مهرجان الربيع الثقافي ومنافيا لما عرض قبل يومين على تلك القناة.. ولعلّ للربيع ضلوع في ذلك. ولعلّ أكثر ما عزّز حظوة الجمهور في المهرجان الأنشطة المرافقة له.. فمن الندوات والأمسيات إلى معرض الكتاب، إلى مساحات خصصت لنشاطات الأطفال، ما جعل المشهد يبدو متكاملا.. غير أن أكثر ما أثر في شخصي وفي الفعالية بشكل عام تأثيرا ايجابيا؛ الحضور اليومي لوزير الثقافة غالى خيمة الندوات والأمسيات، وحضوره أمسيات الشعراء.. في مشهد لم يتعود عليه لا الأدباء ولا الجمهور، فقلما رأينا وزيرا يتعدى حضوره لفعالية ما الافتتاح، إلا إن الوزير الحالي خالف المألوف وجلس إلى جانب الجمهور كواحد منهم، وهذا ما من شأنه أن يعزز دور المثقف في منصبه ودور المنصب في الارتقاء بالوعي العام. فحتى أدبائنا الكبار الذين شاركوا مع الأدباء الصغار في هذا المهرجان لم يكلفوا أنفسهم متعة الاستماع إلى أديب شاب، فكانوا وبمجرد أن تنتهي وصلتهم يغادرون المكان مخلفين ورائهم اللاشيء..!! لعلها لن تكفيني هذه المساحة لقول كل ما دار في فعالية الربيع الثقافي من ايجابيات كثيرة و سلبيات قليلة، إلا أنه كان فسحة جميلة لتناول العديد من القضايا الفكرية، وكان فسحة أجمل لقول قصائد لشعراء عرب وجزائريين من جزائر الجمال والسلام..