ادى مئات الآلاف من الحجاج بخشوع وسكينة صلاتي المغرب والعشاء الخميس في المسجد النبوي في المدينةالمنورة (شمال غرب السعودية)، قبل التوجه الى مكة لاداء فريضة الحج. وامتلأ المسجد في ثاني الحرمين الشريفين، بدوريه الارضي والاول وسطحه، بالمصلين وفاضوا على ساحاته الفسيحة المحيطة التي لم يكد يبقى فيها مكان لموطأ قدم. وقال مصدر اعلامي سعودي في المدينة ان "عدد الحجاج في المسجد النبوي حوالى نصف مليون". وتلاصق الحجاج داخل المسجد بين اعمدته الرخامية التي تكللها تيجان ذهبية اللون وهم يرددون الادعية ويقرأون القرآن بخشوع. وبدا التأثر كبيرا على كل من تمكن بعد عناء من الوصول الى الروضة النبوية التي تقع بين قبر الرسول ومنبره. واجهش الكثير منهم بالبكاء حين وقف امام قبر الرسول. ووقف عدد من الوعاظ والموجهين السعوديين ليحرصوا على عدم لمس او تمسح الحجاج بقبر النبي او المنبر باعتباره "بدعة". ويتكرر مشهد التاثر ذاته عند قبري الخليفتين ابا بكر الصديق وعمر الخطاب. وتتلالأ الانوار داخل المسجد من مئات المصابيح (النجفات) في حين اضاءت قباب المسجد النبوي وصومعاته العديدة سماء المدينةالمنورة. وعمد الكثير من الحجاج بعد انتهاء الصلاة والدعاء الى التقاط صور تذكارية لهم في الفضاء الخارجي للمسجد بكاميراتهم وهواتفهم النقالة. وتصلي النساء في مكان مخصص لهن داخل المسجد. اما خارجه فقد تم تخصيص مساحة لهن عزلت بشريط من البلاستيك. وقال نهاد (50 عاما) وهو بريطاني من اصل تركي لوكالة الانباء الفرنسية "انا سعيد جدا بوجودي هنا واشعر بالفخر لكوني مسلما". واشار الى انه قدم من بريطانيا للحج مع 18 من اقاربه وعدد من الاصدقاء. واضاف ان "كل المسلمين حيثما وجدوا يجب ان يأتوا لرؤية هذا الامر. لا يمكن معرفة اهمية ما يجري هنا (الحج) الا بعيشه". من جانبه قال حسن (32 عاما) وهو مغربي يعمل في اسبانيا انه قطع مع اسرته مسافة كبيرة ليصل الى المدينة الامر الذي ارهقهم. لكنه اضاف "نسينا التعب حال وصولنا الى المسجد النبوي". واوضح ان الرحلة استمرت 36 ساعة منذ انطلاقهم صباح الثلاثاء من المغرب مرورا بروما فالقاهرة فصنعاء فجدة ثم المدينة مساء الاربعاء. وردا على سؤال عن سبب ذلك، قال انه تعذر عليه بسبب شدة الاقبال ان يحصل على تذاكر في رحلة بتوقف واحد و"التأشيرة تأخرت" ايضا. وشوهد عدد كبير من الحجاج الايرانيين الذين يربو عددهم على مئة الف يدلفون بعد الصلاة الى فندق "ماريوت المدينة" الفاخر الذي خصص باكمله تقريبا لهم. وخصص مطعم لاعداد اطباقهم، وضعت عند مدخله صورة لآية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية سنة 1979. وفي ساحة المسجد النبوي تقدم شيخ وقور معمم مجموعة من الحجاج العراقيين بدوا كانهم من اتباعه. وردا على سؤال عن احوال الحجاج، قال "كلش زين". غير انه حين عرف ان مخاطبه صحافي اسرع الخطى قائلا "لا لا نحن لا نتحدث الى الصحافة". وكان علماء دين في ايران والعراق انتقدوا تعرض حجاج البلدين لمضايقات من السلطات السعودية الامر الذي نفته هذه السلطات بشدة. غير ان مجموعة من 38 من العلماء السعوديين بينهم الشيخ سفر الحوالي والشيخ ناصر العمر كانوا دعوا في بيان، الى دعم سنة العراق في مواجهة "الرافضة (الشيعة) المعتدين (الذين) غدت سيوف الاميركان معهم واموال العراق بايديهم وايران من ورائهم". وجاءت تلك الانتقادات المتبادلة مع تنامي النعرات الطائفية والمذهبية في العالم العربي الاسلامي وخصوصا الاقتتال الداخلي في العراق والازمة اللبنانية. وتقع المدينةالمنورة غرب السعودية على بعد 450 كلم شمال مكةالمكرمة و400 كلم عن جدة. وهي تضم المسجد النبوي والعديد من المعالم الاسلامية منها مسجد قباء اول مسجد اقيمت به صلاة الجمعة ومسجد القبلتين (القدس والكعبة) ومقبرة البقيع التي يرقد فيها آلاف الصحابة والتابعين وجبل احد وقبر حمزة بن عبد المطلب. الوكالات