وتأهل محاربي الصحراء إلى مونديال جنوب إفريقيا أحسنها في 2010 صال وجال في ملاعب الجزائر من الوسط في إتحاد البليدة وشباب بلوزداد، إلى الشرق مع النسر السطايفي والسياسي مرورا بالغرب مع مولودية سعيدة، وصولا حاليا إلى نجم القليعة، ووقوفا مع المنتخب الوطني.. بلال حركاس، الذي كان معروفا بالقلب النابض لكل الفرق التي لعب لها من خلال لياقته البدنية العالية ونشاطه الكبير في وسط الميدان، تألقه وحبه الشديد للفوز والانتصار.. يعود بنا إلى الوراء ويتقدم بنا خطوات إلى الأمام، يحكي يتكلم، يعبر ويفسر.. يروي مآسيه وأمانيه في ميدان الساحرة المستديرة وغيرها، ويكشف قضايا وخفايا في هذا الحوار... أهلا بك بلال، كيف هي أحوالك؟ مرحبا بكم..أنا على أحسن ما يرام والحمد لله. كيف كانت الخطوات الأولى لحركاس مع عالم كرة القدم؟ بدايتي الأولى مع كرة القدم كانت مع فريق "سونلغاز"، حيث لعبت فيه عاما واحدا قبل أن أتنقل إلى إتحاد البليدة، بعد أن اكتشفني مدربها "عمي قاضي" في أحد الدورات الكروية التي لعبناها أمام الإتحاد فأعجب بإمكاناتي وانتدبني إلى الفريق البليدي وقال لي حين كنت في صنف الأصاغر بأنّي سأغدو لاعبا كبيرا مستقبلا. وهل كانت بداية سهلة أو فيها بعض التعقيدات؟ كما تعلم في البداية تكون الأمور صعبة لكن بالعمل، الجدية والكثير من الصبر وصلت إلى ما أنا عليه، وإذا كانت الجدية والصبر مصاحبان للإنسان في أي عمل فإنه سينجح لا محالة. سمعنا أنك غادرت إتحاد البليدة إلى شباب بلوزداد مكرها، هل هذا صحيح؟ لا لم أغادر الإتحاد مكرها، بعدما قضيت فيه سنوات طِوال منذ صنف الأصاغر إلى الأكابر جاء موعد تغيير الأجواء بعد العروض التي وصلتني، فاخترت شباب بلوزداد عن قناعة وقضيت في نادي "بلكور" خمس سنوات رائعة قدّمت فيها عروضا جميلة، وأقول إن تغيري للأجواء هو "مكتوب ربي" ولا شيء غير ذلك. لماذا البليدة في كل مرة تسرح أبناء الفريق التي هي في حاجة إليهم وهم في كل مرة يصنعون أفراح فرق أخرى؟ هذه هي أجواء الكرة، فاللاعب غير مرتبط بفريق واحد أو إثنين، رغم أنه ابن الفريق ويملك إمكانات كبيرة من شأنها أن تساعد فريقه كثيرا لكن العروض المقدمة ورغبة اللاعب وطموحاته هي من تحدد وجهة اللاعبين وهذا أمر مقدر أيضا.
حسب رأيك لماذا فريق مثل إتحاد البليدة لم يتحوّج بأي لقب رغم أنه من بين أقدم الفرق الجزائرية تأسيسا ويملك جمهورا كبيرا وإمكانيات هائلة؟ هذا صحيح، الأسباب في ذلك تعود إلى التسيير السيئ لهذا الفريق إضافة إلى غياب الاستقرار وإتباع سياسة التغيير في كل مرة كتغيير لاعبي الفريق خاصة أولادها، وأكرر أن التسيير السليم والاستقرار هما من يجلبان الألقاب للبليدة ولغيرها. حركاس بعد شباب بلوزداد تنقلت إلى فريق كان يلعب على كل الجبهات في تلك الفترة ويحرز الألقاب، هو الوفاق السطايفي لكن تجربتك مع هذا النادي كانت قصيرة، لماذا؟ نعم لعبت في وفاق سطيف ستة أشهر فقط وقررت المغادرة والعودة إلى إتحاد البليدة، بسبب مشاكل وقعت لي مع مدرب الوفاق آن ذاك بلحوت الذي كان يقوم بالتغييرات كثيرا وأنا لم يعجبن الأمر، حيث كنت ألعب مقابلة ثم لا ألعب اثنتين والعكس صحيح.. وهو ما جعلني أترك الفريق لأنّي لاعب أحب المنافسة واللعب أكثر ولكن بلحوت كان له رأيا آخرا. عدت إلى فريقك الأم البليدة وغادرته بعد عامين، وخضت تجارب أخرى في مولودية سعيدة وشباب قسنطينة، ولكن لموسم واحد في كل فريق ما السبب في ذلك؟ ليس في الأمر ما يدعو إلى وجود أسباب لرحيلي، فقد أمضيت موسمين رائعين كذلك واحدا في سعيدة وأخرا في شباب قسنطينة وكنت قائدا في كليهما أين قدمت مردودا طيبا لكن في كل مرة "يكتب المكتوب" ولا شيء غير ذلك. لكن بعد لعبك لشباب قسنطينة الموسم الماضي، انتقلت للعب في قسم ما بين الرابطات في فريق نجم القليعة رغم أنك كان باستطاعتك البقاء في القسم الثاني أو حتى العودة إلى القسم الأول، ما الداعي إلى ذلك؟ والله لأسباب خاصة، حيث تعبت كثيرا وأردت الاقتراب من العائلة بحكم أنّي كبير العائلة وهذه الأخيرة كانت تمر بظروف تستوجب أن أكون بجانبها دوما إضافة إلى وجود أشغالي الخاصة، لذلك تنقلت إلى نجم القليعة رغم أنّ العروض من أندية في القسمين الأول والثاني لم تكن تنقصني. قبل أن تمضي في القليعة كنت ستمضي في وداد بوفاريك وفي آخر لحظة غيّرت موقفك، ما السر في ذلك؟ يا أخي لا يوجد أي سر في الموضوع، كل ما في الأمر هو أن الرئيس السابق لوداد بوفاريك شابي ظل يصر علي بأن آتي إلى بوفاريك لمساعدة الفريق ليعود إلى مكانته لكن هذا الرئيس تغيّر وخلفه الرئيس سليماني الذي التقيت به هو الآخر لكنني كنت قد تكلمت أيضا مع رئيس نجم القليعة إدريس دحمان والمدرب آكلي اللذان طلبا منّي المساعدة أيضا، بحكم أنّ الفريق يريد اللعب على الصعود فاخترت اللعب في القليعة لأنّي أرتاح كثيرا مع المدرب آكلي الذي سبق وتعاملت معه. بالحديث عن نجم القليعة، هل باستطاعة "الياسامكا" تحقيق الصعود هذا الموسم، خصوصا وأنّ إدارة الفريق وضعت ذلك هدفا؟ الصعود صعب جدا.. فيجب العمل وتسيير لقاء بلقاء مع وجود رجال واقفين وتعدادا ثريا، وأقول لأنصار القليعة أننا سنفعل كل ما في وسعنا لأجل صعود الفريق، الذي يبقى صعبا لأن كل الفرق تريد الفوز علينا.. رغم أنّ البعض يشتري المباريات وما إلى ذلك ولم يحقق الصعود لكننا نطبق كرة نظيفة في الميدان ونسعى إلى تحقيق حلم الأنصار. وماذا تقول لأنصار النجم؟ أقول للأنصار بصفة عامة أن المناصر الحقيقي هو الذي يقف مع فريقه في النتائج الإيجابية والسلبية، وأنه لابد عليه من تشجيع اللاعبين مهما كان الأمر، وأقول إن بعض الأحيان الأنصار يضروك أكثر مما ينفعوك لأن المناصر الحقيقي "لازم عليه كل مرة يلاقيك بلسان حلو". لم تنل فرصتك في المنتخب الوطني بالشكل الكافي رغم أنك تألقت كثيرا خلال سنوات مضت؟ حقيقة، فقد تلقيت دعوة واحدة فقط في مشواري مع المنتخب الوطني الأول وكان ذلك في سنة 2004 في عهد المدرب كافالي حينما لعبنا مباراة ودية أمام المنتخب السوداني في ملعب 5 جويلية الأولمبي، وبعدها لم أستدع رغم أنّي كنت من بين أحسن اللاعبين في وسط الميدان لسنوات وكنت أقدم عروضا جيدة لكن لم تتح لي المزيد من الفرص لإثبات إمكاناتي مع الخضر.. وقد شاركت مع المنتخب الوطني آمال لمرتين عام 1997 كما لعبت مع المنتخب الوطني العسكري سنوات 98-1999. أحسن موسم قضيته في مشوارك الكروي؟ كل المواسم التي لعبتها مع مختلف الأندية كانت جيدة.. لكن موسم 1996 كان الأفضل لي على الإطلاق لأنه أول موسم لي مع الأكابر في عهد المدرب آكلي وضاعت منّا كأس الجمهورية بعد الخسارة أمام مولودية وهران في النهائي بهدف وحيد. فريق تمنيت اللعب فيه ولم يكتب المكتوب(لأنها كلمة محدثنا المحبوبة)؟ بكل صراحة تمنيت اللعب لريال مدريد لكن "المكتوب ما كتبش".. لأنّي أعشق هذا الفريق حد النخاع. مازلت تحب الريال في حين أن البارصا أعطتكم درسا في كرة القدم لن تنسوه طيلة حياتكم؟ ماذا نفعل.. هذه هي الساحرة يجب أن نتقبل ذلك لكنني أعدك أن الريال هو مَن سيتوّج بالبطولة الإسبانية في نهاية المطاف. أحسن مدرب تعاملت معه؟ هناك عدة مدربين منهم آكلي ومواسة، وكذا بلعياشي في شباب بلوزداد إضافة إلى بن شيخة ولو أن هذا الأخير دربني ثلاث مباريات فقط في الشباب. تحدثت عن بن شيخة وهو الآن على رأس المنتخب الوطني الأول؟ أقول للجميع أن يتركوا بن شيخة يعمل ولا داعي إلى خلق الصعوبات له في كل مرة لأن الأمور هي في حد ذاتها صعبة، لمّا تتسلم زمام الأمور على رأس أمة بكاملها ونحن نعرف أن الشعب الجزائري صعب جدا ف35 مليون يشترطون هذا وذاك والنتائج.. وأمور أخرى، أقول إنّ عملا كبيرا ما زال ينتظرنا بتحسين بطولتنا أولا رغم أننا دخلنا عالم الاحتراف لكن في الحقيقة نحن بعيدين كل البعد.."يجب أن نحترف في ريسانا قبل كل شيء". لو طَلب منك اختيار أحسن لاعب جزائري لموسم 2009/2010 فمن ستختار؟ من دون تفكير محمد دراڤ، الذي كان الأحسن من دون منازع لولا الإصابة التي لحقته ومنعته حتى من الاحتراف إلى أوروبا لأنه في بطولة الموسم الماضي كان دوره كبيرا في تتويج المولودية. وبالنسبة لأحسن حارس؟ أظن أن الثنائي شاوشي وزماموش هما من كانا الأحسن مع الإشارة لمحمد سيدريك وغالم القادمان. وماذا عن أفضل مدرب في رأيك؟ سأختار بوعلام شارف، لأنه قام بعمل خارق للعادة في إتحاد الحراش، فقد استطاع تسيير لاعبين شباب بسن 20 سنة وعمله وكان الاستقرار وانظروا إلى الإتحاد حاليا. تكلمت منذ قليل عن عشقك للفريق الملكي، إذن أنت من عشاق لاليغا الإسبانية؟ أنا أتابع كل الدوريات الأوروبية الكبيرة لكن البطولة الإسبانية تستهويني أكثر. سيتم اختيار واحدا من بين ثلاثة لاعبين وهم ميسي، تشافي واينيستا من غريمكم اللدود برشلونة ليكون أحسن لاعب في العالم هذا الموسم، فمن ستختار أنت؟ الاختيار صعب جدا لأنهم كلهم لاعبين خارقين للعادة ويقدمون مستويات جيدة جدا، ولكن بالنسبة لي تشافي هو الأحسن في العالم لأن طريقة لعبه تعجبني كثيرا. إذا لم يكن بلال لاعب كرة قدم، فماذا كان سيكون؟ رجل أعمال كبير.. فأنا أحب "الحطّات" كثيرا. هل أكمل بلال نصف دينه أم لم يحن الوقت بعد؟ قريب إن شاء الله فأنا خاطب في انتظار العرس. ماذا تفعل في أوقات فراغك؟ أقوم بعدة أمور من خلال الذهاب إلى المسجد والعبادة كي لا ننسى واجباتنا الدينية.. كما أحب التنزه مع الأحباب في "الشريعة".. البحر.. فأنا أحب الأحصنة كثيرا وكل ما هو مُساق من الطبيعة. ما هي البرامج التي تشاهدها عادة؟ ليس لدي برامج مخصصة ولكنني أشاهد كل البرامج تقريبا "قال كوكتال" من البرامج الدينية إلى الوثائقية وأفلام الحركة. كيف مرّ عليك عام 2010؟ مرّ علي بالخير والحمد لله ولم تكن لدي مشاكل. أسوأ ذكرى تلقيتها فيه؟ ذكريات مجازر إخواننا في غزة فتلك المشاهد حزت وأثرت في نفسي كثيرا، خاصة وأنّ الأمر يتعلق بإخوتنا المسلمين وسيما صور القتل والدماء في كل مكان. وأحسنها؟ تأهل الخضر إلى مونديال جنوب إفريقيا أمام المنتخب المصري بعد 24 سنة من الغياب، فلا توجد فرحة مثل فرحة أم درمان بالسودان. ماذا يتمنى بلال في العام الجديد؟ أتمنى الصحة والخير والهناء لكل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، "واللي عندوا حاجة يتمناها إن شاء الله ربي يحقق هالوا". اختم هذا الحوار بما تشاء.. شكرا لجريدة "الشباك" التي حاورتني، كما أتمنى لكم النجاح في عملكم، والكثير من الهناء "لأن الهنا يغلب الغنا"، وإن شاء الله إتحاد البليدة تأخذ لقبا في القريب العاجل. حاوره: مهدي معمري