قالت امرأة من أشراف العرب: واللّه لو كان أي عمل أقوم به معروفا ما أخذت عليه ثوابا، وإنما هو شيء يجب أن يفعله كل إنسان، فأنا أمنع نفسي من أي عمل يمس كرامتي ويمس عزة نفسي، وأقوم بالعمل الذي يرفع من كرامتي ويرفع من غزة نفسي. لا يسمع هذا الحيز بالحديث عن المواقف المشرفة للمرأة، ولكن من المفيد تقديم المواقف التالية: 1 سأل معاوية عن امرأة كانت مقيمة بالحجاز، ولما دخلت عليه قال لها: أتدرين لماذا أرسلت إليك وفيما استدعيتك؟ قالت: لا يعلم الغيب إلا اللّه تعالى، فقال: أردت أن أسألك لماذا أحببت عليّا وأبغضتني وواليته وعاديتني؟ قالت: أحببت عليا لعدله في الرعية وأبغضتك على قتالك لمن هو أولى بالخلافة منك، وطلبك ما ليس لك بحق، وواليت عليا على ما عقد له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الولاية وحبه للمساكين وتقديره لأهل الدين، وأعاديك على سفك الدماء وجورك في القضاء وحكمك بالهوى، فقال لها: هل لك حاجة؟ قالت: نعم: أعطني 100ناقة، فقال: وما تصنعين بها؟ قالت: أكتسب بها المكارم وأصلح بها بين العشائر، قال لها: واللّه لو كان علي حيّا ما أعطاك منها ناقة، فقالت: واللّه ولا وبرة، فقال لها: لماذا؟ قالت: لأنها من مال المسلمين! 2 دخل المهدي على الخيزران وخرج في حالة غضب، فقال له الواقدي: يا أمير المؤمنين خرجت على خلاف الحال التي دخلت عليها؟ قال المهدي: نعم، دخلت على الخيزران، فقالت: أي خير رأيت منك؟ قال الواقدي: يا أمير المؤمنين قال الرسول الكريم صلى اللّه عليه وسلم »إنهن يغلبن الكرام ويغلبن اللئام«، وقال أيضا: »خلقت المرأة من ضلع أعوج إن قومته كسرته«. فسكن غضب المهدي وأمر له بألفي دينار، فلما وصل إلى منزله جاءه رسول الخيزران، وقال له: إن سيدتي تقرع عليك السلام، وتقول لك: يا عم، سمعت جميع كلامك إلى أمير المؤمنين فأحسن اللّه جزاءك، وبعثت له بألفي دينار إلا عشرة لتكون مكافأتها أقل من مكافأة أمير المؤمنين. 3 قال بن الجوزي في كتاب: »الألقاب«: إنّ أم الأمين سقت أهل مكة الماء بعد أن كانت الراوية بدينار، وأسالت الماء بحفر الجبال ونحت الصخور، فقال لها: وكيلها: يلزمك نفقة كبيرة قالت: اعملها ولو كانت ضربة فأس بدينار، وكانت لأم الأمين أثار كثيرة في طريق مكة والمدينة إسمها الحقيقي أمة العزيز ولقبها جدها أبو جعفر المنصور باسم زبيدة لنضارتها.