احتضنت المكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة، ظهر أمس السبت، «الأيام السويسرية بالجزائر» التي تنظمها الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، بالتعاون مع سفارة سويسرابالجزائر وجمعية «ديفارسيتي» السويسرية، تخليدا للذكرى الخامسة والخمسين لاتفاقيات إيفيان. شهد اليوم الأول من التظاهرة، التي تختتم اليوم الأحد، حضور أسماء سويسرية ناضلت من أجل القضية الجزائرية. واعتبرت سفيرة سويسرابالجزائر، أن هذه التظاهرة سانحة لاستذكار صفحة مشرقة في تاريخ البلدين المشترك. كانت البداية مع علي أقرانيو رئيس ومؤسس جمعية DiversCités السويسرية وصاحب تصوّر هذه التظاهرة، الذي أكد على أن جمعيته غير سياسية، تهدف إلى تسهيل الحوار بين الثقافات والأجيال وتطوير التنمية المستدامة وتعمل على التقارب بين الشعوب ومن هنا جاء تنظيم هذه التظاهرة. من جهتها، اعتبرت سفيرة سويسرابالجزائر مورييل برسات كوهن، أن هذين اليومين سيسمحان بالتطرق إلى الدور الذي لعبته سويسرا الرسمية في مسيرة الجزائر التحررية، مشيرة إلى «شجاعة سويسرا في مساندة ودعم القضية الجزائرية». وذكّرت السفيرة بالأوسمة التي خصّت بها الجزائر عددا من المناضلين السويسريين، مركزة في حديثها عن الراحل شارل هنري فافرو الذي فارقنا في 15 يناير الفارط، ونضال هذا الأخير من أجل الجزائر قبل وبعد الاستقلال. وأضافت السفيرة: «أمنيتي هي أن لا تُنسى هذه الصفحة من تاريخ البلدين، خاصة من قِبل الأجيال الشابة، وأن تكون أرضية لتدعيم العلاقات بين بلدينا». فيما اعتبر الأمين العام لوزارة الثقافة السيد أولبصير، أن هذين اليومين هما للتاريخ والذاكرة ولكن أيضا للثقافة. وقال، إن فافرو سخّر كلماته وإبداعاته لخدمة ثورة نوفمبر، والذاكرة الجزائرية لا تنسى من وقف إلى جانبها في نضالها ضد الاستعمار، سواء فافرو أو أمثاله الذين شاركوا بفعالية للتعريف بالقضية الجزائرية العادلة. وشهد اليوم الأول، أمس، الذي حمل شعار «السويسريون، سويسرا ومعاهدات إيفيان»، عرض الفيلم الوثائقي «الديبلوماسي»، الذي تضمّن شهادات تمحورت حول سلسلة الاتصالات السرية بين جبهة التحرير الوطني الجزائرية والحكومة الاستعمارية الفرنسية، والتي أفضت فيما بعد إلى مفاوضات كلّلتها اتفاقيات إيفيان. هذا الوثائقي (52 دقيقة) هو في الأصل الجزء الثاني من حصة تحت عنوان «حامل الحقيبة والدبلوماسي، سويسرا وحرب الجزائر» (1988) لجاك سانجار وفرانك بيشار. من الشهادات التي ينقلها الوثائقي، شهادة عبد القادر شندرلي من بعثة جبهة التحرير الوطني لمنظمة الأممالمتحدة، والصحفي شارل هنري فافرو، ورضا مالك، والطيب بولحروف عضو بعثة الحكومة المؤقتة، والذي حضر لقاءات «لوسيرن» في 20 فيفري 1961 رفقة المحامي محمد بومنجل. فيما تضمن الوفد الفرنسي جورج بومبيدو مرفوقا بالدبلوماسي برونو ديلوس الذي عرض الوثائقي شهادته أيضا، إلى جانب بيير سرجان أحد قادة «المنظمة المسلحة السرية» الإرهابية، وجورج هنري مارتان رئيس التحرير الأسبق ل «لاتريبون دي جنيف»، وغيرهم كثير. أعقب ذلك نقاش مع مارك بيرونو وفؤاد سوفي، ثم تكريم لشارل هنري فافرو وعرض مقتطفات من أفلام حول هذه الشخصية، وشهادات للمخرج أندري غازو صاحب الفيلم الوثائقي «L'Algérie en pacification» الذي فرّ من الجيش الفرنسي سنة 1960 والتحق بسويسرا، وجون ميرات المصوّر والرسام المعماري، الذي قضى سنة بسجن بوزونسون بفرنسا بعد القبض عليه وفي حوزته صحيفة «المجاهد»، إضافة إلى الصحفي باتريك فيرلا. أما برنامج اليوم، تحت عنوان «السويسريون، سويسرا وحرب التحرير الجزائرية»، فسيشهد عرض فيلم «سويسرا وكواليس حرب الجزائر». في تصريح ل «الشعب» قال علي أقرانيو رئيس ومؤسس الجمعية السويسرية «ديفارسيتي» (كلمة مزدوجة المعنى بين «تنوع» و»مدن مختلفة»)، إن الجمعية نظمت بسويسرا العديد من النشاطات المتعلقة بمحطات خالدة من تاريخ الجزائر، على غرار مجازر 8 ماي 1945، وكان آخرها نشاطا حول يوم الهجرة المخلد لمظاهرات 17 أكتوبر 1961، إلى جانب نشاطات ثقافية وفكرية متنوعة. وأضاف أقرانيو، بأن الجمهور السويسري متعطش للتعرف أكثر على الجزائر، ويحترم كثيرا التضحيات التي قدّمها الجزائريون في سبيل حريتهم واستقلالهم. واغتنم محدّثنا هذه الفرصة للترحّم على روح فقيد العائلة الثورية المجاهد «سي مصطفى» عبد القادر بليدي، الذي فارقنا مؤخرا.