إن الترويح عن النفس من أعباء الحياة وهمومها لا يتناقض مع القضايا الجدية في الحياة، ومع ذلك فإن بعض النوادر الفكاهية والحكايات الطريفة قد تخلو من الصدق، لأن الراوي قد يلجأ إلى الخيال الذي لا يقبله عقل ولا يقرّ الواقع بمفاهيمه. لا يسمح هذا الحيّز بالحديث عن الجانب الفكاهي من الحياة، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1) وقف أعرابي على عمر بن الخطاب وأنشد يقول: يا عمر الخير جزيت الجنّة اكس بناتي وأمهنه وكن لنا في الزمان عونا أقسم اللّه لتفعلنّه فقال أمير المؤمنين: وإن لم أفعل يكون ماذا؟ قال الأعرابي: لأمضينه (أذهب) فقال عمر: فإن مضيت ماذا يكون؟ قال الأعرابي: واللّه عنهن لتسألنه يوم تكون الأعطيات منه وموقف المسؤول بينهن إما النّار وأما الجنّة فقال عمر لخادمه: يا غلام أعطه قميصي، واللّه لا أملك غيره. 2) دخل رجل على الشعبي في مجلس القضاء ومعه امرأة من أجمل النساء، فأدلت بحجّتها.. فقال الشعبي للزوج: ما رأيك فيما قالت؟ فأنشد الرجل يقول: فتن الشعبي لما رفع الطرف إليها فقضى جورا على الخصم ولم يقض عليها تبسّم الملك بن مروان وقال: ماذا فعلت بقائل هذه الأبيات قال الشعبي: أوجعته ضربا بما انتهك من حرمتي وافترى عليّ. 3) كان المتوكّل قد ألزم يعقوب بن السكيث تأديب ولده المعتز.. وفي مناظرة قال يعقوب بأي شيء يحب الأمير أن نبدأ، فقال المعتز: بالإنصراف أنا أخف نهوضا منك فعثر بسراويله فسقط والتفت إلى يعقوب وقد احمرّ وجهه من الخجل. فأنشد يعقوب يقول: يصاب الفتى من عثرة لسانه وليس يصاب المرء من عثرة الرجل فعثرته في القول تذهب رأسه وعثرته بالرجل تبرّأ على مهل في اليوم دخل يعقوب على المتوكّل فأمر له ب50 درهم وقال: بلَغني البيتان من الشعر. محمد وادفل