تمر اليوم 3 سنوات على اختيار الشعب الجزائري مبادرة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة المتمثلة في المصالحة الوطنية لحل الأزمة الوطنية نهائيا، حيث عبر الشعب الجزائري في استفتاء 29 سبتمبر 2005 بنسبة 32,97 بالمائة عن مساندة رئيس الجمهورية في مسعاه، لطي مآسي الفتنة التي أحلت بالبلاد، هاهي الجزائر اليوم تسير بخطئ ثابتة الى بر الأمان والاطمئنان، بالرغم من محاولات العديد من المتربصين بالجزائر التشويش على النتائج الباهرة للمصالحة الوطنية التي يتمسك بها الرئيس والشعب الجزائري في كل مرة، وهو دليل على القناعة التامة بأن مد يد التسامح للمغرر بهم يبقى الوسيلة المثلى لمنع الطريق لاستغلال المأساة الوطنية، وجعل الأوضاع تستمر ما قد تكون عواقبه وخيمة. التائبون في إرتفاع مستمر تمكن مئات المغرر بهم بعد استفتاء المصالحة الوطنية من العودة الى المجتمع الذين اندمجوا فيه بسهولة، ووجد الشباب العائد كل العناية والاهتمام ما جعل الجماعات الدموية في كل مرة تحاول استهدافهم أو تعيد تجنيدهم للتشويش على المصالحة الوطنية، وزرع بذور الشك في المجتمع لكن العمليات التفجيرية الأخيرة، التي بات تنتهجها بقايا الجماعات الدموية تعبر عن اليأس والقنوط الذي بلغته بعد الضربات الموجعة التي تلقتها من الشعب والدولة الجزائرية، وتحاول من خلال تلك العمليات اليائسة التشويش وفقط وهو ما يؤيد وجود تحريض ودعم أجنبي لهذه الجماعات لضرب استقرار الجزائر لاغير. وما زاد في تضييق الخناق على الجماعات الدموية هو شهادات العائدين من الجبال الذين تحدثوا عن سلوكات مشينة وواقع مزري لهذه الجماعات التي لا تملك أي منهجية، وهدفها فقط هو القتل وإراقة الدماء وتبني فتاوى لأطراف مجهولة معادية وحاقدة على الجزائر. مساندة علماء الدين زاد المصالحة قوة وتجذرا حتى وان تحفظت بعض الدول في بادئ الأمر عن إبداء موقف تجاه المصالحة الوطنية التي اعتبرتها ترسيخ للأعقاب، فبمرور الوقت وجدت المبادرة المساندة والدعم الكامل من قبل علماء الدين على غرار سماحة الشيخ يوسف القرضاوي وغيرهم من علماء الدين في مختلف الأقطار العربية والأجنبية، بعد تيقنهم من المسعى النبيل للمصالحة الوطنية، التي كانت الوسيلة المثلى لحقن الدماء ومعالجة الأزمة التي حلت بالبلاد والتي دامت أكثر من 10 سنوات. وكان لإنفجار الوضع في عديد دول العالم واستحالة حل الأزمات بالسلاح فقط، دون اللجوء الى تدابير اجتماعية واقتصادية الأثر البالغ في زيادة الاهتمام بالمصالحة الوطنية في الجزائر، فالعراق وأفغانستان وباكستان تدهورت فيها الأوضاع بشكل لم يسبق له مثيل في ظل التركيز فقط على الجانب العسكري، وهو ما يزيد في متاعب تلك الدول ويفتح المجال لتجار السلاح للتموقع بدلا من السياسيين والدبلوماسيين، وهو ما يجعل أمد الأزمات يطول و لا ينتهي والصومال أكبر دليل. ويتزايد يوما بعد يوم انخراط علماء الدين المعتدلين والذين يملكون سمعة طيبة في مساندة المصالحة الوطنية حتى بعد التفجيرات الأخيرة التي قوبلت بتنديد واستنكار كبيرين من مختلف دول العالم حتى تلك التي كانت متربصة ومشككة فيما يحدث في الجزائر. وسائل الإعلام مطالبة بالحذر يؤدي الإعلام حاليا بمختلف أنواعه دورا كبيرا في مكافحة الإرهاب والتحسيس بالأخطار الناجمة عن التطرف، بعد أن ساهم بقسط وافر في الترويج والدعاية للمصالحة الوطنية، من خلال نقل مختلف حملات الشرح والتوعية والاهداف البعيدة للصلح بين أفراد الشعب الجزائري . وفتح الإعلام الوطني الباب لجميع الآراء ما زاد من قيمة المصالحة وصداها في المجتمع حيث وبعد 3 سنوات من إدلاء الشعب الجزائري بصوته، لازال الإعلام يمنح المصالحة الوطنية والملف الأمني اهتماما بالغا. غير أن اهتمام وساءل الإعلام الوطنية بالمصالحة الوطنية ونقلها للايجابيات والنقائص، لم يمنعها من الوقوع في هفوات في التعاطي مع بعض الأحداث على غرار التفجيرات الانتحارية والإفراط في نقل جديد الجماعات الدموية والوقوع بالتالي في الترويج والتعريف بتلك الجماعات الدموية التي ينصب جل اهتماماها في السنوات الأخيرة على الدعاية الإعلامية، بعد تضييق الخناق عليها في مختلف المجالات وهو ما لم تفهمه بعض الأقلام التي تتجاهل المصلحة العليا للوطن وواجب المشاركة في مكافحة الإرهاب وبقيت منشغلة بأدق تفاصيل الجماعات الدموية، التي تستفيد من شبه إشهار مجاني وهو ما خدمهم كثيرا خاصة على المستوى الخارجي، حيث تجد أعمالهم الدامية صدا كبيرا في القنوات ووسائل الإعلام المعادية للجزائر والتي تستغلها لتقديم صورة سوداء عن البلاد وإظهارها بان الأزمة لازالت قائمة وان المصالحة الوطنية لم تأت أكلها. وحتى التعاطي الأجنبي مع المصالحة الوطنية كان ضبابيا حيث وفي ظل تجاهل الأهداف النبيلة للمبادرة، ركز البعض على أكذوبة ترسيخ اللاعقاب وهو ما يجعلنا نتأكد من رغبة عديد الدول في إبقاء نار الفتنة مشتعلة في الجزائر لتمرير أطماعها ومصالحها. إرفاق المصالحة بمشاريع للتنمية ركز رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مجهوداته منذ مجيئه الى السلطة في 1999 على أمرين اثنين وهو القضاء على الفتنة وإصلاح ذات البين وتدارك التأخر في التنمية من خلال تسطير برامج تنموية ضخمة لمختلف مناطق الوطن مكنت من تحسين الإطار المعيشي للجزائريين والتقليل من مظاهر البؤس والحرمان والعزلة التي تعتبر من بين اخطر الأسباب التي تجعل الشباب يسلك مسالك غير سوية . وسمحت مختلف البرامج التي فاقت 300 مليار دولار من إنجاح المصالحة الوطنية وتعزيز الترابط الاجتماعي ومنه القضاء على الإرهاب من جذوره حيث كان لتشخيص الأسباب الأثر البالغ في تشديد الخناق على المتلذذين في إراقة دماء الجزائريين. بالإضافة الى مختلف البرامج التنموية تواصل المصالحة الوطنية طريقها دون تأثر بمحاولات التشويش ووصلت مبالغ التكفل بضحايا المأساة الوطنية أكثر من 100 مليار دينار الى حد الساعة فمن التعويضات وحل المشاكل الاجتماعية تواصل مختلف الهيئات البحث عن السبل الكفيلة بالاندماج الاجتماعي والأسري لأبناء الإرهابيين دون عقد في سياق المعالجة الشاملة للأزمة. نشاط للتحسيس والتوعية تبقى مسؤولية الإعلام والجمعيات والأحزاب السياسية كبيرة في الترويج والتحسيس للمصالحة الوطنية التي مكنت من حل العديد من القضايا خاصة إقناع المغرر بهم بالعودة للمجتمع واستجابتهم المتتالية لنداءات الاستفادة من تدابير المصالحة الوطنية التي جاءت في المراسيم التطبيقية الصادرة في 28 فيفري 2006 وهذه العملية التي عرفت بعض التراجع والتراخي يجب إصلاح خلالها لأن المصالحة الوطنية مشروع مجتمع ولا تتوقف عند المعالجة الأمنية فقط . ------------------------------------------------------------------------