التعددية الثقافية واللغوية رهان والأدب مرآة عاكسة لهذه الإضافة نعت الأديب والروائي أمين الزاوي عشية أول أمس خلال افتتاح الأيام الأدبية الخامسة لولاية المدية المنظمة من طرف دار الثقافة حسن الحسني، عاصمة التيطري من بين حواضر الجزائر وواحدة من بين ثلاث مدن كبرى بالوطن، معبرا عن فرحته للقاء الذي خصه به والي الولاية، ناعتا إياه بالمثقف والحساس للكلمة والإبداع والثقافة، كونه مسكونا بالحس الثقافي والحضاري. ذكر الزواي في بداية مداخلته بعنوان “مساهمة الرأي الأدبي في الثورة التحريرية”، بأن الوزارة وعلى رأسها الأخ والزميل عز الدين ميهوبي يدعمون مثل هذه المبادرات، معتبرا أن “الثقافة فيها قراءة وإبداع والصبر والجهد والنضال بنحو 25٪ .. وبدون هذا النضال يستحيل أن نكون مثقفين”، مذكرا بأن الجزائر بلد يفتخر بهذه التعددية الثقافية واللغوية، كما أن الأدب، حسبه، هو الذي عكس هذه التعددية، موضحا بأنه لدينا ما لا يوجد في الآداب الأخرى، باعتبارنا فسيفساء من التلوينات الإبداعية .. وهذه اللغات هي من حملت الثورة الجزائرية بكل الأشكال والشعر الشعبي هو من حمل هذه الثورة بأكثر من الفصيح .. من منطلق أنه لدينا أدباء في هذا الشعر ينافسون الأدباء العالميين، وكانوا فقهاء وعلماء في اللغة العربية الفصيحة، من منطلق أن اللغة الشعبية هي التي كانت تعبر عنهم ومقاصدهم وعن المستوى الجمالي. كما دعا الزاوي الشباب الجزائري لمعرفة بأن هذه الثورة لم يقم بها الشهداء والمجاهدون بمفردهم بل ساندها مثقفون وإعلاميون في الداخل والخارج وتلك القوى الديمقراطية بفرنسا، معرجا في هذا السياق بأن الشعر الشعبي في الجزائر كان صادقا ولم يكن كبيرا على مستوى الأدوات الجمالية، كما أنه كان منخرطا في العملية التحررية بحماس كبير، بدليل أنه لدينا تجارب خالدة في الشعر الشعبي بالجزائر، فضلا على أنه في كثير من الأحيان نحتاج إلى مسافة لكتابة التاريخ للأجيال والتي ترى الثورة حسب معارفهم وإمكانياتهم، مستشهدا بما كبته الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة في هذا المجال، حيث حاولا التنقيب في هذه الثورة برؤية مختلفة من شخص لآخر بعكس رشيد بوجدرة الذي فتح مجالا آخر لقراءة هذه الثورة بمنظار أنساني ونقدي كبيرين. تطرق الزاوي إلى أزمة التسعينات التي حتمت علينا وقتها قراءة الثورة الجزائرية من جديد، مستطردا قوله بأن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد خلص الجزائريين من مشكلة وطابوهات الميصالية، وأنه قد كتب رواية عن مصالحي الحاج ورجع بنفس الموضوع إلى موضوع ساق فوق ساق من واقع الأسرة الجزائرية وكيف تنقلب الأدوار إبان هذه الثورة التحريرية، معتبرا بأن هذه الرواية هي تأمل لثراء الثورة الجزائرية، من باب أنه في الثورات ليس هناك شيء مقدس، بل هناك صراع الذي من جهته الدكتور والإعلامي محمد كاديك أكد على أهمية الشعار المختار لهذه الأيام الأدبية، والعامية هي من احتضنت الثورة الجزائرية، مطالبا بضرورة التأسيس لفكرة القفز على دونية الشعر الشعبي، كون أن هذه النظرة ليست حكرا على الجزائريين بل عالمية، متعهدا بمساهمته أكثر في الملتقيات التي تعنى بهذا النوع من الشعر بهذه الولاية، فيما ذهب الشاعر توفيق ومان للقول لو لم يكن هذا الأدب الشعبي لما حافظنا على لغتنا وهويتنا، معلنا بدوره بأن الكونغرس الأمريكي يقوم سنويا بشراء ما يكتب من مؤلفات عن الجزائر بالشعر الشعبي، مختتما قوله بأن الأدب الشعبي هو مرآة المجتمع الجزائري وهناك بعض من الأشقاء الجزائريين في المشرق العربي من كتب على الثورة الجزائرية وقادتها بتمجيد كبير. تمتد الأيام إلى غاية يوم 17 من الشهر الجاري وسيتخللها برنامج أدبي متنوع كتنظيم أمسية شعرية ينشطها المبدعون بمعية التلاميذ الموهوبين بثانوية خديجة بن رويسي، مضاف إلى ذلك عقد ندوة ثقافية بعنوان عبقرية حسن الحسني في الأداء التمثيلي.