التخطيط الاستراتيجي وحماية احتياطي الصرف الفعالية التنموية والعدالة الاجتماعية ضمانا الاستقرار والنمو أبرز الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، من منبر ضيف “الشعب”، مدى النجاح الكبير الذي حققته الجزائر من خلال تنظيمها لمنتدى الطاقة الدولي ال15 واحتضانها اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول في ظل متابعة دقيقة لمجريات الحدثين من جانب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا إلى دوره المتميز في تنقية الأجواء ما أثمر تجاوز الهوة بين العربية السعودية وإيران للانتقال إلى أفق جديد قائم على المصلحة المشتركة بما يخدم تنمية الشعوب ومواصلة نهضة البلدان التي لا يزال اقتصادها مرتبطا بالمحروقات إلى حين إنجاز التحول الاقتصادي من خلال جسر التحول الطاقوي. في تشخيصه للأجواء التي سادت لقاء الجزائر، أوضح مبتول الذي حل ضيفا على الجريدة، أمس، أن اللقاء كان صعبا خاصة على مستوى العلاقات الحساسة بين إيران والسعودية العضوين في منظمة “اوبيب” فقد اقترحت الأولى العودة إلى حصتها في جانفي 2016 والمقدرة بإنتاج 10،1 مليون برميل/يوم مقابل أن تلتزم إيران بحصة 3,6 مليون برميل/يوم والعدول عن التوجه نحو إنتاج 4،2 مليون برميل/يوم. غير أن مصداقية الدبلوماسية الجزائرية وثقلها بكل مكوناته تمكنت من تذليل الخلافات وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف من اجل بناء توافق حقق إجماعا مثلما أكدته النتائج بالاتفاق على تجميد الإنتاج عند 32,5 مليون إلى 3 ملايين برميل في اليوم إلى حين الانتهاء من توزيع الحصص على الأعضاء من طرف لجنة للخبراء تقدم النتائج في اجتماع فيينا خلال شهر نوفمبر المقبل. وبعد أن ثمن جهود الدولة في توفير شروط نجاح المنتدى الدولي للطاقة أشار إلى عدم توقف الإعلام الحاضر بقوة عند النتائج التي تمخضت عن نقاش وتبادل الآراء بين الخبراء خاصة مسالة التحول الطاقوي التي اقرها لقاء الجزائر مسجلا نقطة أمام لقاء باريس المزمع تنظيمه في مارس 2017 حول الموضوع. وأكد أنه لا يوجد خبير يمكنه أن يتوقع اليوم ما قد يحدث في أفق 2020/2030 مذكرا بما صرح به الرئيس الصيني نفسه في اجتماع مجموعة ال20 الأخير بان بلده لا يمكن أن يتوقع التطورات وبالتالي يضيف مبتول أن أي خبير يدعي قدرته على توقع أسعار المحروقات، إنما يقود إلى تغليط الرأي العام والدفع بالمقررين على مختلف المستويات إلى الوقوع في الخطأ الذي يعتبر غير مسموح في مثل هذه الظروف الصعبة التي تتطلب التزام الدقة وإدراج التوقعات في سياق شامل. وفي هذا الإطار، اعتبر محدثنا أن وزير الطاقة لدولة الإمارات ونظيره القطري رئيس منظمة “أوبيب” كانا الأكثر واقعية باعتبارهما أن السوق من خلال العرض والطلب هي العنصر الذي يتحكم في تحديد الأسعار. وأعاد للأذهان مساهماته التحليلية خاصة التي نشرتها يومية “الشعب” مشيرا إلى أن معدل النمو للاقتصاد العالمي هو العنصر الجوهري الذي يحدد توجهات الأسعار، حيث رصد أربع سيناريوهات الأول توقع ارتفاع معدل النمو العالمي وبالتالي ترتفع أسعار البرميل إلى 60/70 دولار، الثاني معدل نمو متوسط يرافقه سعر بين 50 إلى 60 دولار، والثالث سيناريو معدل للنمو العالمي ضعيف كما ذهب إليه تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يكون السعر بين 45 إلى 55 دولارا، علما أن السعودية تقتنع بسعر 50/55 والجزائر تريد بين 50/60 دولار للبرميل، والسيناريو الرابع توقع حدوث أزمة مماثلة للازمة المالية الدولية لسنة 2008 فتراجع السعر إلى 40 دولار. وقد طرحت كافة هذه التوقعات في أشغال لقاء الجزائر غير أن بلدان “أوبيب” التي تحوز 5 بالمائة فقط من السوق العالمية للنفط لا ينبغي أن يراودها الحلم بارتفاع الأسعار إلى 80/90 دولار يقول الخبير مبتول الذي أكد بشكل قوي على ضرورة التحول الطاقوي خاصة بالنسبة للجزائر التي لديها القدرات بجعل الطاقة جسرا إلى بناء اقتصاد متنوع غير مرتبط بالمحروقات والانتقال إلى اقتصاد المعرفة المنتج للقيمة المضافة منبها إلى أن مدة سنتين أو ثلاث سنوات تمر بسرعة يوجب الانطلاق في العمل مبكرا ذلك أن تغيرا جذريا في سوق الطاقة مرتقب في 2020/203. وفي هذا الإطار أعاد مبتول للأذهان نتائج اجتماع مجلس الوزراء الأخير الذي دعا إلى تفعيل برنامج الطاقات المتجددة واعتماد الفعالية الطاقوية مستفسرا عن أسباب التأخر في تغيير أنماط البناء واستمرار نفس المواد دون إدراج الطاقة المتجددة في مشاريع العمران والتي تقلص من الكلفة بشكل معتبر. وبالنسبة للآفاق ومواجهة التحديات في أسوأ السيناريوهات، دعا مبتول إلى ضرورة الشروع في إنجاز مرحلة التحول الاقتصادي من بوابة المحروقات بالتركيز على قطاعات إنتاجية بديلة مع الحرص على حماية احتياطي الصرف وعدم التردد في التوجه إلى قروض خارجية عند الضرورة القصوى توجه بشكل صارم لتمويل مشاريع إنتاجية قابلة للتصدير إلى الأسواق الخارجية، موضحا أن الظرف يقتضي إحداث لجنة للتخطيط الاستراتيجي تتشكل من خبراء وتوضع تحت إشراف رئيس الدولة لرصد المؤشرات وإعداد التوقعات لضمان انتقال تحولات تحت عنوان الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية الضامنة للاستقرار والنمو.