إن النص الشعري عبارة عن مجموعة بنى أو علاقات كما يذهب إلى هذا «دي سوسير»، حيث فيه بنية معرفية وهي اطروحات فكرية قال عنها باختين لا يحمل الأثر الإبداعي طابع جمالي فقط، بل طابع معفري وبنية ايقاعية ما يعرف بموسيقى القصيدة الداخلية والخارجية وبنية ابداعية اي الصورة الشعرية التي ذكرها ارسطو في كتابه (فن الشعر) مع بنية خيالية وكل هذه العوامل تجمع تحت نسق واحد يطلق عليه نصّ شعري سواء نثري او عمودي . هذه العلاقات تعدّ داخلية أنتجت من خلال موهبة يملك الشاعر الذي طرح منتج وظلّ علاقة خارجية مهمة هي علاقة الكتابة بالمتلقي الذي ينتهي اليه الخطاب، فهو المعني ونجد الشاعر مجاهد ابو الهيل اشتغل على كل هذه ألبنى في نصّه الذي عنونه (لامرأة تعرفونها) ومن العنوان الذي هو عتبة العمل نجد خطاب مفتوح موجه للذائقة العامة لأن العنوان اول ما يقع عليه نظر القارئ ومن خلال يصدر الحكم على العمل وهو مفتاح الدخول إليه يقول الشاعر في نصّه: الحب نافذة... وقلبُكِ مقفلُ ويداكِ وردٌ أسمرٌ وقرنفلُ عيناك خارطة الظلام وهمسك السكران أغنية الحصاد... وبلبلُ والحقل ثغري... وجنتاك حمائمٌ شفتاي عشٌ للحمام وسنبلُ التفكيك ..الاستعارات الجمالية مفارقات فنية عند تفكيك هذا الجزء والدخول لعالمه نجد صور متعددة تحيلنا الى جمالية الإبداع عند الشاعر ومفارقة فنية تعاكس فهو بين ان الحب نافذة لكن، قلبه معلق ثم يضع استعارات جميلة بوصفه يدها ورد اسمر وعينها خارطة ظلام برع ان هذه الابتكارات شكلت صورة تثير الدهشة عند المتلقي لما حملته من تعبير ( توضح قدرة ابو الهيل على صناعة الصور وكما هو معروف ان الشاعر يصل لمرحلة لا يستطيع ان يصل لها الإنسان العادي ولهذا كان الاغريق يعتقدون ان الآله تدخل في اجساد الشعراء وتقول الشعر وقال سقراط ان الشاعر كائن خرافي وهو ضوء. نهرٌ من القبلات ... مرّ على فمي مسترخيا يمشي وثغرك جدولُ عبثاً يُسائلني القميص فاستحي ويدايَ أجوبةٌ تُجيبُ وتسألُ قسماً بذاكرة القميص تكون هذه المقطوعة الفنية بتداخلات متنوعة على إيقاع حسّي، حيث تجد كل مقطع منها صورة مستقلة ترتقي ان تكون نص ونحن نعيش مرحلة الومضة والشذرة فالشاعر بقول نهرٌ من القبلات... مرّ على فمي تعد صورة وثغرك جدولُ صورة ثانية وقسماً بذاكرة القميص تنتمي للصورتين ان عدم وجود المركزية في شعر ابو الهيل يجعله اكثر ثراء واحتواء على نوعية خاصية بالتعامل معه من قبل القارئ الذي هو الشريك الثاني بالعمل. وانهُ لو تعلمين من القداسة أنبلُ أحرقت غابات النساء جميعها وأتيتُ يحدوني فؤادٌ أعزلُ لم احترف إلا يديكِ يجعلنا الشاعر في تناغم من خلال كاتبته ومع انه تكلم بذاتية عن حاله خاصة لكن شاركناه من خلال جوانب جمالية فنية في الكتابة والتي يمارسها فهو يوظف صور بطريقة خيالية مغيرا للواقع وخريج الأشياء من عالمها الى فضاءات أوسع وكما يقول الناقد العالمي هايد ان المدن تصبح اقل واقعية كلما اقتربت من الشاعر او عندما يقترب هو منها أي يحصل تغير على اعتبار ان للمبدع عين ثالثة يرى فيها ما لا ندركه وله اليات تولدت من مخيلته التي يتفوق بها على الإنسان العادي يصل المبدع على مرحلة يتجاوز فيها حتى نفسه ويخرج عن عاديته المعروفة عباءة تتهدلُ وطنٌ من الشرفات أثثّهُ الوداعُ مرافئي شتى وخليَ يرحلُ دراما شعرية في النص اشبه بالمسرح الشعري الذي اشتغل عليه الشاعر العربي صلاح عبد الصبور هو عبارة عن حكاية يرويها الاستاذ مجاهد ابو الهيل معتمد على قدرته في بناء المشهد فالنص في محاكاة وحوار متصل.