رفض وزير السكن والعمران السابق، عبد المجيد تبون، الإجابة عن عدد من أسئلة النائب العام لدى محكمة الجنايات بالبليدة، المتعلقة بعلاقاته الشخصية بالرئيس المدير العام السابق للمجمع المنهار، رفيق عبد المومن خليفة، الموجود في حالة فرار، باعتباره المتهم الأول في قضية الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، وعلق الوزير السابق على أسئلة النائب العام قائلا: "هذه أسئلة خارجة عن موضوع الاستدعاء" الذي تسلمه من مصالح العدالة، والذي يحصر شهادته في قضية إيداع أموال دواوين الترقية والتسيير العقاري على مستوى بنك الخليفة، الأمر الذي تسبب في ضياعها. وقد أيدت رئيسة المحكمة القاضية فتيحة براهيمي، موقف الوزير الشاهد، ودعت النائب العام إلى عدم الخروج من موضوع الشهادة، غير أن ممثل الحق العامل واصل النبش في علاقة تبون الشخصية بالخليفة، لكن من دون أن يقتطف إجابات. ووفق مصادر قضائية، فإن هذه الأسئلة تشكل موضوع قضية أخرى على مستوى المحكمة العليا، التي سبقت أن استمعت للوزير تبون رفقة عدد من الوزراء، كفل لهم القانون سرية التحقيق والمتابعة القضائية انطلاقا من نظام "الامتياز القضائي" الموجه بالأساس للإطارات العليا للدولة، الأمر الذي دفع بالوزير السابق للسكن إلى التأكيد للصحفيين بعد انتهائه من الإدلاء بشهاداته، على أنه لم يصدر في حقه أمر بالرقابة القضائية، مثلما تردد. من جهة أخرى، رافع الوزير الشاهد عن براءته في قضية إيداع أموال دواوين الترقية والتسيير العقاري لدى بنك الخليفة، بل واستغرب اقتران اسمه بهذه القضية في الصحافة الوطنية، وقدم أدلة موثقة تشير إلى أن عمليات الإيداع في البنك المفلس انطلقت في أوت 1999 بدواوين الترقية والتسيير العقاري لكل من حسين داي، الدارالبيضاء وبجاية، قبل أن تصل القائمة في سنة 2000 إلى 15 ديوانا، وبرقم إجمالي لهذه الإيداعات فاق 1000 مليار سنتيم، مشددا في الوقت ذاته على أن عمليات الإيداع تواصلت بنفس الوتيرة حتى بعد ذهابه من الوزارة، بوصول العدد الإجمالي للدواوين إلى 37 ديوانا في سنة 2003 على الرغم من أن بنك الخليفة صدرت في حقه خلال هذه الفترة عدة قرارات عقابية، وفي مقدمتها قرار إيقاف التجارة الخارجية لهذا البنك في نهاية نوفمبر من سنة 2002. وعلى هذا الأساس، قال تبون إنه من غير المنطقي حصر فترة عمليات الإيداع في المدة الممتدة ما بين جوان 2001 وجوان 2002، باعتبارها الفترة الزمنية التي كان فيها مسؤولا أولا على قطاع السكن والعمران، نافيا "نفيا قاطعا" أن يكون قد أعطى أوامر كتابية كانت أو شفوية لمسؤولي مختلف الدواوين بإيداع أموالها في بنك الخليفة، ودعا مصالح العدالة في هذا الإطار، إلى التأكد من خلال مصالح التوثيق لدى الوزارة الوصية بشقيها المكتوب والمسموع. وفي هذا السياق، أضاف تبون أن ما قاله لمسؤولي الدواوين خلال الاجتماعات التي جمعته بهم لا تتعدى عبارة "استثمروا أموال الدواوين في خلق مناصب العمل، وبناء سكنات جديدة من خلال توظيف الأموال في المشاريع المنتجة"، وليس بإيداعها في البنوك، وهنا شدد على عبارة أخرى كان يكررها باستمرار "إن وزارة السكن لا ترضى من الدواوين أن تعيش في صورة متقاعدين ينتظرون ما يأتي نهاية كل شهر"، في إشارة إلى عوائد الودائع المالية على مستوى البنوك العمومية منها والخاصة. وللتأكيد على وجهة نظره في الاستثمار، أشار الوزير الشاهد إلى المشاريع التي باشرها منذ مجيئه إلى وزارة السكن، والتي في مقدمتها حرصه على إنشاء بنك خاص بالسكن، بالنظر للتجربة التونسية في هذا المجال، والتي قال إنه زار هذا البلد للاطلاع عن قرب عن مدى نجاح هذه التجربة، فضلا عن مشاريع أخرى جاءت بالتنسيق مع شركة إماراتية متخصصة في البناء، وهي مبررات ساقها الوزير السابق ليؤكد أن قرارات إيداع أموال مختلف الدواوين العقارية تتحملها وحدها مجالس إدارة هذه الأخيرة، التي تبقى مستقلة، كمال قال، عن الوصاية، نظرا للذمة المالية والشخصية القانونية التي تتمتع بها، دون أن ينسى الرد على خير الدين الوليد، المدير العام الحالي لوكالة ترقية وتطوير السكن، الذي كان أول من صرح أمام محكمة الجنايات بأن الوزير تبون هو من أمر شفهيا بإيداع أموال الدواوين لدى بنك الخليفة، حيث هاجم الوزير الشاهد خير الدين الوليد أمام المحكمة قائلا بأنه قام بإيداع 42 مليار سنتيم في بداية سنة 2001، بصفته مديرا عاما لديوان الترقية والتسيير العقاري بوهران، وهو التاريخ الذي كان يشغل فيه وزير السكن السابق منصب وزير منتدب مكلف بالجماعات المحلية. البليدة: محمد مسلم: [email protected]