ما زال الجدل المثار عندنا حول قضية المرأة يسيل الكثير من الحبر، ويستهلك الكثير من ورق الجرائد، الذي يلم فيه بقايا السردين بعدها، فالأصوات التي تتكلم عن حق المرأة لا زالت مفتوحة والذباب صار في تلك الأفواه يدخل ويخرج كسيارات في إياب وذهاب عبر الطريق السيّار، وشغّلوا المرأة في كل الميادين، ألبسوها بدلة وقبعة وشغلوها في محطات البنزين في "أنصاص" الليالي، ورفعوها حتى فوق الأعمدة لتصلح كوابل التلفون، وجعلوا منها ديكورا في مكتب وألبسوها ما شاءوا حسب ذوقهم ولو قطعة قماش لا تستر ما فوق الجسم ولا تحته، وحرموها من اختيار هندماها، وشغّلوها منظفة في مكاتبهم وساوموها في شرفها وإن لم ترضخ قطعوا عنها قوت عيالها، كل هذا في سبيل حقوق المرأة. والمتمعن للحقوق التي ترفعها جمعيات الحلاقات بتحالف مع بعض مكونات المجتمع الذي لا يفيد إطلاقا يرى شعارات أقل ما يقال عنها تجعل الرجل يتمنى لو كان امرأة أو لحوّل نفسه إلى آنسة أنيقة أو سيدة محترمة، هذا إن سلّمنا أن المرأة فعلا بحاجة إلى حقوق، لأن واقع الحال يقول إن المرأة تحتاج الى كرامة، وكرامتها تتمثل في إيجاد منصب عمل لأولادها، وتخصيص أجر محترم لها كعاملة في البيت ومربية لأجيال، وكرامتها أيضا في إعادة إدماج زوجها في عمله والمحافظة على منصب شغله، وكرامتها في أن لا يفرض عليها الأوصياء عن حقوق المرأة لباسا معينا، ويتركوا لها حرية اختيار ملبسها في عملها والذي يناسب ذوقها وأنوثتها.. وبدلا من التحدث عن حقوق المرأة والبحث عن مناصب وزارية ونيابية لها، كان الأولى أن تعطوا لزوجها فرصة عمل كبوّاب في وزاراتكم ومؤسساتكم، وبدلا من بكاء التماسيح عن حقوق المرأة كان الأجدر أن تعطوها أجرا محترما في وظيفتها ولا تستغلوها لأنها امرأة وتعطونا أجرا يحفظ لكم احتياطاتكم المالية في مؤسساتكم، وتستغلونها لساعات إضافية أحيانا يكون لكم فيها مآرب أخرى.. لازال ابن هذه المرأة التي تبحثون لها عن حقوق في الانسلاخ ينشد جرعة حليب وقضمة خبز، ولا زالت هي في عناء البحث عن بعض ما يؤكل لتجعله إفطارا على مائدتها. إن أشباه الرجال الذين يرفعون شعار حقوق المرأة وغيرها من الشعارات الخرقاء، نساؤهم يملكون شركات ومؤسسات في الخارج، حتى الولادة عندهن تتم في باريس ولا أحد يساومهن في كرامتهن ولا شرفهن وإن لن يرضخن قطع رزقهن، كما يفعلون هم ببنات الناس في مكاتبهم، وحين يتعلق الأمر ببنات الناس فلا يهم إن عملن نادلات في الليالي الحالكات في الحانات والبارات، لأن ذلك يدخل في حرية المرأة الشخصية، لكنه لا يدخل في حرية بناتهم الشخصية، لأن الأمر عيب، ولا أقول حرام، لأن أكثرهم الحرام لا يعني له شيئا. لذا دوما نجد تلك المطالب التي ينشدها البعض للنساء جميلة وبرّاقة وعالية، مثل إدماج المرأة في المناصب القيادية وإدخالها في التنمية الوطنية وإعطائها الأولوية في الاستثمار والتسهيلات البنكية وغيرها من الشعارات التي تجعل الرجل يتمنى لو يناديه الناس آنستي أو سيدتي الرجل.