أعتز بالعديد من أقلام بلد المليون شهيد تحمل هويّتها الفلسطينية العربية راية شامخة، ترفرف عاليا في كل المحافل الدولية والعربية، أين يصدح صوتها جليا بقصائد تحكي غاليا التضحية والصمود وفلسطين الجريحة الصامدة والمرأة المكافحة...إنّها ابنة فلسطين وعاشقة الحرف الحر الملتزم، الشاعرة رولا اشتيه، التي فتحت قلبها لقراء يومية «الشعب»، في هذا الحديث الذي عبرت من خلاله عن آرائها حول الإبداع والكتابة والمبدعين، وأفصحت عن مشاعرها وحبها لموهبة الشعر التي صقلت شخصيتها المتميزة منذ الصغر.
❊ الشعب: حدّثينا عن رولا اشيته الدكتورة والأديبة وكيف توفّق بين مسؤولياتها اليومية وموهبتها الأدبية؟ ❊❊ رولا اشتيه: تحيّة طيّبة وأشكركم على إتاحة الفرصة للحديث عبر جريدتكم الغراء، أنا باختصار ابنة فلسطين الأبية الصامدة..عاشقه الحرف والروح...أنا أنثى مختلفة بكل المقاييس وبناء على ذلك قمت ببرمجة حياتي كرولا الأم ورولا الشاعرة ورولا الدكتورة الجامعية، وهذا ليس بالسهل، أن تعيش واقعك مقسما بين هذا وذاك وأن تبدع في جميع مهامك وتنجزها على أكمل وجه. فأنا أستيقظ يوميا الساعة 6 صباحا أجهز أبنائي للمدرسة ومن ثم أنهي بعض إعمالي المنزلية، وأتوجه إلى جامعتي وأمكث للساعة 2 تقريبا ثم أعود لبيتي حتى الساعة 4 ومن ثم أتوجه لصيدليتي الخاصة وأمكث للساعة 10 مساء، ما بين هذه المداخلات ينطق قلمي شعرا وتهيج عواطفي نحو كتابة حرف هنا وهناك لأنظم بالنهاية قصيدة وليدة اللحظة. ❊ كيف كانت البداية مع الكتابة؟ وكيف تقيّمين مشوارك الأدبي اليوم؟ ❊❊ بدأت موهبتي بالكتابة من عمر 13 تقريبا، فقد أحببت القلم الحر بالتعبير والخطابة في المدرسة، وبدأت أستمع لبعض الكلمات والأشعار النبطية تحديدا، حيث أنني ترعرعت في بلاد الحجاز والتي صقلت موهبتي حتى الآن، ومنذ ذلك الوقت قررت أن لا تبقى كتاباتي قيد درج ورف، فتمردت قليلا على واقعي وقررت أن أنثر عبير قصيدتي وأعلنها بداية ثوره للقلم، وبدأت عام 2010 وإلى الآن وأنا أكتب وأشارك بالمهرجانات والمحافل الدولية وأمثل فلسطين، فرِحة بما أحقق من نجاحات وتقدم أدبي. ❊ غالبا ما تؤثّر الأحداث الرّاهنة على موهبة الأديب والشّاعر..هل ينطبق الأمر أيضا على كتاباتك وقصائدك؟ ❊❊ بالطبع، الواقع الذي عشت فيه صقل الكثير من شخصيتي وكانت طفولتي منبعا للشعر، فالمكان والزمان لهما دور كبير في تغذية فكر وقلم الشاعر، وأكثر ما جعل قلمي ينبض هو الألم الذي نعيشه في فلسطين، وواقع الحرمان والاحتلال الذي جعل من قلمي سلاحا أحارب به العدو، فأكثر ما يخشى المحتل قلما يرفع في وجهه، وهذا جعل قصائدي تكتب حسب الحدث والأثر النفسي والواقع الذي يجسد من الكلمات قصيدة منثورة فوق الألم. ❊ ماذا عن مشاركتك في الملتقيات والمسابقات الأدبية؟ ❊❊ بفضل الله وحمده، كما ذكرت، انطلقت من بغداد عام 2010 مع صديقي الشهيد الشاعر طالب الشمري، الذي قدمني للجمهور العراقي والعربي، ومن خلال وزارة الثقافة العراقية التي احتضنت أول إصدار لي وهو ديوان «همس عاشقين»، ومن ثم أكملت مسيرتي متنقلة من مهرجان لآخر في كل الدول العربية، وتوجه لي دعوات رسمية من خلال وزارة الثقافة في البلدان العربية للمشاركة وتمثيل فلسطين، وفخر لى وشرف كبير أن أصعد على منصات ومدرجات بلاد عربية. آخر مهرجان أشارك فيه هو مهرجان بيت القصيد الذهبي، الذي تحتضنه بحر هذا الأسبوع مدينة صفاقس التونسية، ويحضره ثلة من الشعراء العرب. ❊ تشاركين في ترقية الثّقافة والأدب واللغة العربية من خلال نشاطاتك بالمدرسة العربية والحديثة..كيف هي التجربة؟ ❊❊ مدرسة النهضة الأدبية الحديثة هي وسام شرف لكل من ينتسب لها ويصبح عضوا فيها، فهي مدرسة مختلفة في الرؤيا والأهداف عن غيرها من المدارس، وبالتالي لها طريقة مميزة في انتقاء الكاتب والشاعر، وتقديم النقد والتعديل لكل منتسب من خلال مجموعة من ذوي الاختصاص في اللغة العربية والخط العربي، الذين يقدمون كل ما يستطيعون لرواد المدرسة، مما يثري الحركة الأدبية ويغير من مفردات الحرف التقليدية، وكوني أمثل المدرسة في فلسطين فيقع على عاتقي مسؤولية أكبر في إرساء قواعد سفينتها على شاطئ الأمان في بلدي وهذه لوحدها تجربه وتحدي مميز ومختلف. ❊ «فلسطين في القلب وفلسطين في الموهبة والحرف»..ماذا يعني هذا بالنسبة إليك؟ ❊❊ يعني الكثير، فأنا أتنفس فلسطين عشقا وقلبي يتألم خوفا على تراب بلدي الذي سلب ومازال يسلب على مرأى ومسمع العرب، ففلسطين آااااااااااااه يا وطني يا جرحي النازف. ❊ ماذا أضاف الفضاء الأزرق اليوم للكتاب والشّعراء؟ وهل يساعد فعلا على التّعريف بالمواهب أم له مساوئ أخرى غير قضايا السّطو الأدبي؟ ❊❊ كل شيء في حياتنا سيف ذو حدين، والفضاء الأزرق كذلك. أنا شخصيا استفدت الكثير من هذه المساحة الكبيرة، حيث عملت خلال سنوات انضمامي لصفحة الفايسبوك على اقتناء الأصدقاء واختيار من يناسبني فكرا وخلقا وذوقا، وهذا بالتالي يفتح آفاقا كبيرة للتعامل الصحيح والمفيد. من هذه الصفحات أطلقت وتعرفت على نخبه شعراء وكتاب وأساتذة أضافوا إلي الكثير وساعدوني في الارتقاء بالأدب والشعر، ولاشك أن هناك فئة تخرج عن المألوف فقد تصادفك النفوس المريضة وأحيانا سارقو الأدب، وأحيانا أخرى مجردو الأدب، وبالتالي يبقى على الشخص أن يستعمل مهارات وفن التعامل مع كل المستجدات والأحداث ويسيرها حسب أهدافه.
❊ يكثر الحديث عن الكتابة النّسوية أو الأدب النّسوي..ما رأيك حول هذا الموضوع؟ ❊❊ الأدب النسوى ليس وليد اليوم، وقد عرفت شاعرات وناقدات كثيرات، ولكن كن في قوقعة العادات والتقاليد التي ترى في المرأة ربة بيت لا أكثر، وبالتالي ما تشهده اليوم الساحة الأدبية من ثوره الأدب النسوي إنما هو حصاد لما زرع سابقا، مع بعض التغيرات التي تواكب الأدب الحديث، ورغم ذلك ما زلنا نفتقر للأدب النسوي الواعد المعبر والمركز على قضايا النساء بشكل مباشر. ❊ هل لديك احتكاك مع المثقّفين الجزائريّين؟ وما رأيك في الأقلام الجزائرية؟ ❊❊ نعم لي احتكاك جيد مع بعضهم، وهم نخبة متميزة بالقلم والإبداع خاصة الشعر الشعبي الجزائري، وبالمقابل هناك أقلام تصفّ الحرف صفا، وهذا ينعكس على القارئ العربي ويعكس صوره غير جيدة، ولكن كتجربتي الشخصية فأنا أفتخر بقلم مليون جزائري كمليون ونصف مليون شهيد. ❊ حدثينا عن إصداراتك وعن مشاريعك المستقبلية.. ❊❊ بفضل الله صدر لي لحد الآن عدة دواوين أولها «همسات عاشقين» ثم ديوان «شوق الصحارى للمطر»، ومن ثم ديوان «محابر عربية» وهو إصدار مشترك، ولدي الآن تحت الطباعة ديوان ‘'أنثى ولكن''؟ ومازال مطر قلمي منهمرا نحو الأفضل وبما يتناسب مع نبضات الروح والقلب، وعن مشاريعي المستقبلية مازلت أحلم بأن أتوشح علم فلسطين في كل بلاد العالم، وأن تصدح حنجرتي بلهيب الشوق وصراع البقاء، وأن تصل صرخة أطفال الحجارة إلى كل مكان.
❊ كلمة أخيرة؟ ❊❊ عادة ما أعشق أن أقول في ختام كلماتي أول الغيث قطرة، كل الشّكر لكم وإليك سيدتي الغالية على سعد الصدر وحسن الحوار، متمنية لكم مزيدا من التألق والنجاح.