لم تعرقل الأزمة المالية العالمية مشاريع الاستثمار التي سطرتها الجزائر للسنوات القادمة، ولم تفرض عليها حالة من المراجعة لها والتأجيل وإعادة الدراسة التقنية مثلما تعرفه أكثر من جهة في العالم، وهي جهات اهتزت تحت تأثير الأزمة مباشرة، ولا زالت تعيش اضطرابات حادة.وذكر أكثر من ممثل لمؤسسات التوظيف في الصالون الذي احتضنه فندق الماركير مؤخرا انه لم يطرأ أي تغيير على البرامج الاستثمارية، وان الذين يتعاملون معهم في الخارج بقوا أوفياء لما سطروه للسنوات المقبلة في الجزائر، عكس الدول الأخرى التي عدلت جماعة وفرادى عن برامج توظيف الرساميل بحكم الظرف الطارئ، وقررت تقليص بالآلاف في عدد العمالة لها بالوحدات التي تقلص فيها الإنتاج أكثر من غيرها، وتنذر ببلوغ الكساد الإجباري في أقرب وقت. ووضعت المؤسسات الاستثمارية ووكالات ضمان القروض الجزائر نصب الأعين، وتتولى الحديث عن الحالة الجزائرية ذات التمايز والاستثناء، وتنكب على فهمها مطمئنة الجميع بأجواء الاستثمار المريح في البلاد، المعزز بتدابير تخفف من الاكراهات الجبائية والجمركية والبنكية. ويظهر هذا بشكل ملفت للانتباه في المشاريع الإستراتيجية التي تمنح الدولة بشأنها ضمانات إلى ابعد الحدود، وتتولى بنفسها متابعة تجسيدها في الميدان، ومنها الهياكل القاعدية والبناء والعمران والموارد المائية، وبصفة خاصة المحروقات التي تستقطب رساميل المؤسسات الدولية من العيار الثقيل. ويتهافت عليها متعاملون يراهنون على الرصيد المعرفي والتجربة العريقة في نيل حصص لم تعد بالشكل اليسير في خارطة جزائرية تضيق تحت حدة المنافسة بفعل الانفتاح الكبير الذي ازداد اتساعا بتطبيق اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. واهتمت مجلة "البترول والغاز العربي" التي أعدت ملفا خاصا للجزائر بهذا الجانب، وكشفت بالملموس كيف تستمر الجزائر في الاستثمار في المحروقات ولا سيما الغاز بصفة استثنائية رغم الأزمة المالية العالمية. وذكر الخبير نيكولا سركيس بهذه الحقيقة، مشددا على أجواء الأعمال المريحة في الجزائر رغم القيل والقال، ورغم طلبات المزيد من الحصول على تشجيع اكبر للإجراءات التحفيزية في حقل الأعمال، والحديث عن نداءات مستعجلة لمزيد من التدابير لتسوية مشكل العقار الكابوس المفزع. وتكشف حقيقة الاستثمار الكبير في مجال الطاقة الإعلان عن خمس مشاريع غازية ضخمة خلال شهري جوان وجويلية ,2009 ويتعلق الأمر بانجاز محطات معالجة الغاز بقاسي الطويل، و رورد النوس، وبناء الأنبوب "جي.ك.,''3 واسترجاع الغاز الممزوج في حوض برقاوي. ويحمل مشروع الأنبوب "جي.ك.''3 مكانة إستراتيجية في المشاريع الاستثمارية بالجزائر التي تراهن على رفع قدراتها الطاقوية، فهو يسمح بزيادة 09 ملايير متر مكعب سنويا من قدرات نقل الغاز الجزائري، ويعول عليه في تلبية الحاجيات الوطنية، لا سيما لسونلغاز في مجال تعميم الكهرباء والتموين لقطار المستقبل الذي يستعمل وقود غاز البترول المميع، وهو محل البناء في سكيكدة، دون نسيان الأنبوب الغازي "غالسي" الرابط الجزائر بايطاليا بقيمة استثمارية 37,1 مليار دولار. وتعزز الجزائر مكانتها الغازية أيضا من خلال الأنبوب" ميدغاز" الذي يربطها باسبانيا من الجهة الغربية والذي يدخل حيز النشاط بدءا من السداسي الثاني من العام الجاري بطاقة 08 مليار متر مكعب في السنة، وقدرت كلفته ب 900 مليون دولار.