رغم الأداء الجيد لجميع مرشحي اليمين ويمين الوسط خلال المناظرة التلفزيونية الثانية التي جرت مساء الخميس، إلا أن آلان جوبي يبقى المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات التمهيدية. من جهة أخرى، انتعشت حظوظ الرئيس السابق نيكولا ساركوزي من جديد وسط أنصار معسكر اليمين. عقب المناظرة، أظهرت استطلاعات الرأي أن جوبي خرج منتصرا بإقناعه 34 ٪ من الفرنسيين الذين تابعوا النقاش، مقابل 24 ٪ لصالح منافسه المباشر نيكولا ساركوزي. ولكن الاستطلاعات أظهرت أيضا أن ساركوزي هو الذي أقنع أكبر عدد من مناضلي حزب “الجمهوريون” ويمين الوسط ب 31 ٪ مقابل 28 لصالح جوبي، الأمر الذي ينذر بمنافسة شرسة بين الرجلين خلال المناظرة الثالثة التي ستجري في 18 نوفمبر الجاري، أي قبل يومين من الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية. وهذه هي المرة الأولى التي تنقلب فيها الموازين بين المرشحين البارزين لأن جميع استطلاعات الرأي التي أجريت إلى الآن أكدت تفوق رئيس بلدية بوردو على الرئيس الفرنسي السابق في جميع الحالات. فيون في المرتبة الثالثة من جهته، تمكن رئيس وزراء ساركوزي سابقا، فرانسوا فيون، من احتلال المرتبة الثالثة ب15٪ من الأصوات متقدما بذلك على ملاحقه برونو لومير الذي يبدو أنه غير قادر على فرض نفسه كرجل ثالث في هذه المنافسة الداخلية. وكانت السياسة الخارجية حاضرة بقوة في هذه المناظرة الثانية إذ تطرق المرشحون إلى علاقات فرنسا مع بعض الدول المتهمة بتمويل الإرهاب. وفي ملف محاربة الإرهاب والتشدد في فرنسا وكيفية مواجهة الإرهابيين الذين سيعودون إلى فرنسا بعدما قاتلوا في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي، اقترح آلان جوبي تشديد المراقبة على الحدود التي تفصل دول محيط “شينغن” بالدول غير الأوروبية ومتابعة الإرهابيين قضائيا ووضعهم في السجن، مشيرا إلى أن الحل لمحاربة الإرهاب في فرنسا يمر عبر القضاء نهائيا على “داعش” في سوريا والعراق. بيرو الحاضر الغائب وذهب ساركوزي بعيدا في قضية التصدي للإرهاب والتطرف حيث اقترح نزع الجنسية الفرنسية من كل المقاتلين العائدين من سوريا والعراق والذين يملكون الجنسية المزدوجة، وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. كما أنه أكد بأن “التوقيف الإداري لكل شخص متهم بامتلاكه علاقات ولو كانت غير مباشرة مع الإرهابيين هي الوسيلة الوحيدة لمحاربة الإرهاب والوقاية منه”. أما بخصوص الارهابيين الذين يملكون الجنسية الفرنسية فقط، فالحل حسب نيكولا ساركوزي يكمن في سجنهم لمدة طويلة وإرغامهم بعد خروجهم على متابعة حصص تهدف إلى نزع التطرف وإعادة الاندماج في المجتمع الفرنسي. ويمكن القول إن المناظرة الثانية كانت إيجابية لساركوزي الذي واجه انتقادات لاذعة من منافسيه، عدا آلان جوبي الذي اختار عدم المجازفة في النقاش حفاظا على وضعيته كالمرشح الأوفر حظا للفوز بتمثيل اليمين الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في 2017. واستغل ساركوزي الانتقادات التي وجهت له ليدافع عن نفسه وعن خبرته وليبين بأنه تغير واكتسب الخبرة بعد أن قضى خمس سنوات في السلطة. وراح ساركوزي يذكر كلا من برونو لومير ونتالي كوسيكو موريزيه بأنه هو الذي عينهم وزيرين في حكومة فيون. وقال ساركوزي: “لقد تعلمت كثيرا من أخطائي وكذلك من إنجازاتي... أنا أعرف حجم المسؤولية الرئاسية وقادر على رفع التحدي”. من جهة أخرى، ركز نيكولا ساركوزي انتقاداته على جوبيه الذي يتهمه بالاستعانة بأصوات اليسار من أجل الفوز بالانتخابات التمهيدية. وقال الرئيس السابق: “لا أرغب في تناوب ينجم عن حل وسط تناوب رخو”، منهيا تدخله: “لن أتولى منصب الرئاسة سوى لعهدة واحدة، وسيكون الوقت حان في 2022 لأشكر فرنسا وأذهب إلى التقاعد”. وهو انتقاد غير مباشر لجوبي الذي سيبلغ من العمر 77 سنة في 2022.