لم يتمالك اللاعب المحترف كريم زياني نفسه وهو يرد على أسئلة الصحافيين مباشرة بعد الفوز الثمين الذي حققه »الخضر« أمام مالي في ثاني مباراة له في دورة كأس افريقيا بأنغولا، إذ كان رد فعله مشحونا بالإنزعاج واللوم في آن واحد من الانتقادات التي كانت في بعض الأحيان عنيفة بعد هزيمة الخميس الماضي، من طرف الصحافة الوطنية التي أجمعت على أن الفريق الوطني ضيع فرصة ثمينة لتأكيد لعب دور أساسي في هذه الدورة الافريقية. ونفس الموقف عبر عنه جل اللاعبين والطاقم الفني للفريق الوطني الذين بدوا وكأنهم لم يهضموا كل النقد الموجه لهم خلال الأيام الماضية التي أعقبت »التعثر« أمام مالاوي، وإن كان التعبير عن هذا الإمتحان قد أختلف من لاعب إلى آخر، ومن مسير إلى آخر. فكانت مقاطعة الصحافة أحد أشكال الإستياء مثلما حدث مع لاعب الخور القطري سابقا بعد أن تخلى عن خدماته رسميا عشية لقاء مالي، ويتعلق الأمر باللاعب المحترف رفيق صايفي، أو عدم الإكتراث بأسئلة الصحافيين وحتى كاميرات التلفزيون الجزائري إلى درجة أن البعض من اللاعبين أداروا تماما وجوههم لهذه الكاميرات وغيرها من أشكال الاحتجاج المعبر عنها من قبل لاعبي الخضر الذين بقدر ما عبروا عن استيائهم من موقف الصحافة عموما، بقدر ما كانوا حريصين على طمأنة الجمهور الجزائري ومعه كل الشعب الجزائري على أنهم على أتم الاستعداد »للقتال« ما أوتيوا من قوة لإسعادهم كما فعلوا طيلة مشوار التصفيات التي دامت لأزيد من سنة. رد اللاعبين على منتقديهم جاء بالملموس، هكذا قالوا، وهكذا قال المدرب سعدان، لعل نتيجة مباراة مالي والأكثر من هذا الأداء الباهر لعناصر الخضر ستخرس الألسنة ولو مؤقتا إلى حين إسكاتها نهائيا في حالة تجاوز عقبة أنغولا غدا الإثنين، والتأهل إلى الدور الثاني، وهي أقل نتيجة منطقية لعناصر تملك كل المؤهلات للذهاب بعيدا في هذه الدورة، مثلما أكده محللون رياضيون، خاصة وأن تأهلهم إلى مونديال جنوب افريقيا جاء عن جدارة واستحقاق وكان أحق من المصريين من تمثيل العرب في محفل عالمي بهذا الحجم. وإن كان جل اللاعبين قد عبروا عن رفضهم انتقادات الصحافة، إلا أن البعض منهم تقبلوها بصدر رحب كما كان الحال بالنسبة لقائد المنتخب الجزائري يزيد منصوري الذي أعلن عن ذلك بكل روح رياضية مباشرة عقب المباراة الأخيرة، عاكسا بذلك الروح القتالية التي تحلى بها عناصر الفريق الوطني، والتي أثمرت انتصارا مستحقا، ترجمه المستوى التقني الرفيع الذي ظهروا به في اللقاء الحاسم الأول، في انتظار تأكيد ذلك في اللقاء الآخر الحاسم والفاصل أمام منتخب البلد المنظم. تقييم الصحافة الوطنية على العموم على المقابلة الأولى بدا وكأنه قاسي رغم أنها لم تخرج كثيرا على المألوف، وهي انتقادات كان على الفريق الوطني تقبلها بكل روح رياضية، مثلما يبدو للاعب الدولي السابق وأحد نجوم ملحمة خيخون في الثمانيات، رابح ماجر الذي أكد لإحدى القنوات الفضائية الرياضية، أنه على اللاعبين عدم الإكتراث بما يقال في الصحافة الوطنية، معتبرا أن هذه الأخيرة تقوم بدورها ولا تؤدي سوى واجبها، وما على اللاعبين الذين يتأثرون بما ينشر من أخبار حول أسباب الهزيمة الأولى، إلا الامتناع عن تصفحها على الأقل في الوقت الراهن، الذي يتطلب الكثير من التركيز حول المقابلة الأخيرة في الدور الأول. ردود فعل الصحافة الوطنية، هي في واقع الأمر جاءت لتترجم إلى حد ما خيبة الأمل الكبيرة التي شعر بها الجزائريون عقب التعثر الأول، وإن كان البعض منها قد بالغ في التعبير عن هذه الخيبة، إلا أنها تبقى عاكسة لشعور عام لا يمكن القفز عليه، في وقت كان فيه الجميع ينتظر تسجيل ظهور قوي لعناصر الفريق الوطني أمام منتخب مالاوي، لا يزال بعض اللاعبين الجزائريين عشية المباراة يصرح بأنهم لا يعرفونه!!؟؟ وكان من الطبيعي، أن ينقلب موقف الصحافة الوطنية من النقيض إلى النقيض، بعد عودة الأمل، وبالتالي التنويه بما أنجزه عناصر رابح سعدان، لأنه هكذا يريد الجميع رؤية فريق وطني قوي يبرهن على أن تأهله إلى المونديال لم يأت صدفة وإنما بفضل جهود كبيرة وفنيات عالية امتازت بها عناصر النخبة الوطنية، كما أن الجميع يريد أن يرى فريقا قويا من الناحية البسيكولوجية لا يتأثر بمجرد توجيه انتقادات له... ولعله برهن على ذلك في مباراة الخميس الماضي، على أن يعترف بحق الصحافة في قول الحقيقة مهما بدت في بعض الأحيان قاسية، شريطة أن لا تتجاوز »الخطوط الحمراء«، وأن لا يكون البحث عن الحقيقة مطبة للإساءة أو لتحقيق أهداف مرتبطة أساسا بالربح وبمزيد من الإنتشار على حساب الآخرين، مثلما يحدث في بعض المساحات الإعلامية ولو كانت ضيقة.