تحقيق المصالحة اللغوية واللسانية تكريسا لما يحمله الدستور الجديد من مواد جديدة تعبر عن رغبة الدولة في إدراج اللغة الأمازيغية لدى مختلف شرائح المجتمع ومؤسسات الجمهورية نظمت، أمس، وزارة العدل والمحافظة السامية للأمازيغية منتدى إعلاميا وتكوينيا ليومين لفائدة أمناء الضبط، وذلك بالمدرسة الوطنية لكتابة الضبط المتواجدة بالدار البيضاء. أبرز وزير العدل حافظ الأختام طيب لوح في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، أن الهدف من اللقاء إعطاء البعد الوطني والأكاديمي للأمازيغية، نظرا لأهميتها في الهوية الوطنية، مضيفا أن الدولة تولي اهتماما بالغا بترقيتها خاصة بعد دسترتها وأصبحت لغة وطنية، لأنها تمثل «لحمة المجتمع في جدار تحصين الجزائر والحفاظ على أمنها ووحدتها ». أشار لوح إلى أن التعديل الدستوري الأخير جعل اللغة الأمازيغية ضمن مرتكزات الهوية الوطنية موصدا كل أبواب المزايدة بإعطائها هذا البعد الوطني واعتبارها القاسم المشترك بين جميع الجزائريين، لافتا إلى أن الأمازيغية حاملة لرصيد واسع من القيم، مذكرا بالمرسوم التنفيذي الصادر في هذه السنة والمتضمن إنشاء مركز البحث في الثقافة واللغة الأمازيغية، للمساهمة في ترقية مشاريع البحث. ولأن قطاع العدالة من أوسع القطاعات استخداما للمصطلحات و من أكبر القطاعات إقبالا من الناس من أجل التقاضي أو من أجل طلب الخدمات ذات الصلة، هذا ما يؤكد حسبه أهمية هذه الدورة التكوينية الموجهة لأمناء الضبط. عصاد: دسترة الأمازيغية تقوية للحمة بين أبناء الشعب من جهته، أكد سي الهاشمي عصاد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية في مداخلته في الدورة التكوينية، أن دسترة هذه اللغة تعد خطوة تسجل بأحرف من ذهب، بفضل تبصر رئيس الجمهورية، الذي عرف كيف يخلق الإجماع السياسي، ويقر عهدا جديدا من المصارحة الحقيقية مع الذات لتقوية اللحمة بين أبناء الشعب، « فلا يمكن لأحد اليوم إنكار ما تجلى من تطور سياسي ودستوري إيجابي ». وأضاف في سياق متصل أن هناك سعيا دؤوبا من أجل تحقيق المصالحة اللغوية واللسانية بين كل الجزائريين، بتوظيف الخطاب الهادئ، القائم على التعايش في ظل المصارحة الحقيقية بين كل الجزائريين، والابتعاد عن الإقصاء والتهميش، والمساس برموز الوحدة الوطنية، قائلا « إن مسؤوليتنا اليوم أكبر من أي وقت مضى، فهي تستوجب الحيطة و اليقظة و المثابرة لإيجاد الصيغ الملائمة لتحقيق التواصل اللغوي بين متكلمي العربية والأمازيغية .. وأن غالبية الشعب الجزائري منصهرة في بوتقة دينية واحدة ». ولذلك اعتبر المتحدث أن تنظيم هذه الدورة التكوينية الأولى من نوعها ضرورة سانحة، تفرضها التعزيزات التي جاء بها الدستور الجديد، تعد كذلك فرصة لمناشدة الدوائر الوزارية الأخرى للأخذ بقدوة قطاع العدالة، مذكر بالملتقيات التي نظمت خلال ماي الجاري معلنا عن تنظيم اجتماع يوم 23 من الشهر الجاري مع سلطة ضبط السمعي البصري، لاستعراض ووضع الشروط لتوطيد دور الأمازيغية في منظومة الاتصال الوطنية. وتجدر الإشارة إلى أن المداخلات التي تمت خلال الدورة التكوينية تناولت في اليوم الأول إشكالية المصطلح القانوني بين العربية والأمازيغية في قطاع العدالة، طرحتها جوهر خالف أستاذة محاضرة بقسم الترجمة بجامعة تيزي وزو، كما تناولت مداخلة شيخي مقران، الأستاذ الجامعي في قسم اللغة والثقافة الأمازيغية بجامعة عبد الرحمان ميرة ببجاية، موضوع مصادر معجمية بالأمازيغية لسد حاجيات المترجم القانوني . ويذكر أن تنظيم هذا المنتدى التكويني الأول من نوعه، لقي استحسان أمناء الضبط ، لأنه، يساهم في الرفع من مستوى التواصل مع المواطنين من خلال استخدام اللغة الأمازيغية وكذا تفعيل الخدمة العمومية لصالح المتقاضين والمستخدمين الآخرين، مما يعزز المواطنة الشاملة لدى المواطنين.