لم تمر سوى سبعة جولات من دوري المحترفين حتى تخلت نصف الأندية عن مدربيها سواء من المحليين أو الأجانب، لتقترب البطولة من تحقيق رقم قياسي في تسريح المدربين. وسعيًا لتنظيم عمل المدربين وتقييد تحركاتهم، كان الفاف قد قررت قبل بداية الموسم الحالي منح إجازتين لكل مدرب في الموسم الواحد، لكن سرعان ما تبيّن أنّ هذا القرار لم يكن أكثر حصانة وقوة من المرسوم الذي سنته وزارة الشباب والرياضة عام 2005، والذي ألزم الأندية بالتعاقد مع مدربين إثنين فقط في الموسم، غير أنّ هذا القانون لم يصمد في النهاية سوى خلال فترة تولي الوزير يحيى قيدوم منصبه. ومن إجمالي 16 ناديًا في الدوري، أقدمت ثمانية أندية على تغيير أجهزتها الفنية، ست من هذه الأندية وهي شبيبة القبائل ونصر حسين داي وأمل الأربعاء وسريع غليزان وشبيبة الساورة ومولودية الجزائر أقالت مدربيها بسبب سوء النتائج. بينما فضل السويسري ألان غيغر وجمال بن شاذلي الإستقالة من تدريب مولودية بجاية وإتحاد البليدة، على الترتيب، لأسباب مختلفة. وكان مراد كاروف أول ضحايا الموسم حيث أقيل من تدريب شبيبة القبائل مباشرة بعد خسارة الفريق أمام ضيفه شباب قسنطينة 0-1، في الجولة الأولى من الدوري. كاروف الذي كان بمثابة المنقذ لشبيبة القبائل، دفع سريعًا هذه المرة ضريبة الصراع بين الرئيس محند شريف حناشي ومعارضيه فخرج من الباب الضيق. وكان نفس المصير بانتظار بلال دزيري في أول تجربة له كمدير فني حيث لم تستمر مغامرته مع نادي أمل الأربعاء سوى ثلاث مباريات حصد فيها الفريق ثلاث هزائم كانت كافية لدفع الرئيس جمال عماني لإتخاذ قرار الإستغناء عنه، ليعود دزيري إلى منصب مدرب مساعد لكن هذه المرة في فريق نصر حسين داي. ولم تكن أسباب إقالة عمر بلعطوي من تدريب سريع غليزان شبيهة بتلك التي أطاحت بكاروف ودزيري، زميليه في المنتخب الجزائري خلال التسعينيات من القرن الماضي، حيث عاقبته إدارة النادي بفسخ عقده بعد إطلاقه تصريحات تحدث فيها عن مشاكل إدارية تهدد استقرار الفريق الذي عاد لتوه من فوز خارج أرضه هو الأول له في الموسم على حساب أمل الأربعاء 1-0. أمّا عبد القادر يعيش قاوم غضب المشجعين حتى الجولة الرابعة، قبل أن يغادر تدريب نصر حسين داي مضطرًا بعد ثلاث هزائم متتالية منها اثنتان أمام الجارين شباب بلوزداد وإتحاد الحراش. وفجر السويسري ألان غيغر المفاجأة واستقال من تدريب مولودية بجاية دون أن يخسر أي مباراة، حيث جاء رحيله بسبب خلافات مع مسؤولي نادي مولودية بجاية حول الصلاحيات ونظرًا لتباعد وجهات نظر الطرفين. واستطاع مولودية بجاية أن يستعيد مدربه السابق عبد القادر عمراني الذي خاض تجربة قصيرة لم تكلل بالنجاح مع الرائد السعودي. ولم يكن غيغر الوحيد الذي استقال من منصبه، حيث تبعه جمال بن شاذلي الذي قرر ترك إتحاد البليدة بداعي استحالة التنسيق بين مهام المنصب والتدريس في كلية الرياضة بمسقط رأسه مدينة وهران. بينما شكلت الضغوط الجماهيرية سببًا كافيًا لمجلس إدارة نادي مولودية الجزائر لإقالة المدرب البرتغالي المخضرم أرتور جورج وتجنب تفاقم الأمور في الشارع الرياضي، بعد أربعة أيام من خسارة المولودية على أرضه أمام تاجنانت 2-3 والتفريط في صدارة الدوري. وتعجب جورج من قرار إقالته بدعوى أنّ فريقه يحتل المركز الرابع في الجدول، واشترط تلقي مستحقاته المالية كاملة لفسخ العقد. وبالتأكيد لن ينسى الفرنسي بيرنارد سيموندي تجربته مع نادي شبيبة الساورة بسهولة، كونه أقيل من منصبه إثر الخسارة الأولى للفريق في الموسم بعد انتصار واحد وخمسة تعادلات. ورفض سيموندي تلبية طلب إدارة الساورة بالعودة لتدريب الفريق مفضلًا نقل شكواه وما تضمنته من اتهامات خطيرة ضد مسؤولي هذا النادي لسفارة بلاده في الجزائر في المرحلة الأولى، ثم التلميح باللجوء إلى الفيفا كمرحلة ثانية. ويرشح المتتبعون أن تطال مقصلة الإقالة المزيد من المدربين في الأسابيع المقبلة، خاصة وأن مسؤولي الأندية لا يهتمون إلّا بالنتائج الفورية تفاديًا لضغوط الشارع المتصاعدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه التغييرات التي تكلف الأندية مبالغ مالية كبيرة، تأتي في الوقت الذي تواجه فيه بعض الأندية شبح الإفلاس. يُذكر أنّ ثلاثة أندية فقط، هي وفاق سطيف حامل لقب الدوري ومولودية بجاية حامل لقب الكأس وجمعية وهران، لم تغيّر مدربيها خلال الموسم الماضي، بينما أقدمت أندية أخرى على جلب ما بين مدربين إثنين إلى أربعة.