غريب أمر لاعبينا الدوليين، حيث إلى غاية هذه اللحظة لم تتضح وجهة أغلب العناصر الدولية التي شاركت في مونديال جنوب إفريقيا، في حين نجح بوعزة والشاذلي في الإمضاء لفرق مقبولة وجيدة، وهي أرلس إفينيون الصاعد الجديد إلى الدرجة الأولى الفرنسية، وهو الصعود الثاني له على التوالي، في حين أمضى العمري الشاذلي في أحد أعرق فرق البوندسليغا، كايزر سلاوتن، وهما المبعدان من قائمة ال23 لاعبا الذين استدعيوا للمونديال في آخر لحظة، خاصة عامر بوعزة الذي ما زال صاحب آخر هدف رسمي سجله المنتخب الوطني، وكان ذلك أمام المنتخب الايفواري في الدور الربع النهائي برسم كأس إفريقيا الأخيرة التي أقيمت بأنغولا، نفس الشيء بالنسبة للعمري الشاذلي الذي حذف إسمه من المشاركين في التربص التحضيري للمنتخب، رغم أنه كان متواجدا في آخر موعد ودي أمام المنتخب الصربي في 5 جويلية، إلا أنه لم يشارك بسبب نزلة برد، وهو الذي عاد بقوة مع فريقه في مرحلة العودة من البطولة الألمانية مع فريقه ماينز، مما جعله هدفا للعديد من الفرق الألمانية التي أعجبت بموهبته ووضعته ضمن أهدافها، دون أن ننسى بزاز الذي غاب بسبب الإصابة التي تلقاها مع المنتخب الوطني في كأس إفريقيا، والتي حرمته من التواجد في جنوب إفريقيا رفقة الخضر، وعكس هذه العناصر لازالت ركائز المنتخب الوطني أو العناصر المدللة للشيخ في رحلة البحث عن ناد تلعب له الموسم القادم، حيث لم نر أي شيء ملموس وبقينا فقط نسمع عن اهتمام الأندية بخدماتهم واتصالات بين وكلاء أعمالهم وإدارات الفرق التي تريدهم دون أن يصلوا إلى اتفاق معها أو تتجسد هذه العروض على أرضية الواقع. بلحاج الإنتر، حليش الأرسنال، مبولحي المانشستر، بوڤرة ليفربول .. لكن إلى حد الساعة لا شيء رسمي وقد ترددت أسماء لاعبينا في أكبر النوادي الأوروبية التي أبدت اهتمامها بعناصر المنتخب الوطني حتى قبل المونديال، مثلما هو الشأن مع صخرة الدفاع مجيد بوڤرة الذي أدى واحد من أحسن مواسمه منذ أن بدأ ممارسة كرة القدم، حيث نال الثنائية في الرانجرز، وشارك في رابطة الأبطال بل سجل كذلك فيها ليكون ثاني لاعب جزائري يسجل اسمه في قائمة هدافي رابطة ابطال أوروبا بعد النجم ماجر، ضف إليها انجازاته على المستوى الشخصي كأحسن لاعب في غلاسكو وأفضل أجنبي في البطولة الأسكتلندية، دون أن ننسى ما حققه مع المنتخب الوطني بالتأهل إلى كأس العالم والمربع الذهبي لكأس إفريقيا، مما جعله محل متابعة من العديد من الأندية التي تريد خدماته، وفي مقدمتها ليفربول، أرسنال، هامبورغ وحتى البارصا في وقت سابق، لكن إلى غاية اللحظة لا شيء رسمي ولم يظفر الماجيك بأي عقد محترم ويتوجه شيئا فشيئا إلى البقاء في البطولة الأسكتلندية، بلحاج كذلك طرح اسمه في أكبر النوادي على غرار الأنتر ولازيو، لكنه فضل الإنتحار في قطر، حليش كذلك ما زلنا نسمع أنه مطلوب في عديد الأندية الكبيرة مثل أرسنال وبنفيكا الذي لم يفصل بين الإحتفاظ به أو إعارته للموسم الثالث على التوالي، وسيبقى في ماديرا أو ينتقل إلى غيماراش الفريق المتواضع والعادي جدا، وحتى الحارس المتألق مبولحي كان قد أجرى التجارب في مانشستر وأعجب به السير آلكس فيرغسون وأكد امكاناته في اللقاءين اللذين لعبهما أمام منتخبي إنجلترا والولايات المتحدةالأمريكية، ولكن رغم أداءه الرائع لم ينجح في الإنضمام إلى مان يونايتد أو حتى ويست هام الذي أكد اتفاقه معه، لكن دون تجسيد على أرض الواقع، ليبقى التساؤل مطروحا ما الذي يحول بين الأندية الكبيرة المهتمة بلاعبينا وبين الحسم معهم، خاصة أن سعر عقودهم في متناول أي فريق من الأندية التي اهتمت بهم أو أن الإتصال لم يتعد الإهتمام فقط. عنتر، مطمور، يبدة معروضون للبيع في أنديتهم في حين تبقى العناصر الاخرى مثل مطمور ويبدة وعنتر معروضة للبيع في فرقها بوخوم، مونشلادباخ وبنفيكا على التوالي، حيث لم تحتفظ بهم إدارة فرقهم وعرضتهم للبيع لعلها تنجح في تحويلهم إلى فرق أخرى بعد أن أعرب مطمور وعنتر عن رغبتهما في المغادرة، خاصة عنتر الذي سقط فريقه إلى الدرجة الثانية، أما يبدة فيبدو أنه لن يلعب في بنفيكا فريقه الأصلي بعد أن انطلق هذا الأخير في التدريبات، دون يبدة وهو الذي يرشح كفة انتقاله إلى فريق آخر قد يكون باريس سان جيرمان الذي يعد النادي الوحيد الذي اهتم به، في حين يقترب عنتر من سوشو بعد تماطل باري، في حين لم ينتقل مطمور إلى فيرونتينا التي اهتمت به قبل المونديال وصرفت النظر عنه بعد عودة المنتخب من كأس العالم. المونديال نقمة على الذين شاركوا فيه ونعمة على الغائبين عنه هذا وتحول المونديال من نعمة إلى نقمة على اللاعبين الذين شاركوا في كأس العالم بجنوب إفريقيا، وهم الذين كانوا يعولون عليه لرفع أسهمهم في سوق التحويلات والإنتقال إلى فريق كبير والظفر بصفقة مالية لا بأس بها، لكن للأسف انقلبت الآية ونجح الذين أبعدوا من المونديال كبوعزة والشاذلي بالإمضاء لفرق محترمة وبقي شوشوات سعدان تتفرج، خاصة أن الوقت فات نوعا ما وكل الفرق الأوروبية باشرت تحضيراتها وحتى النوادي التي يلعب لها لاعبونا انطلقت في التحضير للموسم القادم في غياب دولينا الموجودين في عطلة وينتظرون الوحي للإمضاء في إحدى الفرق الكبيرة ويحققوا حلمهم. شتّان بين كايزر سلاوترن والسد .. وبين البوندسليغا وبطولة المتقاعدين أمر آخر يثير السخرية والإستغراب، وهو إمضاء العمري الشاذلي في فريق كبير وعريق مثل كايزر سلاوتن الألماني الذي يملك كأس أروبية ولعب له العديد من اللاعبين الكبار، في حين أمضى لاعب جزائري طرح اسمه في سوق التحويلات وسمعنا عنه في أكثر من فريق، إلا أن نهايته كانت في السد القطري الذي اعتبره الكثير قد وضع حدا لمسيرته الإحترافية الناجحة بالإنضمام الى بطولة المتقاعدين، ليؤكد أن المونديال لم يساهم في انتقال بلحاج ورفاقه إلى أندية كبيرة أوروبية مثلما كانوا يأملون، خاصة أن بلحاج كان الأحسن في المنتخب الوطني، وبالمقابل أمضى الشاذلي دون أن يكون بحاجة إلى مونديال، ليؤكد إمكاناته والفرق واضح وشاسع بين السد القطري وكايزر سلاوتن، بل بين البطولة الالمانية وبطولة قطر التي تعد قبلة لجمع الأموال وليس لتطوير المستوى. توظيفهم السيّء صرف النظر عنهم شيء آخر يجدر بنا ذكره، وهو أن عدة لاعبين في المنتخب الوطني لم يوظفوا بشكل صحيح في المونديال، خاصة أن سعدان غيّر الخطة باستمرار ولجأ إلى توظيف اللاعبين في أماكن لا تناسبهم، مما جعل أداءهم ومردودهم ينقص أو لا يظهرون بوجههم المعتاد، والأمثلة كثيرة فمثلا مطمور، لم يظهر تماما في اللقاء الأول وكان أداؤه بعيدا جدا عن مستواه حين أشركه سعدان بمفرده في الهجوم، وهو اللقاء الذي تابعه العالم كله وحتى مسؤولو الفرق التي كانت مهتمة به على غرار نادي فيورنتينا، الذي يبدو أنها نفرت من التعاقد مع مطمور، بعد أدائه في المباراة الأولى، حين كان خارج الإطار وجعل بقية الفرق تصرف النظر عنه، ونفس الشيء بالنسبة لبلحاج، الذي لعب في الأشهر الأخيرة التي سبقت المونديال مع بورتسموث كوسط ميدان هجومي على الجهة اليسرى، مما سمح له بالبربوز وتسجيل أهداف أمام ليفربول وأرسنال وحتى نادي تشيلسي، لكنه وجد نفسه مقيدا بدور دفاعي مع المنتخب الوطني في مباريات المونديال، خاصة أن سعدان معروف بخططه الدفاعية، وهو الشيء الذي كبّله نوعا ما وجعله لا يظهر بكل قدراته الفنية في الهجوم التي أبهر بها متتبعي البريميرليغ، وحتى جبور المتعود على اللعب وراء المهاجمين أشركه الناخب الوطني كقلب هجوم حقيقي في المباراتين الأولى والأخيرة من الدور الأول للمونديال الإفريقي، والأمثلة عديدة، لأن سعدان لم يترك حرية اللعب لكل من لحسن ويبدة، اللذان قيّدهما بدورهما الدفاعي، وحتى الوجه الجديد المتألق قادير، قام بإشراكه كظهير أيمن، رغم أنه وسط ميدان. الشادلي تألق مع ماينز وأمضى في كايزر سلاوترن دون مساعدة سعدان لا أحد يُنكر الإمكانات الكبيرة لابن مغنية العمري الشادلي، الذي تألق الموسم الماضي مع ماينز في البوندسليغا، وجلب اهتمام العديد من الأندية الألمانية التي كانت تريد التعاقد معه والظفر بصفقة هذا العصفور النادر، الذي همّشه سعدان ولم يمنحه الفرصة التي أعطيت لمطمور، وهما اللذين التحقا في وقت واحد، أي في عهد المدرب الفرنسي جون ميشال كفالي، لكن سعدان واصل الاعتماد على مطمور وهمّش الشادلي في العديد من المرات، رغم أنه لعب مباريات رائعة في البطولة الألمانية بعد عودته من الإصابة، والكل كان يطالب باستدعائه للمنتخب الوطني، لكن الناخب الوطني لم يمنحه الفرصة وحطّم حلمه بالمشاركة في المونديال الإفريقي، لكن إجابته كانت فوق الميدان واستطاع خطف عقد مع فريق كبير في ألمانيا، في انتظار مواصلته للتألق، وهو الذي أثار إعجاب الجميع في فريقه الجديد منذ اللحظات الأولى وفي أول لقاء ودي بحر الأسبوع الفارط، والأكيد أنه لو شارك في المونديال لكان سيؤكد إمكاناته، خاصة في غياب الفنان مغني، وعدم وجود صانع ألعاب في أحسن لياقته، لأن زياني كان يعاني ولم يقدم شيئا في كأس العالم. 6 مواسم في إنجلترا حمّست أفنيون للتعاقد مع بوعزة رغم غيابه عن المونديال ولعل أهم نقطة حمّست نادي أرلس أفينيون الفرنسي، على التعاقد مع اللاعب عامر بوعزة، هو أنه قضى 6 مواسم في إنجلترا، ولعب لأندية واتفورد وشيفلد وبرمينغهام وأخيرا بلاكبول، وهو ما يعني أنه يملك خبرة كبيرة وتجربة واسعة رغم أنه يبلغ من العمر 25 سنة فقط والمستقبل أمامه ليعود إلى المنتخب الوطني الذي يبقى هدفه، ويعد نادي أفينيون من الأندية الغنية في فرنسا، وحقق الصعود للمرة الثانية على التوالي، وقام بتدعيم لا بأس به للبقاء في القسم الأول وحتى يتفادى سيناريو فريق بلعيد، بولوني سان لومير، الذي سقط بعد موسم واحد في القسم الأول، ما جعل مسؤولو النادي يُعدّون العدة ويجلبون لاعبين يملكون مستوى جيد من بينهم عامر بوعزة. الأندية الكبيرة لا تعترف بلقب "موندياليست" بل بالمردود أصبح لاعبو المنتخب الوطني يفتخرون بلقب "موندياليست" أي شاركوا في نهائيات كأس العالم، خاصة وأنهم يعدون على الأصابع في الفرق التي يلعبون لها، على غرار لحسن، الوحيد في فريقه الذي لعب المونديال، وكذلك يبدة وبلحاج، إلى جانب حارس إنجلترا جيمس، وكذلك مطمور وبرادلي فقط من مونشنڤلادباخ، وبوقرة وإيدو من غلاسكو، لكن الفرق الكبيرة حين تريد انتداب لاعب ما لا تنظر إن كان "موندياليست" أم لا، بل ما يهمها هو مردوده فوق المستطيل الأخضر، والدليل اهتمام الأندية الكبيرة بلاعبينا قبل المونديال وصرف النظر عنهم بعده رغم مشاركتهم في فعالياته، كما أن إمضاء كل من بوعزة، بزاز والشادلي دون مشاركتهم في المونديال، دليل آخر على اقتناع مسؤولي تلك النوادي بإمكاناتهم وقدرتهم على إعطاء الدفع الإضافي اللازم لفرقهم، دون النظر إلى أمو أخرى.