طرح التساؤل من يصنع المشهد الثقافي في الجزائر، أهو الحدث أو النشاط في حد ذاته، أم الإعلام الثقافي، الموضوع محل نقاش بين الباحثين في مجال الإعلام، حسب الدكتور أحمد حمدي عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، حيت يؤكد البعض في إجابتهم «أن النشاط الثقافي هو من يصنع المشهد»، في حين يفند د.حمدي ذلك بقوله أن الحدث لابد أن يكون ليرافق الخبر الإعلامي، لكن الإعلام هو من يحوّله إلى مادة مروجة. أشار د. حمدي في تصريح ل»الشعب» أن المشهد الثقافي اليوم، وبالرغم من كثرة النشاطات، يفتقر إلى التغطية الإعلامية الصحيحة، إذ لم تعد الثقافة تدخل في إطار الأولويات في التغطية الصحفية عند الكثير من الوسائل الإعلامية، وأصبح القسم الثقافي إن وجد في بعض العناوين، لا يظهر بصفة قارة، ويستعان به لملء الفراغ الذي يدره نقص المادة في بعض الأحيان». وتأسف المتحدث لهذا الوضع الذي آل إليه الإعلام الثقافي، مستذكرا بالمقابل، العصر الذهبي الذي عرفه الإعلام الثقافي، مع الستينات والسبعينات، عبر الإعلام العمومي وفي التسعينات مع بعض الصحف الخاصة مع التسعينات وفتح المجال الإعلامي، حيت كانت الصفحات الثقافية، مثل النادي الأدبي الذي كان يصدر بجريدة «الشعب»، يضم القصة القصيرة والقصيدة، والمسرحية المسلسلة، والمقال النقدي، وبصورة منتظمة. وأضاف د.حمدي في هذا السياق قائلا: «أنه من المؤسف أن نرى اليوم، أن الصفحات الثقافية، أصبحت عبارة عن أخبار سلالية، كما تغيب فيها القصة والمقال النقدي والأدبي وغيرها». وفي سياق، أخر، سبق وأرجع وزير الاتصال حميد ڤرين تغييب الإعلام الثقافي عن الواجهة، إلى العشرية السوداء التي قلبت موازين الأولويات في مجال تغطية الخبر، الرأي الذي شاطره، د حمدي، لكن مع إبداء تحفظ مفاده انه لا يجب أن نعلق كل الأسباب على نفس الشمعدان، مشيرا أنه، لا شك أن العشرية السوداء، قد أثرت كثيرا على الإعلام والمشهد الثقافي، والاجتماعي في آن واحد، لكن وسائل الإعلام نفسها، أصبحت لا تجعل الصفحات الثقافية في سياق أولوياتها، خاصة تلك التي تهتم بالإثارة، والتي تقدم الخبر المثير بغض النظر إذ كان سياسيا أو ثقافيا، أو اجتماعيا، أو اقتصاديا، فيما تحاول الصحافة الأخرى أن توازن، لكنها تبقى بعيدة كل البعد من أن تعطي للجانب الثقافي حقه. ويرى المتحدث، أن إرجاع الإعلام والمشهد الثقافي إلى العصر الذهبي الذي عرفه في السبعينات، منوط بإعادة النظر في الأولويات ووضع استراتيجيات حقيقة للتغطية الإعلامية للنشاط الثقافي والتعامل مع المقروئية المتزايدة، بإعطائها مكان تستحقه من أخبار أدبية و ثقافية، مع التأكيد أن الإعلام الثقافي موجه بالدرجة الأولى إلى النخبة والمثقفين. وشدد د.حمدي على أن الإعلام هو من يروج للنشاط الثقافي ، وأن الكاتب أو الشاعر أو الأديب أو الفنان، إذ لم يلق من يظهره للقراء أو الجمهور ويروج لأعماله، تبقى هذه الأخيرة طي النسيان.