استهل أمس البروفسور »ڤاب دوزوان« المدير العام للمركز الهولندي للعلاقات الدولية مداخلته بالحديث عن العلاقة التي تربط هولندابالجزائر. والتي قال بشأنها بأنها عبارة عن علاقات مباشرة في المجال التجاري، بحكم أن الجزائر تستورد منتجات الألبان ومشتقاته من البلد (هولندا)، لكنه استطرد قائلا: بأن بلاده لا تعرف الجزائر جيدا، على غرار المغرب، حيث تشهد العلاقات تطورا كبيرا. وأضاف البروفسور »ڤاب«، بأن سبب العلاقات الاقتصادية الموسعة بين هولندا والمغرب، يرجع إلى عدد الجالية المغربية المقيمة ببلاده والمقدر عددها ب 800 ألف مواطن مغربي من جملة 17 مليون نسمة من الشعب الهولندي، فيما لا يتعدى عدد الجالية الجزائريةبهولندا 10 آلاف جزائري، مشيرا إلى أن معرفة هولندا بدولة تونس مردها، أن معظم الهولنديين يقضون عطلهم بتونس. أكد المدير العام للمركز الهولندي للعلاقات الدولية، لدى تنشيطه ندوة بعنوان »الإندماج الأوروبي والطاقة« بمركز »الشعب« للدراسات الاستراتيجية، على أن هولندا مهتمة بتوسيع العلاقات الإقتصادية في مجال الطاقة مع الجزائر، وكذا مد أنابيب الغاز الجزائري إلى هولندا، مشيرا إلى أن »رتردام« قامت باستثمارات مهمة في هذا الميدان. وأضاف البروفسور »ڤاب دوزوان« بأن هولندا بدورها ستعمل على نقل الخبرات في مجال تسيير الماء والمجال البيئي إلى الجزائر، ومساعدتها على تطوير مختلف القطاعات كقطاع البنوك والمالية، والصحة والفلاحة، كون هولندا تملك قدرات في هذا المجال. غير أنه لم ينف وجود تحسن في بعض القطاعات المصرفية، والبنكية، مفيدا بأنه ينبغي على الجزائر تقبل الاستثمار في هذا المجال، وبالنسبة للعلاقات الثنائية بين الجزائروهولندا أضاف البروفسور بأن هناك ميادين عديدة يمكنها أن تكون مرجعا في مجال التعاون بين البلدين. وبالموازاة مع ذلك، اعتبر المتحدث إنشاء مشروع منطقة التبادل الحر، بأنه مشروع مربح، ويحمل مزايا كبيرة للدول العضوة فيه، لكنه تساءل عن سبب تخوف بعض المسؤولين الجزائريين من الانضمام إلى هذا المشروع، وذكر في هذا الإطار بمشروع »برشلونة الأول« المعلن عنه سنة 1990م، والذي أسفر عن إنشاء الإتحاد المتوسطي قائلا: بأنه كلما يعلن عن مثل هذه المشاريع المشتركة بين الإتحاد الأوروبي ودول شمال إفريقيا، تعترضها مشاكل سياسية تتعلق بالشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ودعا الخبير الأمريكي إلى ضرورة حل القضية الفلسطينية، عبر إقامة دولتين، دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية ومحاولة تطوير استراتيجية أخرى على مستوى هذه المسألة. وعلى الصعيد العسكري أكد المدير العام للمركز الهولندي للعلاقات الدولية، بأن بلده حاضر بجيشه بكل الدول التي تعاني حروبا أهلية كالعراق، الصومال، والكونغو، وهذا قصد ضمان استقرارها وأمنها، مشيرا إلى أن هولندا تهتم بإرساء السلم في هذه البلدان التي تعاني صراعات. وفيما يتعلق بمسألة المسار الأوروبي، أفاد البروفسور »ڤاب« بأن دولة هولندا استفادت كثيرا من هذا الأندماج في السوق الداخلي الكبير للدول الأوروبية والذي سمح بتطوير مختلف القطاعات كالنقل، الفلاحة، البنوك، والمجال المصرفي، وجدد تأكيده، بأن هذا الإندماج الأوروبي نجح بشكل كبير، بالرغم من أن المشروع ليس سهلا. وكشف في معرض حديثه عن دخول مرحلة جديدة من هذا المسار للإندماج الأوروبي، وهو تحسين مجال العدالة والدفاع العسكري بهدف محاربة الإرهاب، وقال أيضا بأن أوروبا لم ترتق بعد إلى مرحلة القوة على الصعيد الدولي وعلى الأوروبيين أن يفهموا بأننا دخلنا مرحلة قوة جديدة تختلف عن القوة العسكرية، ألا وهي القوة الإقتصادية، - مثلما هو الحال بالنسبة للصين. ولم يفوت الخبير الأمريكي الفرصة، بالتطرف لمسألة تعزيز الإقتصاد المغاربي، مشددا على ضرورة تفعيله، وذلك عن طريق معالجة المشاكل التي تعترض كل من دولة الجزائر والمغرب، والمنحصر في قضية الصحراء الغربية، من أجل الوصول إلى بناء إقتصاد مغاربي حقيقي. ويرى البروفسور »ڤاب« بأن هذا المشروع يمكنه أن يتجسد، بحكم أن منطقة المغرب العربي تتوفر على إمكانيات بشرية وطبيعية تؤهلها لتطوير اقتصادها والرفع من إنتاجها المحلي الخام، مؤكدا بأن هناك فرص كبيرة، ينبغي أن تنتهزها الجزائر لإقامة علاقة شراكة مع المغرب، مشيرا إلى أن الجزائر لديها مصالح مشتركة بين دول المنطقة، وينبغي عليها الاستفادة منها. وأبرز بالمقابل، حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومنحه الحكم الذاتي، مفيدا بأن هذه الرؤية منطقية.