هي رحلة قد تكون ممتعة أو قد لا تكون، الحكم ليس لي، المهم أن الزمان والمكان لعبا دورهما في البناء الداخلي ل ''الربيع بن يحيى'' الذي ظل في رأيي يملك قدرة على التأمل في الأشياء فانغرست في نفسه ألغاز وتساؤلات قد يجاب عنها أو لا يجاب. هكذا، عبر تلك المساحة الزمنية كانت هذه الرواية تنمو شيئا فشيئا إلى أن غرست الشجرة لتمنح الظل للكثير ولتكون محطة للطيور الجميلة ولتصبح شاهدة على أحداث تسرّ وتحزن، من هنا أزعم والحكم ليس لي مرة أخرى أني ابتعدت عن كتابة التقارير السياسية أو أداب الأزمة أو ما يسمّى بالإستعجالي، وحاولت أن ألجأ إلى الأسلوب البسيط في بعض الأحيان والمغري والذي يمنح الكاتب تفرّدا، ولكن عندما يجب ذلك والحكم ليس لي وحدي وإن كان هناك الرأي القائل: ''الكاتب ناقد قبل غيره، وهو موضوع يناقش، هي من خيط الذاكرة الرفيع ولهذا أتمنى أن ترقى إلى مستوى الرقي الرفيع لأنني أؤمن بقول الروائي التشيكي ''ميلان كونيدرا''، كلما أبدع كاتب في رواية بولع خالص كلما تطّلعت هذه الرواية إلى القيمة الجمالية المستديمة..''. هو حلم كل كاتب ملَك الموهبة وأهّلته التجربة إلى اكتشاف آليات الإبداع العفوي وهذه خاصية أخرى لكاتب ومبدع أراد النجاح.. النجاح بعين الناقد وعين القارئ طبعا... هي رحلة لطائر عبر الفضاءات المشبعة بالنسيم والإخضرار ورائحة البارود وفوضى الناس وأفراح النصر. هي رحلة في رياح جوف المهري وتحت سقف صفحات حوش بوخلخال وعطر مقهى شارع العربي بن مهيدي داخل أروقة المبنى الرمادي وفي الأخير حول شجرة الدّهر ساكنة الجنوب ''الطاروت''، فهل تمتع من يقوم بها عبر هذه الكلمات؟! السيرة الذاتية هي منبع صادق لقضايا شخصية مثارة وحديث نفس مهم وخاصة إذا كان يحمل ما يهم الكثير وهنا يعجبني أحد الأقوال: ''تكتب السيرة الذاتية كي تسير عيون القراء بحياتهم''. في الرحلة محطات شخصية تبدو صورا لمراحل عشتها غير أنها تبدو مليئة ببعض النزول والصعود وببعض رائحة التاريخ فجاء القلم الأزرق ليحول ذلك إلى حبر أتمنى أن يكون ذلك نفاذا وجذابا للقارئ، لقد بدا من تاريخ المنجز الكمي من الأعمال الروائية أن نسبة كثيرة جدا من هذه هي عبارة عن سير ذاتية جسّدها الكتاب وأبدعوا فيها أيما إبداع، لأن القارئ وجد حياته فيها أولا وهو المعني بالدرجة الأولى في العملية كلها وخاصة أنهم أداروا هذه العملية بكل إتقان بعيدا عن مذكرات عادية وهذا برؤية جديدة في كل مرة، فحولت هذه المراحل الحياتية إلى نصوص أدبية راقية ترقى إلى مستوى العمل الروائي.