عاد المشاركون في منتدى جريدة الجمهورية، المنظم، أمس الأول، إحياءً لليوم الوطني للصحافة، ليؤكدوا على ضرورة مزاوجة الحرية بالمسؤولية الأخلاقية والالتزام بالموضوعية والصدق والأمانة، من أجل إعادة الثقة بين المتلقي والمنتوج الإعلامي الجزائري. شدد المشاركون خلال هذا اللقاء، الذي شارك فيه عدد من الإعلاميين والمهنيين، على أهميّة أن يتسم الإعلام الجزائري، السمعي - البصري والمكتوب بالحياد والاستقلالية، كشرطين أساسيين لتحقيق الغايات المطلوبة، مع ضرورة أن يواكب التحولات السياسية والدستورية التي تشهدها الجزائر. أكّد محمد لعقاب المحلل السياسي وأستاذ بكلية الإعلام بجامعة الجزائر، خلال تنشيطه محاضرةً حول واقع الإعلام في الجزائر، على ضرورة تحديد الآليّات الكفيلة بالإسراع في تطوير قيم إخبارية جزائرية، بالإضافة إلى تحديد زاوية المعالجة والإفراج عن سلطة الضبط ومجلس أخلاقيات المهنة، المنصوص عليه صراحة في قانون الإعلام الصادر في 2012. وأوضح ضيف الجمهورية، أن أكثر المواثيق الأخلاقية الصحفية احترافا، تأخذ بعين الاعتبار القيم الصحفية التي تسمى أحيانا المعايير الإخبارية، في الوقت الذي لاتزال فيه الصحافة الجزائرية، تعتمد على القيم الإخبارية الغربية، متسائلا: هل الإعلاميون الجزائريون يدركون حقا ماهية القيم الإخبارية؟ ثم أجاب قائلا: يمكن للواحد أن يعرض معيارا أو معيارين، لكنها قيم غربية، قائمة على ممارسات هذه الدول. كما أبرز في هذا الإطار، خطورة شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع التي تعتمد عليها الكثير من وسائل الإعلام في استقاء الأخبار والاطلاع على ما يجري في العالم، قائلا: «آن الأوان لأن يلعب القطاع دور الرقيب الاجتماعي وأن ينتقل إلى الهجوم بدل أن يبقى دائما محل دفاع». وعلى ضوء هذه المعطيات وأخرى، اتهم الدكتور محمد لعقاب، بعض الجرائد الجزائرية والقنوات الإعلامية، التي تعمل على تصدير القضايا الداخلية في صورة مشينة ومرعبة، بأنها تعمل جنبا إلى جنب جماعات إثارة الفتن والفوضى، مستغلين الحرية الإعلامية التي يتمتع بها القطاع، قائلا: «الجزائر أولى من السبق الصحفي ورموزها الوطنية خط أحمر». وعاد السيد تفرقنيت عبد الكريم، أستاذ بجامعة الجزائر، في هذا الإطار، إلى عهد الحزب الواحد بالجزائر سنة 1982، لافتا إلى دورة تكوينية خصصتها آنذاك اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني لتشريح الإعلام الجزائري، وصلوا إلى نتائج بأن الإعلام الجزائري فقد ثقة المواطن. كما شدّد الأستاذ الأكاديمي على وجوب التأكد من مصدر الخبر، أكان صادرا عن القطاع الخاص أو العمومي، قبل الإسراع في نشره، مع إعطاء الأهمية القصوى للمواضيع ذات الصلة المباشرة بالواقع المعيش وانشغالات المواطنين، وبالتأكيد على وجوب الفصل بين الخبر الذي يعتبره مقدسا وبين التحليل والتعليق، حتى لا تمارس وصاية على القارئ. وأشار في سياق متّصل، إلى تهديدات ما وصفها ب «صحافة التطوع»، التي يتخذ منها عديد المحسوبين على القطاع، وسيلة لتحقيق مآرب أخرى على حساب الصحافة المهنية، حتى أصبحت هذه الفئة تشبه إلى حد كبير ما يعرف ب «الصحافيين المواطنين» والتي لعب دورا كبيرا في تغطية أحداث لم تتمكن وسائل الإعلام التقليدية من الوصول إليها، خصوصا المواضيع الشائكة والتي تثير جدلا دوليا. يقول، إنّها واحدة من أهم الأسباب وراء تعاظم دور شبكات التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية، التي باتت تعتمد عليها وسائل الإعلام التقليدية في تغطيتها لبعض الأحداث المهمة في العالم، وهو ما يعكس المستوى المهني والأخلاقي لبعض تلك المؤسسات. داعيا في هذا الصدد، إلى ضرورة التفكير الجدي في إحداث قنوات وجرائد دولية، تمولها الدولة كمصدر مركزي رسمي للمعلومات، في إشارة منه إلى جريدة «الشعب» ذات الصبغة الدولية، ومحاولاتها المتواصلة لتعزيز النقاش حول قضايا جزائرية ودولية مصيرية. كما أبرز الأستاذ الجامعي، أهمية الرهانات الأخلاقية والمبادئ والضوابط التي من شأنها تحقيق التوازن بين الممارسة المهنية وقضية المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية تجاه المجتمع، حتى لا تبقى هذه الممارسة خارج الإطار المتعارف عليه. كما تطرق إلى عديد الملاحظات حول الخط الافتتاحي، بالنسبة للقضايا السياسية، مؤكدا على ضرورة تحديده وعدم تجاوزه، وفي حال تغييره تمنح لصحافييها ما يعرف بمنحة الضمير. وبعد أن أشار إلى التقدم الحاصل في قطاع الإعلام بمختلف تلويناته، أكد نفس المتحدّث على ضرورة احترام القوانين المنظمة، التي تقرّ صراحة بنسبة فائدة، تخصّصها المؤسسة لمواردها البشرية، كمبدإ أساسي لتحقيق الجودة والفعالية المطلوبتين. فيما يتمثل الرهان الأكبر المطروح في تحديد العلاقة بوضوح، ما بين الحكومة، المتمثلة في السلطة، ووسائل الإعلام عن طريق نصوص واضحة وميكانزمات شفافة. من جهته ذكر الاعلامي إبراهيم حنيفي ل «الشعب»، بتأثير ظاهرة السبق الصحفي على نوعية الأخبار والمادة المقدمة واعتبر أنّ المنافسة بين وسائل الإعلام مشروعة والوصول للخبر بسرعة وتقديمه بطريقة حصرية يعد هدفا لكافة الإعلاميين والقنوات، كما يمنح صاحبه أيضا تفوقا واضحا، وبعد تقديمه بأسرع وقت ممكن. ثم عقب قائلا: لكن تبقى المصداقية في تقديمه رأسمال وسائل الإعلام. فالسبق الصحفي مرتبط بسرعة تقديم الخبر، لكن مع مراعاة المصداقية التي تعد شعارا لمهنة الصحافة، قائلا: الانفراد بحصرية الأخبار من دون معاينة صحة الخبر أو حتى البحث عن معالجته من ناحية وزاوية، تضر أكثر مما تنفع. بدوره أكّد رئيس خلية الاتصال على مستوى مديرية الأمن بالولاية، محافظ الشرطة رحماني عبد الرحمان، على المكانة الهامة التي توليها المديرية العامة للأمن الوطني بقيادة عبد الغني هامل للأسرة الإعلامية، انطلاقا من فكرة تسهيل مهمتها المقدسة وتمكينها من المعلومة.