قدم المتدخلون في النقاش الذي تبع أشغال الندوة الفكرية التي احتضنتها، أمس بمقر يومية »الشعب« حول موضوع »الصحراء الغربية... آخر مستعمرة في إفريقيا«، قراءتهم ونظرتهم إلى المستجدات في هذه القضية، مؤكدين بأن الإشكال المطروح في التنفيذ وليس في القرارات، وفي الوقت الذي طرح فيه البعض مسألة الحدود الموروثة عن الاستعمار على اعتبار أنها كفيلة بحل المشكل، دعا البعض الآخر إلى تفعيل إتحاد المغرب العربي دونما الإكتراث بالمغرب. أجمع المشاركون في أشغال الندوة التي شرحت قضية الصحراء الغربية ومواقف الدول منها، بأن المشكل الأساسي والذي حال دون استقلال الشعب الصحراوي رغم مرور عدة عقود هو الموقف الرسمي الفرنسي الذي يتعمد عرقلة القضية الصحراوية، رغم أنها اليوم معترف بها من قبل أزيد من نصف دول العالم. وفي هذا السياق، أكد الأستاذ لعايب بأن الإشكال المطروح في التنفيذ وليس في القرارات الخاصة بالصحراء الغربية، فالجمهورية موجودة وبرأيه، فإنه لابد من العمل باتجاه الضغط على ما أطلق عليها حجر عثرة ويتعلق الأمر بأمريكا وفرنسا، مشددا على ضرورة خلق ميكانيزمات للتعاون مع المنظمات غير الحكومية، لاسيما وأن الظرف الراهن يتميز بمستجدات إيجابية تخص القضية وأن ألمانيا تتحرك لمساندة القضية العادلة وذلك من أجل كبح وفضح جرائم المغرب. وعاد من جهته، أستاذ العلاقات الدولية اسماعيل دبش إلى الزاوية المتعلقة بالمحكمة الدولية واقترح اعتماد مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار، لأنها أقوى في التعامل مع الشرعية الدولية على عكس الخوض في جدل حول الوصاية التاريخية، مضيفا بأن المسألة تخدم جميع الأطراف وتسوي قضايا أمنية وسلمية. وذهب دبش إلى أبعد من ذلك، حيث أكد بأن المغرب يعترف بالصحراء الغربية، إذ أن قبوله بتقسيمها ووضع حائط يعني أن جزءا منها غير تابع لسيادته وأكثر من ذلك التفاوض مع جبهة البوليزاريو يعد اعترافا بها كذلك، وطرح مبدأ الاستقلال الذاتي يندرج في سياق التحضير للإستقلال على اعتبار أن طرحه مرهون بوجود شعب وأرض، كما استدل أيضا باتفاقية هيوستن وبعضوية الصحراء الغربية في إتحاد إفريقيا. واقترح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في السياق ذاته تفعيل إتحاد المغرب العربي دون المغرب، فتفعيله ممكن وغير متوقف على مشاركة المغرب الذي ينظر في مسألة التحاقه من عدمه، لأن التكامل الحقيقي يقوم على أساس الدول وليس على أساس الأبعاد في إشارة إلى البعد العربي، مشيرا الى أن الاطراف المتطرفة المحسوبة على المغرب فشلت في كل محاولاتها لإيجاد حل سياسي بدليل أنها لم تحرز شيئا منذ سنة 1975 ما يؤكد برأيه فشل الدبلوماسية المغربية في وقت تحدث فيه تغييرات ايجابية بالنسبة للصحراء الغربية من بين ذلك تحرك 150 منتخبا فرنسيا لمساندتها، ما يعد اختراقا للموقف الداخلي وهو في حد ذاته مكسب هام وهو ما ينطبق أيضا على السويدوألمانيا. وآثار من جهته النائب بالمجلس الشعبي الوطني بوغرارة الجانب المتعلق بحقوق الانسان والانتهاكات التي يتعرض لها حقوق الصحراويون في الأراضي المحتلة، فيما طرح الباحث الجامعي عميروش ركاح مسألة تتعلق بالتحرك الأمريكي الأخير بعد مجيء باراك أوباما إلى سدة الحكم نحو الجزائر وذلك على أساس الدور الريادي في الصحراء الغربية ودول الساحل وضرورة استغلال ما حققته المناضلة أمينة حيدر بعد الاضراب الذي قهرت به دول عظمى وتدخلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون شخصيا لتلبية مطلبها. وعاد الصادق بوڤطاية عضو قيادي في اللجنة الوطنية للتضامن مع الشعب الصحراوي إلى تاريخ القضية العادلة والمحطات التي مرت عبرها ولعل أبرزها جيمس بيكر الذي قال صراحة بأن أمريكا تعرقل قضية الصحراء الغربية ولم يتوان في وصف النظام المغربي بالمتمرد على القانون الدولي وبعدما أشار إلى أنه لا يوجد أي دولة تعترف بمغربية الصحراء وبالمقابل أكثر من 80 دولة تعترف بالصحراء الغربية أكد بأن هذه الأخيرة لم ولن تكون تابعة للمغرب الذي يسعى بشتى الطرق إلى الاساءة إلى الجزائر، داعيا إلى كشف النظام المغربي وفضائحه، كونه نظام هيمنة وتوسع يسعى لتشييد امبراطورية مغربية. وبعدما ذكر بأن المغرب سعت لمنع تقديم المساعدات للشعب الصحراوي بالتواطؤ مع فرنسا، أكد أهمية الموقف الجزائري المساند للقضايا التحررية، مضيفا بأن بناء المغرب العربي باعتباره تكتلا لابد منه لن يكون على حساب الشعب الصحراوي. وفي معرض رده على الانشغالات المطروحة، منها موقف أمريكا أكد السعيد العياشي بأن أمريكا لديها اهتمامات أخرى والقضية الصحراوية ليس في دائرة اهتماماتها الآن، كما أن كلينتون أكدت بأن موقف أمريكا لم يتغير فهي تؤيد مبدأ تقرير المصير، لكنها تبقى على الأوضاع كما هي عليه وجيمس بيكر كان الأقرب الى الحل، لكن فرنسا عرقلت المسألة، مؤكدا بأن قضية أمينة حيدر مهمة جدا ولا ينبغي تفويتها لافتكاك مكاسب، لكن العرقلة الأمريكية والفرنسية حالت دون إيجاد حل.