إزدهار الصحافة الإلكترونية مرهون بتطور المجال الرقمي وخدمة الأنترنت أضحت الصحافة الإلكترونية في الجزائر واقعا لابد منه، بحكم تطور تكنولوجيات الإعلام والاتصال، بحيث كان من الضروري الولوج إلى العالم الرقمي للاستفادة من هذه التكنولوجيات ومن التفاعلية التي تتيحها لجلب جمهور منقطع النظير والرفع من نسبة المقروئية، خاصة مع تسجيل نوع من التطور المجتمعي في استيعاب الفضاء الإلكتروني حتى وإن كان في أبسط صوره ممثلا في صحافة المواطن، لكن يبقى تأسيس ونقاء المشهد الصحفي بالجزائر يستدعي العمل على الصعيد التشريعي والاجتماعي للذهاب بالعملية الإعلامية إلى آفاق واعدة، بحسب ما أكده ضيف «الشعب» د. كريم بلقاسي مختص في الصحافة الإلكترونية. أشار بلقاسي إلى أن التطورات الحاصلة في البنية السياسية والاجتماعية للجزائر، من بينها رفع الاحتكار عن مركز البحث التقني «سيرست» في 2008 أعطى إمكانية أكبر للصحف للحصول على ترخيص وإنشاء صحيفة إلكترونية تحمل إضافات، بفضل الفضاء الواسع المتاح. غير أن المتعارف عليه لإنشاء هذا النوع من الصحف، يتطلب تأسيس موقع إلكتروني، سجل تجاري، توفر مقر أو على الأقل مكتب معتمد بالجزائر، ودفع مبلغ سنويا. في هذا السياق، أكد ضيف «الشعب» أن الدولة دعمت إنشاء الصحافة الإلكترونية وذلك ورد جليا في المواد 69 إلى غاية 72 من قانون الإعلام 2012، إلا أن ذلك لا يرقى الى تطبيق وتطوير هذا النوع من الصحافة وتشكيل إضافة حقيقية في المشهد الإعلامي، لأن هذه المواد لم تتضمن سوى بعض التعاريف والعقوبات المسلطة في حال تسجيل مخالفة. ورغم ذلك، يبقى قانون الإعلام 2012 يمثل نقلة نوعية ودعامة جديدة للمشهد الإعلامي من خلال تكريس حرية الصحافة عبر فتح المجال السمعي البصري، ضبط الصحافة المكتوبة، وكذا المجال السمعي البصري، غير أنه يبقى غير كاف، بحيث يتعين الانتقال الى الأمور التنظيمية. من جهة أخرى أشار بلقاسي، إلى أن الكتابة في الصحافة الإلكترونية تختلف عن نظيرتها المكتوبة، سواء من حيث القوالب الصحفية أو التقنيات الموجودة والمهارات، خاصة وأن القارئ اليوم تطغى عليه ثقافة الصورة، ما يجعلها حتمية ومجالا لتطوير تعددية الصحافة وتساهم في تخفيف الكثير من التكاليف، خاصة مع غلاء الورق والضغوطات المتزايدة. في هذا السياق، دعا المختص في الصحافة الإلكترونية إلى تطوير هذا المجال وذلك بعدم حصر قراءة النصوص التشريعية في إطارها القانوني، بل بكل أبعادها وسياقاتها السياسية والاجتماعية والثقافية وهذا لجعلها دعما حقيقيا للصحافة المكتوبة، خاصة في دعم المقروئية والرواج، ما يستدعي الإسراع في وضع أو سنّ قانون خاص بالصحافة الإلكترونية أو قانون تكميلي لمواكبة المتغيرات في هذا المجال الذي قطع أشواطا كبيرة في دول أخرى. في المقابل، يصطدم تطوير الصحافة الإلكترونية ببلادنا - بحسب المتحدث - بتطور المجال الرقمي ومدى جودة خدمة الأنترنت وبنيتها التحتية والمحتوى الإلكتروني الوطني، كل ذلك في إطار الالتزام بأخلاقيات العمل الصحفي الإلكتروني والخروج عن ذلك سيؤدي دورها بالعكس وتتجه نحو التضليل الإعلامي والمغالاة وتغييب المصدر الحقيقي للمعلومة ومصداقيتها. من جهة أخرى، يطرح بروز وخوض غمار الصحافة الإلكترونية أمورا أخرى كمسألة تحيين المواقع الإلكترونية بما فيها تطوير الإشهار الإلكتروني والذي أشار بلقاسي بخصوصه، أنه لم يخرج لحد الساعة عن اللافتات الساكنة ولا يمتلك تقاليد، مرجعا ذلك إلى كون المجتمع تطغى عليه ثقافة الصورة وهو غير مهيّأ لهذا الانتقال الإلكتروني. في هذا الإطار، أوضحت وهيبة حاجي، المختصة في التشريعيات الإعلامية، أن تطوير الإشهار الإلكتروني مرتبط أساس بإنعاش مناخ تجاري إلكتروني. علما أن الجزائر لا تحصي سوى 15 مؤسسة تنشط في هذا المناخ، ما يستدعي، بحسبها الذهاب إلى سن نصوص تشريعية تكميلية لقانون الإعلان 2012، ناهيك عن تكوين الصحفيين في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال والتوصل لإجماع توافقي بين الصحافة العمومية بخصوص توفير دعم حقيقي بالأنترنت ووضع خدمات جديدة عبرها.