أكد لنا سيناريو مباراة مصر والجزائر الأخيرة، المحبوك بإتقان، أن الجزائريين شعب "نية بزاف" بشكل لا يمكن لأحد أن يتصوره.. لقد سألني الأهل في المنزل والأصدقاء في الشارع والزملاء في العمل، صبيحة أول أمس الخميس، عن تكهناتي بخصوص نتيجة ذاك اللقاء المشؤوم.. فأجبت مع أنني قلما أجيب عن هذا النوع من الأسئلة بأن قلبي "مقبوض"، وبأنني أستشعر حدوث شيء ما غير مرغوب فيه، وأكدت لهم أنني متشائم من هذا اللقاء إلى أبعد الحدود.. ومع أن الكل عارضني في البداية، إلا أن النتيجة النهائية للقاء والطريقة التي انهزمنا بها، وما اقترفه المدعو كودجيا، أكدت ما كنت أخشاه.. في الواقع أنا لم أتمكن من فهم أسباب تشاؤمي ذاك إلا عندما طرد الحكم أحسن مدافع لدينا، حليش، واحتسب ضربة جزاء قاسية، ولم يأمر بإعادة تسديد ضربة الجزاء.. وسرعان ما تحول ما كان مجرد تخمين إلى حقيقة عند نهاية المباراة بالطريقة التي نعرفها جميعا.. في البداية حاولت ساذجا إرجاع كل ما حدث إلى ما يعرف تاريخيا بأسطورة "اللعنة الفرعونية"، المتمثلة في المصير المشؤوم الذي يحل بكل من يجرأ على التقرب من مومياء مصرية أو نبش تابوت، لكن سرعان ما رجعت بذاكرتي إلى ملحمة السودان، مقارنا بين مباراة أم درمان ومباراة بنغيلا، محاولا معرفة سبب تفوقنا في الأولى وخسارتنا في الثانية، فلم أجد غير سببين اثنين: الأول هو أن مباراة أم درمان أدارها حكم حيادي اختارته الفيفا، أما مباراة بنغيلا فأدارها حكم "مخدوم" اختارته الكاف، وبما أن الفرق واضح بين الاختيارين، فإنني أتساءل ببراءة عن سر عدم تركيز الجزائريين حديثهم -صحفيين، مسؤولين ورياضيين- عن اختيار حكم لقائنا مع مصر، خاصة وأن المصريين معروف عنهم قوة العمل في الكواليس، وعلى رأسها لجنتي العقوبات والحكام.. السبب الثاني هو أن الفراعنة لم ولن ينسوا الزلزال الذي ضربهم بدرجة 9 على سلم ريشتر، وكل ما حدث لهم بعد ملحمة أم درمان، وما أصابهم على جميع المستويات، سياسيا وإعلاميا وثقافيا، لسبب بسيط هو أنهم لم يكونوا يتوقعون مسحنا لهم من خريطة مونديال جنوب إفريقيا بتلك الطريقة الهيتشكوكية.. ولا يمكن للمصريين أن ينسوا أبدا "مصيبتهم معنا" وهم المعروف عنهم الإفراط في الحقد والتجبر والتكبر والتعالي والنرجسية، كلما تعلق الأمر بمن ينافسهم في مجال ما، وخاصة الجزائر.. فلا يمكن للمصريين أن ينسوا ما فعلناه بهم يوم 18 نوفمبر 2009 حتى يرث الله الأرض وما عليها، حتى وإن نسينا نحن.. فهل فهمتم كم نحن "نوايا"؟.. وللحديث بقية