يرتقب الفاعلون في قطاع البناء التهابا في أسعار الشقق والسكنات خلال الأشهر القليلة المقبلة، بعد أن قررت الحكومة ابتداء من فيفري الجاري إلغاء تحديد السعر المرجعي للمتر المربع والذي كان وراء نفور كبريات الشركات العالمية لدخول سوق البناء في الجزائر واللجوء الى صيغة دفتر الشروط في إطار مناقصات وطنية ودولية مفتوحة موازاة مع الكم الهائل للنتائج غير المجدية لهذه المناقصات بسبب السعر "غير المحفز" حسب مؤسسات الإنجاز. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة ستكون ظرفية ولا تخص السكنات الاجتماعية، إلا أنها ستؤثر لا محالة على السكنات الترقوية والتساهمية. طلبت الحكومة، عن طريق وزارة السكن وفي إطار استراتجيتها الجديدة لتأهيل المؤسسات العمومية للبناء نهاية جانفي الماضي، من مختلف مؤسسات الإنجاز ومكاتب الدراسات الوطنية والدولية بالإضافة الى شركات المساهمة للبناء التقرب من دواوين الترقية والتسيير العقاري ومؤسسات ترقية السكن العائلي لسحب دفاتر الشروط الخاصة ببرامج السكن المختلفة للحكومة المقدرة ب 1 مليون وحدة سكنية تضاف إليها ال 200 ألف وحدة الخاصة ببرنامج الهضاب العليا أو ما يسمى ب "عقود البرنامج" بعدما كان الإجراء يقتصر على مفاوضات ثنائية بين مؤسسات البناء والوزارة عن طريق الفروع التابعة لها من أجل تحديد سعر مرجعي موحد للبناء وصل سنة 2006 الى 24 ألف دينار للمتر المربع، وكان الهدف دوما الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، ورغم ذلك لم تستطع العديد من مؤسسات البناء في القطاع الخاص والعمومي تغطية نفقاتها، الأمر الذي أدى بها الى الانسحاب أو التوقف عن الأشغال مثلما تم سنة 2003 لبعض مؤسسات إنجاز سكنات "عدل" عن طريق الإيجار التي لجأت الى التوقف عن الأشغال من أجل مراجعة سعر المتر المربع المنجز لتغيرات طرأت في السوق، خاصة بأسعار مواد البناء والصعوبات والتكاليف الملحقة في بناء الأبراج. وزارة السكن: السكنات الاجتماعية غير معنية بآثار السوق على قطاع البناء اعترفت وزارة السكن والعمران نقلا عن مصادر مأذونة بفتح سوق البناء على مصراعيه لقانوني العرض والطلب ووفق دفتر شروط يحدد نوعية السكن والمتطلبات الخاصة بالتهيئة ومواد البناء المختارة، وأكدت المصادر ذاتها أن هذا الإجراء يخص كل الأبراج السكنية سواء تعلق الأمر بالترقوي أو التساهمي أو الاجتماعي، إلا أن هذا الأخير ستبقى الحكومة مثلما اعتادت عليه تحمل نفقاته، حتى وإن كانت كبيرة. وأوضحت مصادرنا ردا عن سؤال يتعلق بإمكانية أن يتأثر هذا التوجه الجديد على أسعار السكنات، أوضحت مصادرنا أن قانون العرض والطلب واضح في هذا المجال على خلفية أن سوق السكن والعقار في بلادنا يعرف طلبا كبيرا مقابل عرض ضئيل، الأمر الذي يؤثر لا محالة على أسعار السكنات، مشيرة إلى أن الفئات ذات الدخل الضعيف لن تتأثر بذلك ما دام أن الحكومة لا تزال تتمسك بالبرامج الاجتماعية، على الرغم من عدم اعتراف وزارة السكن بتدعيم الحكومة لسعر السكنات سيما ما تعلق بسعر المتر المربع الموجه للبناء، إلا أنها أكدت أن الإجراء السابق كان مبنيا على أساس سعر مرجعي موحد يأخذ بعين الاعتبار تطورات السوق، خاصة أسعار مواد البناء، وقد وصل مؤخرا الى 24 ألف دينار للمتر المربع بعدما كان في حدود 18 ألف دينار للمتر المربع بداية سنة 2003. اتحاد المقاولين: الإجراء سينقذ مؤسسات البناء من جانبه، يرى السيد الباي محمد، الأمين العام لاتحاد المقاولين، أن تحديد الدولة لسعر المتر المربع الواحد للبناء أثر سلبا على شركات البناء سواء كانت عمومية أو خاصة، مما أدى بالعديد منها إلى الانسحاب من القطاع أمام الديون المتراكمة لدى البنوك، سيما بعد الارتفاع المذهل لأسعار مواد البناء في السوق خلال السنوات الأخيرة على خلفية أن السعر المرجعي المحدد لم يكن يغطي نفقات المقاولين. وشدد المصدر ذاته أن إطلالة قصيرة على بعض الصحف الوطنية تؤكد عدم فاعلية سياسة الحكومة بتحديد سقف لسعر البناء، حيث نجد أن نتائج معظم المناقصات الوطنية والدولية غير مجدية لعدم اهتمام المقاولين بالأسعار المقترحة، بيد أن المنطق يقول إن السوق (أسعار مواد البناء العقار المواد المختارة مكاتب الدراسات....) هو الذي يحدد السعر وليس العكس. وأكد السيد الباي أن تطبيق مبدأ العرض والطلب على سوق البناء سيساهم بطريقة مباشرة على رفع أسعار الشقق والسكنات، إلا أنه سينقذ العديد من مؤسسات البناء من الإفلاس وإمكانية الحكومة في هذه الحالة تحقيق برنامجها المتعلق ببناء 1 مليون وحدة سكنية. في هذا الصدد، أكد السيد أمالو سعيد، مدير مركزي بشركة مساهمات الدولة للبناء (انجاب)، أن قرار تحرير السوق لقانون العرض والطلب سينعش القطاع من جهة وينزع الخناق عن مؤسسات البناء ومكاتب الدراسات العمومية، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يندرج في إطار سياسة الحكومة الجديدة المتعلقة بتأهيل مؤسسات البناء العمومية، وهو ما يتضح -حسب المسؤول ذاته- بعد تلقي مؤسسته مراسلة من طرف وزارة السكن في نهاية شهر جانفي الماضي تدعو فيها مؤسسات ومكاتب الدراسات وكل الفاعلين العموميين في مجال البناء الاقتراب من مختلف المؤسسات الممثلة لوزارة السكن والعمران على غرار دواوين الترقية والتسيير العقاري ومؤسسات ترقية السكن العائلي من أجل سحب دفاتر الشروط الجديدة الخاصة بما يسمى بعقود البرامج أي برنامج الحكومة في مجال السكن، الأمر الذي وصفه المتحدث بالسابقة في الوقت الذي كانت تتم فيه العملية عن طريق تحديد لسعر مرجعي للمتر المربع مسبقا لمؤسسات البناء دون الأخذ بعين الاعتبار التكاليف التي قد تطرأ من حين لآخر بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم تغطية السعر المحدد لتكاليف مؤسسات البناء لإنجازاتها التي كثيرا ما كانت تفتقد الى التهيئة أو تسليم المشروع غير كامل. لاكناب: ارتفاع الأسعار سيكون ظرفيا على صعيد آخر، اعتبرت مصادر مسؤولة من الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط أن فتح أسعار البناء للعرض والطلب سيؤدي مباشرة الى تحسين نوعية الإنجازات والسكنات، وهو الأمر الذي سيتحدد في دفتر الشروط من خلال مواد البناء المختارة الموقع، علما أن الحكومة قررت أخذ على عاتقها نفقات العقار الموجه للبناء... ومن هذا المنطلق ووفق العروض المقدمة، يحدد سعر المتر المربع الواحد وهي الطريقة المثلى حسب الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط التي ستمكننا من الوصول الى سكنات ذات جودة عالية تحترم المعايير الدولية في هذا المجال. وعن سؤال يتعلق بإمكانية تأثر برنامج السكنات التساهمية على ضوء ارتفاع أسعارها، علما أنها موجهة للفئات ذات الدخل المتوسط، أوضحت مصادرنا أنه يمكن التحكم في الأمر من خلال دفتر الشروط. عزوز سعاد