يُفتتح اليوم معرض السيارات والعربات الميكانيكية في ظل احتدام جدلٍ لم يتوقف بشأن مستقبل الصناعة الميكانيكية، على خلفية تطورات عوامل السوق الوطنية، وأبرزها انكماش المبيعات بفعل إلغاء قروض السيارات، وعجز وكلاء البيع عن إرساء مشاريع تصنيع ولو لقطع الغيار.ويرتقب أن يترجم وكلاء الماركات العالمية الذين استفادوا من سوق دسمة شجعتها فوضى قطاع النقل العمومي وقلة ورداءة العرض ما لم يتوقفوا عن ترديده من خدمة للسوق الوطنية في شكل مشاريع وبرامج مندمجة، بهدف إرساء أسس صناعة ميكانيكية ولو بالشراكة المحلية والأجنبية لا يمثل فيها الجانب التجاري الجانب الأكثر أهمية، مقابل خوض غمار تجربة صناعية وطنية تنخرط فيها كافة الأدوات الإنتاجية والتمويلية الوطنية العمومية والخاصة وفق شروط وضوابط شفافة عادلة تراهن على المدى البعيد. كيف تبرر جمعية وكلاء السيارات بقاء الوضع في مستوى التسويق، و لا توجد مؤشرات ملموسة من جانبهم لترجمة نية حسنة لإقامة صناعة تبدأ على الأقل بقطع الغيار التي تعاني من الغش والتقليد المزيف، ما يزيد من أعباء مصاريف السيارات. و بلا شك لو كانت لدينا صناعة في هذا القطاع توظف اليد العاملة المحلية وتنتج قيمة مضافة لأمكن تطوير برامج للتمويل الاستهلاكي طالما أن التمويلات لا تذهب في نهاية المطاف للخارج كما هو الأمر إلى وقت قريب. وعلى خلفية مثل هذا الجدل، أليس من المستعجل إطلاق الإستراتيجية الوطنية للصناعة بشقها الخاص بالصناعة الميكانيكية وإنتاج السيارات بدءا بالتركيب، مما سيؤدي إلى إعادة تنظيم السوق وتصحيح معادلة العرض والطلب وإعادة استثمار الخبرة الجزائرية المتراكمة في هذا المجال مهما كانت عيوبها، عوض الانتظار طويلا واللهث وراء صفقات لا تجد سبيلا للميدان، علما أن بلدان أخرى عرفت كيف تستقطب مثل هذا الاستثمار الذي يستوعب عالم الشغل بكل تحدياته. ونفس الانشغال يشمل قطاع الاتصالات، حيث حان الوقت كي ينتقل المتعاملون في الهاتف النقال إلى مرحلة الاستثمار في الجانب الصناعي لهذه التكنولوجيا. ومن الطبيعي أن يطرح سؤال كبير على رئيس جمعية الوكلاء إذا لم يحن الوقت لتجاوز عقلية البيع والتسويق والمرور إلى مستوى جاد في هذا النشاط بالجرأة في ولوج عالم التركيب الصناعي، ليس كل على هواه وإنما الانتقال من عقلية الاستثمار العائلي المغلق إلى تأسيس مجمع صناعي بمختلف الصيغ التي يوفرها التشريع، والحرص تجاه السلطات العمومية المعنية بتقديم ملفات ذات مضمون من كافة الجوانب بما فيها الضمانات الفنية والقدرة التنافسية. إن الوضع بالمفهوم الصحيح للمتعامل الصناعي أن يتخلص كل مهتم من عقلية الدكان وركوب موجة تحمل المخاطر مع أن السوق الجزائرية لا تحمل مخاطر، بدليل أكثر من متعامل أجنبي وجد فيها طوق النجاة من الإفلاس كما هو الحال لأحد متعاملي الهاتف النقال وغيره.