توقع الأستاذ فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان أن تتضح معالم تجسيد إستفتاء شعبي حول مشروع العفو الشامل الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية، كأقصى تقدير بعد الدخول الاجتماعي المقبل وعقب شهر رمضان، مؤكدا بأن هذه المبادرة تدخل ضمن صلاحيات القاضي الأول للبلاد وحده على اعتبار أنها قضية حساسة ومعقدة وصعبة في آن واحد. قال الأستاذ مصطفى فاروق قسنطيني الرجل الأول في اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان في إتصال هاتفي اجرته معه »الشعب« أنه يرتقب أن تتضح معالم الإعلان عن استفتاء شعبي حول مشروع عفو شامل يمس الإرهابيين الذين ما زالوا في الجبال لطي ملف المأساة الوطنية والحسم في هذه القضية بصورة نهائية. وذكر قسنطيني أن مشروع إدراج عفو شامل متوقف على مبادرة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الوحيد الذي له الحق في اتخاذ مثل هذا القرار كون القضية تتسم بالكثير من الحساسية والتعقيد، حيث من المقرر أضاف قسنطيني يقول أن هذا المشروع مثلما أعلن الرئيس سيوجه للموافقة عليه عن طريق تنظيم إستفتاء. ويرتقب قسنطيني بعد موافقة الشعب على هذا المشروع أن تصدر في شكل نص قانوني أو مرسوم رئاسي، غير أنه استبعد بشكل قطعي أن يسري هذا العفو على الجرائم الإقتصادية وتبييض الأموال. واعتبر الأستاذ قسنطيني هذا المشروع كآخر خطوة نحو طي ملف المأساة الوطنية وتجاوز مرحلة الإرهاب والسير نحو استقرار أمني أكبر. أما المحامية فاطمة الزهراء بن براهم تحدثت عن عفو عام يمس من هم بالجبال إلى جانب المساجين عن طريق تقليص العقوبات، حيث يخفض الإعدام إلى المؤبد وعقوبة عشرين سنة سجن تخفض إلى عشرة سنوات أو أقل وما إلى غير ذلك، معتبرة أنه قرار يدخل ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية القاضي الأول للبلاد وحق من حقوقه. وترى بن براهم بنظرة قانونية أن العفو العام من صلاحيات الرئيس، أما ما يطلق عليه بعفو شامل من مهام سلطة الهيئة التشريعية التي قالت أنه بإمكانها إصدار نص قانوني لمحو الجريمة من قانون العقو بات على غرار الجرائم ضد الدولة أي العفو الشامل سيمحي الجريمة من نص قانون العقوبات. ويبدو أن الأستاذة بن براهم ترى استحالة إصدار عفو شامل بدل عفو عام على اعتبار أن الجزائر عكفت على المصادقة على ترسانة من القوانين الموجهة لمكافحة الإرهاب وعلى آليات مكافحة الإرهاب وأعطت عملية مكافحة الإرهاب وزنا كبيرا. وبخصوص التدابير التي يمكن اتخاذها بمعالجة ما تبقى من ملفات المأساة الوطنية قالت بن براهم أنها كانت قد أكدت مع مطلع مشروع في تجسيد ميثاق السلم والمصالحة أن آجال الستة أشهر لا تكفي لمعالجة جميع الملفات بشكل فعلي ودقيق وبصورة جيدة، وأفادت أن الرئيس أكد أن الأبواب ما زالت مفتوحة وكل من رغب في العودة إلى أحضان المجتمع فله ذلك معترفة بوجود بعض النقائص كون عدة فئات ما زالت لم يسر عليها ميثاق السلم والمصالحة، وترى أن الأمر جد طبيعي لأن معالجة ملفات المأساة الوطنية تحتاج إلى وقت. وتتم بشكل تدريجي مستشهدة في ذلك بمشروع الوئام المدني الذي جاء تكملة لقانون الرحمة، حيث أشارت إلى إن نصوص الوئام المدني لم تنفذ بشكل جيد ولم تطبق بنسبة مئة بالمائة، ونفس الأمر بالنسبة للمصالحة، حيث تحتاج إلى تدابير جديدة لسد فراغ النقائص ويتعلق الأمر بمعالجة الملفات العالقة التي تخص مسألة معتقلي الصحراء الذين قالت أنهم تعرضوا إلى اعتقال إداري بدون تهمة وفي المناطق التي أجريت فيها التجارب النووية، حيث خرجوا من هذه السجون بعد سنوات مصابين بأورام مزمنة على غرار داء السرطان، حيث أفادت أنهم ينتظرون تعويضين الأول يتعلق بالاعتقال الإداري بدون تهمة كون المظاهرات حق سياسي والتعويض الثاني لتعرضهم لمضاعفات السم المنفوث بفعل التجارب النووية الفرنسية. أما من بين الملفات التي ترى بن براهم أنه يجب أن تمسها تدابير جدية في إطار المصالحة لطي ملف المأساة الوطنية الأشخاص الذين سجنوا وبعد سنوات من محاكمتهم أفتكوا البراءة، إلى جانب الفئة الحساسة، التي تحدثت عنها بن براهم رجال من الجيش كانوا مهددين بالقتل، حيث ماتت قائمة طويلة من زملائهم وأنذاك الدولة لم تكن قادرة على حمايتهم، ولكي يحفظوا حياتهم غادروا أرض الوطن واليوم يوجدون في حالة تشرد في الغربة ويتوقون لرؤية أهاليهم قبل أن يموتوا. وخلصت المحامية بن براهم إلى القول أن العفو العام يعد مبادرة تدخل السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي بإمكانه أن يعفو فيها عن المساجين والسعي حسبها ينتظر بالكثير من الترقب صدور هذه المبادرة.