سيكون مسؤولو القنوات التلفزيونية الخاصة أمام ضرورة الالتزام بالتوجيهات التي أملتها عليهم وزارة الاتصال، من خلال المراسلة شديدة اللهجة التي ألزمتهم بإفراغ شبكة برامج القنوات من كل مظاهر العنف والمشاهد المنافية لتقاليد المجتمع. الدكتور الإعلامي، محمد لعقاب: يجب منع القنوات الخاصة من الترويج للعنف بعيدا عن كبت حرية التعبير قال الأستاذ والدكتور المتخصص في المجال الإعلامي، محمد لعقاب، في حديث ل »صوت الأحرار«، أن مراسلة وزارة الاتصال التي وجهتها إلى بعض وسائل الإعلام الخاصة، لإلزامهم بالإسراع في إفراغ شبكاتهم البرامجية من مظاهر العنف والمشاهد المنافية لتقاليد المجتمع الجزائري، جاءت لتنبه بعض وسائل الإعلام على أنها انحرفت في بعض برامجها ويجب أن تعود إليها ولا علاقة لها بأي تضييق، واعتبر أن هذه المراسلة تتماشى مع ما لاحظه الرأي العام أو المواطن الجزائري، بخصوص تدني البرامج الفكاهية خلال شهر رمضان، وبالمقابل ورغم كل هذه الإجراءات إلا أن حرية التعبير يجب أن تبقى حقا مكفولا وخطا أحمرا في إطار المهنية والاحترافية. ما رأيكم في المراسلة التي وجهتها وزارة الاتصال إلى القنوات التلفزيونية الخاصة، لإلزامهم بالإسراع في إفراغ شبكاتهم البرامجية من مظاهر العنف والمشاهد المنافية لتقاليد المجتمع الجزائري؟ إن مراسلة وزارة الاتصال إلى القنوات الخاصة، جاءت متماشية مع ما لاحظه الرأي العام أو المواطن الجزائري، بخصوص تدني البرامج الفكاهية خلال شهر رمضان، حيث انحرفت عن طابعها الفكاهي وأخذت الطابع الدرامي العنيف، لكنها لفي نهاية المطاف لم توفق لا في هذا ولا في ذاك، بل من الناحية النظرية، فإن البعض من هذه البرامج أصحبت تكرس ثقافة العنف ومعروف في الدراسات الإعلامية وجود نظرية تعرف باسم »نظرية الغرس الثقافي«، فمن خلال تكرار مشاهد العنف تنغرس هذه الثقافة في ذهن المشاهد وخاصة الأطفال، إذا بيان وزارة الاتصال جاء ليعيد الأمور إلى نصابها وهذا أمر عادي جدا في ظل غياب سلطة الضبط التي من صلاحياتها متابعة هذه القضايا وضبط الأمور الخاصة بالسمعي البصري، ومنه يتعين على الحكومة الجزائرية الإسراع في إنشاء سلطتي الضبط لكل من قطاع الصحافة المكتوبة والسمعي البصري. وبالمقابل، تجدر الإشارة إلى أن القنوات العمومية نفسها والتي هي مطالبة بتقديم خدمات أفضل من القنوات الخاصة، لم تقدم برامج في مستوى تطلعات المشاهد الجزائري وتكون بديلا لتواضع مستوى برامج القنوات الخاصة. ألا ترون بأن هذه المراسلة تزامنت مع الاعتداءات الإرهابية الأخيرة التي ضربت كل من تونس، الصومال، الكويت وفرنسا، من منطلق أن هناك بعض الفضائيات التي تروج للعنف؟ الأصل في الأشياء هو أن تتحمل وسائل الإعلام مسؤوليتها اتجاه حماية الأمن القومي الوطني، وهذه المسؤولية تمر عبر مجموعة من »التنازلات«، فنحن نعيش ظرف إقليمي متقلب ولسنا بعيدين عن تداعياته وانعكاساته وفي مثل هذه الظروف تصبح منح الكلمة للمتطرفين مغامرة غير مضمونة العواقب وهذه القضية لا علاقة لها بحرية التعبير، فالحرية التي قد تمس باستقرار بلد أو بتماسك المجتمع وبمقدورها أن تزرع بذور الفتنة، لم تعد حرية بأية حال من الأحوال. وإذا اقتصت الضرورة بمنح الكلمة لمختلف الناشطين من سياسيين وغيرهم، فعلى الصحافة ووسائل الإعلام، عليها أن تتحمل مسؤولية ما ينشر وما يبث، وقد بينت الكثير من الدراسات التي عرفت هزات سياسية واجتماعية مثل يوغسلافيا سابقا، وبعض الدول العربية، هو أن وسائل الإعلام بمنحها الكلمة للمتطرفين عقدت الوضع أكثر وصعبت من مهمة الحلول السياسية والنتيجة هي أنها عمقت التوجه نحو العنف. ألا تعتبرون مراسلة وزارة الاتصال تضييقا على الممارسة الإعلامية؟ الحرية الإعلامية التي لا سقف لها تصبح معول هدم فالحرية يجب أن تكون مقرونة بالمسؤولية، وكذلك يجب أن تأخذ بأخلاقيات المهنة التي يجب أن تتطابق بدورها مع قيم المجتمع وتطلعاته نحو الأمن والاستقرار والتنمية والرفاه الاجتماعي، ووسائل الإعلام كذلك يجب أن تعتمد على موصوفة قيم خلال أدائها لمهامها الإعلامية النبيلة، ومعروف أن كل الأنظمة الإعلامية لديها قيم إعلامية تستند إليها ويلاحظ أن وسائل الإعلام الجزائرية على خلافها، أضحت تعتمد أكثر فأكثر على القيم الليبرالية التي تقوم في الأساس على الإثارة والتضخيم، وحري بنا أن نطور قيم خاصة بالإعلام الجزائري مع الاستفادة من القيم العالمية، ولتوضيح الفكرة أكثر فإن المراسلة جاءت لتنبه بعض وسائل الإعلام على أنها انحرفت في بعض برامجها ويجب أن تعود إليها ولا علاقة لها بأي تضييق. في اعتقادكم على ماذا يعود هذا الانحراف؟ هذا الخلل هو ناجم أولا عن المنافسة القوية بين مختلف القنوات الجزائرية، وتحت تأثير نظرية الإثارة أصبحت كل قناة تعتقد أن هذا الطابع الدرامي الضيق سوف يقوم بتسويق القناة أكثر، وحتى لو كانت هذه الفكرة صحيحة من الناحية التجارية، فإن المؤسسات الإعلامية، هي مؤسسات »نبيلة« ولا يجوز لها أن تعتمد فقط على الطابع التجاري لأن هذا يجعلنا نبيع كل »شيء«. كما أن معظم القنوات الناشئة تعتمد في معظمها على صحفيين شباب ممتلئين بالحيوية والاندفاعية وقليلي الخبرة والاحترافية، وربما ليس لديهم التأطير اللازم والضروري، وبالتالي قد يقعون فيما يسمى بالأخطاء الطيبة، أي ينحرفون على الأهداف النبيلة من دون قصد. هل نفهم من كلامكم أنه إدانة لهذه القنوات؟ لا، أبدا، فهذه القنوات رغم أنها مازالت أجنبية في عرف القانون، إلا أنها تمكنت في ظرف وجيز من فرض نفسها على الساحة الإعلامية وأصبحت تحظى بمشاهدة عالية تفوق أحيانا مشاهدة القنوات العمومية، وأكثر من ذلك تمكنت من استرجاع المشاهد الجزائري من القنوات الأجنبية، كما أصبحت في نفس الوقت صوتا مسموعا للمعارضة والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، أي أنها عززت الفكر الديمقراطي للبلاد وبالتالي فإن هذه القنوات لا تحتاج إلى التحذير أو التهديد بقدر ما هي بحاجة إلى الرعاية والمرافقة من طرف الدولة. في هذا السياق، ما هو الدور الواجب على الدولة أن تلعبه؟ حاليا توجد أكثر من 15 قناة خاصة، ولكن 5 فقط منها متحصلة على الاعتماد، وهذا أمر غير معقول، لأنهم كلهم جزائريين، وهؤلاء جميعا يدفعون حقوق البث لجهات أجنبية فالأولى أن يدفعوها هنا في الجزائر، كذلك ينبغي الإسراع في وضع دفتر شروط لهذه القنوات الذي يعد بمثابة دستور مهني يحدد لها كيفية التعامل مع الأطفال، الانتخابات وغيرها من القضايا، يحدد كذلك حجم البرامج الوطنية، سعر الإعلانات وحجمها، كما على السلطات العمومية أن تدرك أن التفكير في اتجاه سحب التراخيص أو إقفال هذه القنوات هو خط احمر لأنه يضرب مصداقية الدولة في الصميم بخصوص الحريات الإعلامية والسياسية ويجعلها عرضة لضغوطات دولية متعددة الأطراف. إعلاميون يجمعون على أن قرار الوزارة كان صائبا رغم أنه جاء متأخرا بعض القنوات الخاصة تجاوزت الخطوط الحمراء أكد عدد من الصحافيين والإعلاميين في تصريحات جمعتها »صوت الأحرار« أن قرار وزارة الاتصال القاضي بتوقيف القنوات التي تحرض على العنف، كان صائبا وإن أوضح البعض منهم على أنه جاء متأخرا نوعا ما، حيث التقت وجهات نظرهم في أن بعض القنوات الخاصة تجاوزت الخطوط الحمراء في معالجة بعض القضايا. أمين حران من قناة "دزاير نيوز" تحرير السمعي البصري قبل تنظيمه تسبب في نوع من الفوضى يرى أمين حران الإعلامي بقناة »دزاير نيوز« إن التعليمة التي أصدرتها وزارة الاتصال والتي تقضي بتوقيف القنوات الخاصة المحرضة على العنف أن القرار يخص القنوات التي تبث برامج تحوي مشاهد عنف وتشيد ربما بطريقة غير مباشرة بالعنف حتى ولو في قالب هزلي فكاهي..ولأن الإنتاج التلفزيوني في الجزائر كان حكرا على القطاع العام فإن تحريره قبل تنظيمه تسبب في نوع من الفوضى التي تتحمل الحكومة جانبا منها والباقي يعود إلى غياب اللجان المختصة في القراءة داخل القنوات الخاصة وغياب الأفكار لدى المنتجين وطبيعة التنافس التي تدفع أحيانا إلى التسرع على حساب المضمون. وحول إن كان هذا القرار يمثل تضييقا لحرية الإعلام قال أمين حران إن الحرية لابد أن لا تمس باستقرار ووحدة المجتمع ولو تعلق الأمر بملف أو قضية فأنا اعتبره تضييقا لكن المسألة تتعلق بظاهرة اسمها العنف وهذا أمر طبيعي خاصة وأن بعض هذه القنوات أوقفت بث الكاميرا الخفية بمجرد إخطارها بذلك..لكنني أعيب على الوصاية عدم التواصل والتنسيق بخصوص مثل هذه البرامج ريثما يتم الانتهاء من إعداد دفتر الشروط. محمد شراق من جريدة "الخبر" الوزارة لها جانب من الحق نظرا لتجاوزات بعض القنوات قال الصحفي بجريدة الخبر محمد شراق »إن تعليمة الوزارة حق أريد بها باطل« فهي محقة لما توجه انتقاد لاذع للقنوات التي تحرض على العنف لكن لا يحق لها التهديد بسحب الترخيص لأن العدالة هي الجهة المخولة بمعالجة هذه الأمور والنائب العام هو من يتحرك تلقائيا ولا ينبغي أن نهرب إلى الحلول السهلة ذات الخلفية السياسية بالتهديد بسحب التراخيص. وفي المقابل أوضح شراق قائلا »لكن الوزارة لها جانب من الحق نظرا لتجاوزات بعض القنوات التي تبث برامج تحث على العنف خاصة في شهر رمضان، وبالتالي معالجة هذه القضايا ينبغي أن تولى للعدالة التي تتحرك فور تسجيل أي تجاوز على أن يتم الإخطار به من قبل سلطة الضبط وليس الوزارة. حسان حويشة من "جريدة "الشروق" ضبط برامج الكاميرا الخفية كان صائبا من جانبه قال حسان حويشة الصحفي بجريدة الشروق »اعتقد أن بعض البرامج وخاصة الكاميرا الخفية تخطت الحدود المتعارف عليها وتجاوزت الخطوط الحمراء وظهرت فيها مشاهد عنف وتحريض عليه"، مضيفا بالقول "اعتقد أن ضبط برامج الكاميرا الخفية كان صائبا". أحمد حنيش من وكالة الأنباء الجزائرية رد فعل وزارة الاتصال كان متأخرا جدا قال أحمد حنيش صحفي بوكالة الأنباء الجزائرية أعتقد أن رد فعل وزارة الاتصال كان متأخرا جدا، متسائلا عن الصمت المطبق من قبل الوصاية عن بعض التجاوزات التي تتنافى وميثاق أخلاقيات المهنة الذي كان يشدد عليه وزير الاتصال حميد قرين منذ مجيئه على رأس الوزارة، مضيفا أن التحريض على العنف قد استفحل في حتى في مجال الغناء. بسبب التجاوزات المتكررة في حصتي "ألو وي" و"جرنان القوسطو" سلطة الضبط تستدعي مدير قناة الخبر "كا.بي.سي" وتبلغه إنذارا شفهيا استدعت سلطة ضبط السمعي البصري أمس، مدير قناة الخبر "كا.بي.سي"، علي جري, وبلغته إنذارا شفهيا بسبب التجاوزات المتكررة في حصتي "ألو وي" و"جرنان القوسطو". وأفاد بيان لسلطة ضبط السمعي البصري أن رئيس هذه السلطة ميلود شرفي استدعى علي جري مدير قناة الخبر كا.بي.سي وبلغه إنذارا شفهيا بسبب التجاوزات المتكررة في حصتي »ألو وي« و»جرنان القوسطو« التي تمادت في التجريح والسخرية بمس الأشخاص بما فيهم أسماء رموز من الدولة ومسؤولين بارزين في مختلف هيئات ومؤسسات الجمهورية. وأكد شرفي بأن هذه التجاوزات تعد خرقا لأخلاقيات المهنة وتقع تحت طائلة قانوني الإعلام والسمعي البصري, مبرزا أن مسعى سلطة ضبط السمعي البصري يرمي إلى تطوير حرية الإبداع والتعبير دون ممارسة الرقابة والتضييق, لكن المهنية تقتضي احترام الأطر القانونية والأخلاقية للجمهورية.