هو الجواد الذي تمتطيه في منازلتك ومساجلاتك ومناقشتك وحواراتك، مهما اختلفت الموضوعات وتعددت الأفكار، وهذا القلم قد يكون جامحا يحتاج إلى مهارة في ترويضه؛ لما يتسم به من نشاط وحيوية ورغبة في المواجهة، مهما كان حجم هذه المواجهة، لذا يجب علينا أن نتعامل معه بشيء من الحكمة والفطنة وتوجيهه إلى الطريق الصواب والنأي به عن الزلل والخطأ. إما أن يكون فراشة تتنقل بخفة ورشاقة بين أسطر الموضوع فيبث من مداده رحيقا فواحا يملأ الأنوف عطرا ويبهج العيون جمالا ويدخل السرور على حامله وعلى من يحب النظر إلى أزهاره التي تخرج من مداده الرائع. وقد يكون غرابا ينعق في كل صوب وحدب لا تسمع منه إلا نفيرا أو نذيرا، وفي هذه الحالة يعمّ الدمار والخراب في كل مكان ينعق فيه هذا القلم وفي كل صفحة يضع حروفه عليها، وبذلك يصبح القلم غير مرغوب فيه؛ لأنه يكون قلما سيء الخلق والسمعة يهوي بصاحبه في الدرك الأسفل من احترام البشر واحترام الذات وقد يصيب صاحبه بالأذى، وقد تصل هذه الإصابة إلى دمار صاحبه والقضاء عليه فلابد للقلم من مروّض ماهر يسيطر عليه ويوجهه إلى الحق وإلى الهدي، ويكون داعيا للأمن والسلام ونشر المحبة بين الناس. فتناول الموضوعات بشيء من العلم والخبرة والتجربة والمهارة قد يكون مفتاح السعادة للآخرين، أما إذا ابتعدنا عن هذا الأسلوب في تناول الموضوعات نكون قد خرجنا على الأعراف والتقاليد المتعارف عليها، والقلم الذي يتخذ من هذا الطريق سلوكا ونهجا يُنْظَرُ له بمنظارين: المنظار الأول: الغرور والتكبر والعجرفة وهذه آفة يجب على كل من يتصف بها التخلص منها ومحاربتها. والمنظار الثاني: يكون في عدم الرغبة في تنوير القراء بما هو صواب وصحيح وبذلك تكون الكارثة؛ فيجب علينا الاهتمام بالقلم وتوضيح الدور الذي يقدمها القلم للأجيال المتعاقبة، وكيف يمكن المحافظة على سلامته؛ حتى يصبح القلم سلاحاً أميناً مفيدا، لا خائنا مضرا؟