انشغال السلطات العمومية بعقلنة وترشيد النفقات والمصاريف التابعة للدولة تم تفعيل آليات المراقبة والمتابعة الميدانية، وفي هذا الشأن يندرج مسعى اعطاء حركية جديدة للمفتشية العامة للمالية. هذا القرار القاضي باحداث تغييرات جذرية في التركيبة البشرية للمفتشية العامة للمالية يترجم الارادة القوية في عدم ترك المال العام عرضة للتبذير ومحلا للتبديد من قبل بعض الجهات المعنية بأدء الاقتصاد الوطني بمفهومه الشامل، المشاريع التنموية والاستثمارات الكبرى التي فعلا تستدعي التواجد المتواصل للدولة عندما يتعلق الأمر بالمخصصات المالية.فالعودة للحديث عن واقع وآفاق النفقات العمومية لا يعني بأن آليات المراقبة انفلتت من أيدي الدولة ولم تعد قادرة على مواكبة مسار الوتيرة الاستثمارية، كل ما وقع أنه سجلت تجاوزات لبعض المستثمرين المحليين والأجانب في احترام الالتزامات والتقيد بالتعهدات فيما يتعلق بدفتر الشروط الخاص بالتعامل مع رؤوس الأموال.وأصبحت الملايير الممليرة من الأموال تسلك مسالك خرجت عن نطاق القانون والنصوص التنظيمية وهذا من خلال التحايل على الميزانيات المالية بادخال عناصر جديدة، ونقل فصل من فصول الى قطاع معين دون أن يجلب ذلك انتباه محافظ الحسابات أو عون آخر مكلف أو له حق الاطلاع على ما يجري في هذا الجانب أما بالنسبة للأوساط المستثمرة في الجزائر، فإن حساباتها لا يعرف أحد نظرا لانعدام مكاتب محاسبة دقيقة تشتغل بالمقاييس العالمية وهذا ما جاء به النظام المحاسبي الجديد في الجزائر المقرر تطبيقه في سنة ,,.2009 وحتى الآن نحن على مشارف السنة الجديدة ليس هناك ما يوحي بأننا قطعنا شوطا ملموسا في تكوين هؤلاء المهنيين بالرغم من ان هذا النظام المحاسبي مر عليه قرابة سنة كاملة عندما طرح على مجلسي الحكومة والوزراء وصادق عليه المجلس الشعبي الوطني، فأين نحن من هذا الأمر؟وهل سعت وزارة المالية من أجل اعطاء النفس اللائق لتكوين المحاسبين؟ هذا هو التحدي الكبير اليوم وهذا عندما قررت السلطات العمومية عقلنة استعمال الأموال العمومية.المفتشية العامة للمالية هي جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة الخاصة بالمراقبة الصارمة والغير المجاملتية للشؤون المتعلقة بتسيير المال العام في تقديم توصيات موضوعية ترفع الى الجهات المختصة والتي تقوم بدورها باتخاذ القرار اللازم والحازم في مجال سوء التسيير وتبذير الأموال العمومية.وفي هذا الشأن، فانه خلال جلسات الاستماع مع وزير المالية تقرر وضع تصور وطني لكيفية مراقبة الاعتمادات المالية للدولة يختلف اختلافا جذريا عن سابقيه كونه سيعتمد على الصرامة الكاملة في التعامل مع كل ما يتعلق بتخصيص الأموال للمشاريع الكبرى أو الاستثمارات حتى يكون هناك توازنا بين مساري التنمية والتمويل. ------------------------------------------------------------------------