من المؤكد أن الترويح عن النفس من أعباء الحياة وهمومها لا يتناقض مع الأمور الجدية والحرص على المروءة ومواقف الفكاهة والضحك قد تصيب أكثر الناس جدية ووقار في المجتمع الاسلامي، وهذه المواقف الطريقة يجب ألا تؤخذ بجدية لأن الراوي قد يضيف ويحذف لا شيء الا لمزيد من الفكاهة. لايسمح هذا الحيز بالحديث عن الجانب الفكاهي في المجتمع الإسلامي، ولكن من المفيد تقديم المواقف الطريفة التالية: 1) استدعى أمير المؤمنين جعفر المنصور عبد اللّه بن طاووس والفقيه الامام مالك بن أنس رحمهما اللّه تعالى، فلما دخلا عليه التفت الى إبن طاووس وقال هل: حدثني عن أبيك فقال: حدثني أبي ان أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل أشركه اللّه تعالى في سلطانه فأدخل عليه الجور في حكمه. فقال الإمام مالك: خشيت على ثياب من أن يصيبني دمه، ثم قال المنصور لإبن طاووس ناولني تلك الدواة ثلاث مرات فلم يفعل فقال المنصور لابن طاووس لماذا لاتناولني الدواة؟ فأجاب إبن طاووس: أخاف ان تكتب بها معصية فأكون قد شاركتك فيها فلما سمع المنصور هذا الكلام قال: قوما عني: فقال إبن طاووس : ذلك ما كنا نبغي؟! 2) أدى هارون الرشيد فريضة الحج ثم ذهب الى المدينة وأراد أن يرى الإمام مالك بن أنس الذي سمع عن علمه ونبوغه الكبير، فأرسل من يستقدمه فقال الإمام مالك للرسول: قل لأمير المؤمنين الطالب يسعى الى العلم والعلم لايسعي الى أحد؟ أذ عن الخليفة وزار الإمام مالك في داره ولكنه أمر أن يخلى المجلس من الناس، فأبى الإمام مالك الا أن يظل الناس كما كانوا وقال: اذا منع العلم من العامة فلا خير فيه للخاصة! 3) من عجائب التنجيم ان زبيدة فقدت خاتما ثمينا واتهمت بعض جواريها بالسرقة فاستدعت أحد المنجمين فأخذ الطالع ثم قال:ما أخذ الخاتم الا اللّه تعالى وأصر على هذا القول ولم يرجع عنه، وبعد مدة فتحت زبيدة المصحف فوجدت الخاتم وقد كانت قد جعلته علامة للوقف في المصحف ونسيته! 4) جنّد الرشيد جيشا للقبض على أحد الهاربين ثم قال: خلو سبيله فقال له أحدهم: انفقت أموالك وأتعبت رجالك ثم اطلقته بكلمة واحدة فقال: ردوه! علم الرجل انهم تحدثوا عنه بالغدر فقال: يا أمير المؤمنين لا تطع أحدا في أسيرك فإن اللّه تعالى لو أطاع فيك غيرك ما ستخلفك ساعة واحدة فقال الرشيد أطلقوه ولا تعاودوني في أمره مرة أخرى.