أصحاب البنايات الهشّة متخوفون من الانهيارات خلّفت التساقطات المطرية الأولى التي شهدتها ولاية البليدة فرحة الفلاحين وخاصة، أصحاب بساتين الفاكهة والحوامض والزيتون، بعد شحّ لفترة طويلة، أدت إلى الجفاف وفي الوقت نفسه ظهر تباين بين سكان الأحياء الشعبية من وادي جر غربا الى مفتاح شرقا، بين مرتاح للقطرات التي تساقطت، وآخرين أبدوا امتعاضهم من سوء التحضير في التدابير إن صحّ التعبير الوقائية، من وقوع فيضان مياه الى داخل المساكن الهشّة، وتحول الطرقات وشوارع كثيرة الى مسابح وسيول مائية. كالعادة لم تكن أمطار الغيث الأخيرة والمتوقعة في الأيام المقبلة، بالمفرحة إلى قلوب المواطنين والعائلات المقيمة بمساكن وبازارات الموت، كما يطلق عليها، ورغم ان الكميات التي تساقطت كانت قليلة، إلا أن بعض الأحياء والطرقات تحوّلت الى سيول اختلطت في بعض منها مع مياه التطهير لصحي، وأعاقت حركة السير، مثل ما حصل بحي ما حصل بحي «ليسبانيول» في أولاد يعيش، بسبب اعتماد السكان (أكثر من 300 عائلة) على الحفر التقليدية لانعدام شبكة تطهير، ورغم أن الحي حديث والبناءات به منظمة وتخضع لمعايير البناء الحديث، وهو الحال نفسه على مستوى الطريق السيار شرق غرب، في بعض النقاط السوداء والتي تجد تلك القطرات القليلة مجرى لها، يبعدها عن الطريق ويحوّلها الى قنوات صرف مياه الأمطار، حيث شهدت بعض المحاور حركة ازدحام جراء تراكم المياه وسط الطريق السريع، وهو الحال أيضا بالنسبة لبعض المحاور الفرعية، التي تربط مع الطريق السيار، والتي تحوّلت رغم تعبيدها وتهيئتها مطلع السنة، الى ما تسببه البرك المائية العائمة، اجبرت السائقين على السير في طوابير، تجنبا لوقوع حوادث مرورية. اما حال سكان البازارات والبنايات العتيقة والهشّة، التي تعود الى زمن الأتراك والفرنسيس، والأحياء الفوضوية، فكانت امطار الغيث بالنسبة لهم بقدر ما كانت تفرحهم بقدر أيضا ما كانت مفزعة ومرعبة لهم، دفعت ببعض العائلات الى الهروب وإخلائها والاحتماء لدى الجيران والأقارب، مخافة انهيارها ووقوعها فوق رؤوسهم، مثل ما حصل بحي البرتقال، الطيب جغلالي، وبازار الطلايق وطريق الباي، الواقعة خاصة بقلب المدينة العتيقة في وسط البليدة، وبالرغم من فرحتهم بتلك الأمطار، إلا أن كثيرا من تلك العائلات نادت الى إنقاذها من تلك البنايات الخطيرة، والتي تشبعت حيطانها وجدرانها بالمياه، وباتت لا تستطيع المقاومة والصمود امام عوامل الطبيعة والزمن، وضرورة التعجيل بترحيلها مخافة وقوع كوارث بينهم. وبالمناطق الداخلية والأحياء الريفية، فتحولت مثل كل موسم أمطار وتساقط، الى أوحال وبرك مائية، ولم يستطع تلاميذ الالتحاق بمؤسساتهم التربوية، خاصة تلك البعيدة عنهم، بسبب سوء حالة الطرقات، وعدم تعبيدها وتهيئتها، وهو ما كان بأحياء الزوقاري والسواكرية وكتانغا في مفتاح، وأيضا بأحياء بالجهة الغربية والوسطى من الولاية، ويضاف إلى هذه الأحياء الشعبية النائية والمتخلفة،وقوع بعض السكان في فخّ الأشغال التي لم تنته ببعض الشوارع والأحياء، والتي حولت الطرقات الى سيول جرفت مع الأتربة والحجارة والأوساخ، مثل ما حصل في العفرون غربا، حيث لم تنته الأشغال لحد الساعة في تهيئة الطرقات العامة والأزقة الفرعية. وعن الإجراءات والتدابير التي تمّ اتخاذها تحسبا لموسم الأمطار، فالملاحظ والمعاينة، أن بعض البلديات بادرت في تنقية قنوات صرف مياه الأمطار، وأظهرت تلك المعاينة جدية بين المسؤولين، ورضا في المقابل بين المواطن البليدي، لكن الأمطار الاخيرة اظهرت ايضا ان الاجراءات الاحترازية من وقوع اسنداد في بالوعات الصرف لمياه الامطار، لم تحدث بدليل تحوّل طرقات كثيرة الى مجاري وسيول في ظرف دقائق تساقط قليلة، وهو ما يدعو الى أن تتفطن مصالح التطهير والبلدية الى بقية موسم الأمطار والبرد.