حين يجمع المرء بين الكتابة ومهنة النشر والطباعة والإصدار - مثل ما هو الشأن بالنسبة لرشيد خطاب - تكون له نظرة شاملة حول هذا المجال الذي يعد حلقة جوهرية في المشهد الثقافي، حيت تعد تطوير صناعة الكتابة وتشجيع المطالعة والمقروؤية من بين الرهانات الكبرى التي تسعى الوصاية على ترسيخها كغاية وكسبها في أقرب الآجال. اعتبر رشيد خطاب مدير دار النشر التي تحمل اسمه، أنّ مجال النشر سواء في العالم العربي عامة والجزائري خاصة يشهد اليوم إشكالية، فهناك التغيير التكنولوجي الذي طرأ منذ سنوات 2000 إلى اليوم، وكذا الرقمنة والعولمة، كلّها أسباب أثّرت سلبا على مجال النشر الورقي، إذ جعلت الطلب على الطباعة الورقية ينخفض كثيرا خلال السنوات الأخيرة. لكن بالنسبة للجزائر، يقول خطاب في تصريح ل «الشعب»، ليست الأسباب المذكورة أعلاه وحدها المسؤولة عن واقع النشر، بل تضاف إليها أيضا خلفية «أنّ هذا الأخير مهنة حديثة العهد، ففي السبعينات كان النشر والإصدار عموميا منحصرا على الدولة فقط، إلى غاية الانفتاح في سنة 1988 - 1989، أين تعددت دور النشر، ليزيد عددها أكثر فأكثر مع الألفية، كما نضيف أيضا إلى هذا المشهد كون المجتمع الجزائري يعتمد أكثر على الأدب الشفوي شفوي والناس تتقن فن الخطاب وتبتعد غالبا عن ثقافة الكتاب». وأكّد خطاب أنّ :دعم الدولة للنشر والناشرين مند بداية الانفتاح كان فعالا جدا، وساهم في تحسين نوعية النشر وخلق نوعا من الهيجان في الساحة الثقافية سواء بالنسبة للكتاب أو النشر، كما سمح أيضا هذا الدعم بتشجيع الترجمة من اللغات إلى العربية، ففي دار النشر الخطاب قمنا بترجمة كتب من الألمانية والفرنسية إلى العربية. لكن يضيف الناشر: «لقد خلق الدعم أيضا نوعا من الانتهازية في وسط الناشرين، حيت شجع البعض على امتهان النشر بهدف الربح المادي دون الاهتمام بترقية الإنتاج وصناعة الكتاب»، معتبرا أن مع حلول الأزمة المالية العالمية حاليا وتقليص دعم الدولة للقطاع، سيعرف حتما نوعا من التطهير، لكن نأمل أن تستمر الحكومة في دعم ومساندة القطاع، فحتى في الدول الراقية هناك دعم لمجال النشر والإصدار بالملايين الدولارات. وفي سياق آخر، شخّص رشيد خطاب العراقيل التي تواجه النّاشرين الجزائريين اليوم، وهو مشكل التسويق على الصعيدين المحلي والعالمي، مشيرا إلى أن قوانين الانفتاح ليست لها ضوابط، فهناك يقول إضافة إلى الدعم طلب كبير من الإدارة، يجعل الناشرين يكتفون به دون محاولة تطوير وسائل التوزيع، وقد سبق وأن طرحت هذه المشكلة خلال مناقشة « قانون الكتاب». ويستاء الناشر الجزائري اليوم من جهة أخرى «من المنافسة الشرسة التي تفرضها دور النشر العالمية، التي تدخل إنتاجها إلى السوق المحلية دون عناء في حين يدفع الناشر الجزائري الضريبة على الورق المستورد، وفي حين تستورد الكتب بدون رسوم جمركية، وهذا ليس عدلا، وهناك أيضا المنافسة غير العادلة من دور النشر الغربية والمشرقية التي تدخل إنتاجها بسهولة إلى السوق الجزائرية، في حين تبقى الأسواق الأجنبية الفرنسية على سبيل المثال، مغلقة في وجه الناشرين الجزائريين». للإشارة، ستشارك دار النشر خطاب في فعاليات الطبعة ال 21 من الصالون الدولي للكتاب ب 5 عناوين جديدة، كما سيقدم صاحبها النسخة المترجمة إلى العربية لكتابه التاريخي الذي يحمل عنوان «الإخوة والرفقاء».