ينتظر مدرب منتخب مالي ألان جيراس على أحر من الجمر مباراة الخضر أمام غامبيا يوم الأربعاء، حيث يعلق عليها وعلى المباراة المقبلة أمام رواندا في جوان القادم آمالا كبيرة لتحضير مواجهة المنتخبين، معترفا أن الخضر يملكون تعدادا كبيرا قادرا على الذهاب بعيدا في حال العمل بجدية مثلما كانوا قبل المونديال. وقال نجم المنتخب الفرنسي في الثمانينات أن الماليين يملكون تشكيلة قوية ومتكاملة، وليس فرديات مثلما كان الحال في السابق، ورغم أن عقده مع اتحادية هذا البلد ينتهي في ماي المقبل، إلا أن ثمة احتمالا كبيرا أن يواصل المهمة في حال قبول المسؤولين الماليين شروطه الثلاثة التي ينوي طرحها عليهم.
أقل من شهر بعد انتهاء منافسات كأس أمم إفريقيا الأخيرة، ما هو تعليقك على المرتبة الثالثة التي احتلها منتخب مالي؟ أعتقد أنه مكسب كبير لمنتخب مالي ولكرة القدم في هذا البلد، هي المرة الثانية في تاريخ مشاركاته التي يحتل فيها المركز الثالث بعد دورة 1972، لكن الظروف تختلف كلية، ففي تلك الدورة لم يتعد عدد المنتخبات الثمانية، بينما الآن فالعدد ارتفع وحتى المستوى اختلف كثيرا، لأن اليوم مردود الفريق والكرة الإفريقية تحسن بشكل كبير. أعتقد أن المنتخب المالي كان في دورة 2012 أمام حتمية واحدة وهي تحسين نتائجه وموقعه في سلم الترتيب القاري، ففي السابق كان يملك فرديات فقط، أمثال كانوتي، ديارا وسيسوكو، ولسوء الحظ لم يحالفهم النجاح، واليوم يملك تشكيلة مكتملة ومتجانسة، فالمهمة التي جئت و رصت على القيام بها منذ توليت المهمة تمثلت في بناء فريق مستقبلي، وهو ما حدث في ظرف قصير، حيث استطعنا بفضل شبان موهوبين وآخرين ذوي خبرة بقيادة سيدو كايتا أن نحقق رغبة شعب بأكمله، ونحن قادرون على تحقيق الأفضل، فكانت الفرحة كبيرة وعارمة، والبلد عاش لحظات تاريخية.
يعني أن الهدف تحقق وربما أكثر؟ بالطبع، الفرحة كانت لا توصف كما قلت لك، لقد استقبلنا كالأبطال بعد العودة إلى باماكو، ورئيس الدولة خصنا هو الآخر باستقبال في المستوى، وتبع ذلك حفل كبير وتاريخي بملعب باماكو مع الأنصار.
صحيح المرتبة الثالثة جيدة، لكن ما الذي كان ينقصكم حتى تعودوا بالكأس أو تصلوا على الأقل للنهائي؟ في كرة القدم الحديثة لما تجمع فريقين كبيرين وفي مستوى عال، غالبا ما تحسم بجزئيات بسيطة، أعتقد أن لاعبينا ظنوا أنهم متحكمون في الوضع جيدا وغالقون كل المنافذ كما يجب، لكن مع عناصر زامبية قوية مثل التي واجهناها في تلك المباراة كان الخطأ ممنوعا، والدليل كما شاهد الجميع أن خطأ فادحا في د45، أي في وقت حساس جدا، كلفنا الخروج من المنافسة نهائيا، ولو كان المدافع مركزا وعرف ما يجب أن يفعله لما سجلوا علينا هدفا مثله.
شاهدناك غاضبا بعد الهدف، وماذا قلت للاعب المخطئ بعد المباراة؟ صحيح غضبت، لكن لم يكن بوسعي أن أقول له ما كان يدور في ذهني، لأننا كنا مطالبين بتحضير المباراة الترتيبية أمام منتخب آخر كبير اسمه غانا، لكن بعد المباراة هذه توجهت بكلمة للاعبين وقلت ما كان يجب ان أقوله، خاطبت اللاعب مباشرة، و لت له أنك ارتكبت خطأ بدائيا في كرة القدم، وفي هذا المستوى مثل هذا الخطأ غير مقبول تماما، ولولاه لكنا ذهبنا للنهائي.
صراحة، هل تأسفت على شيء ما بعد نهاية الدورة؟ لما أعدت التفكير في كل ما حدث لنا في الدورة، وما حققنا، كنت مقتنعا أننا لو غامرنا أكثر ولو ذهبنا إلى عمق الأشياء وإلى أبعد حد لاسيما وأننا مقتنعون أن بإمكاننا الوصول إلى تحقيق شيء ما، لكنا ربما حققنا ما حققه منتخب زامبيا أو لتأهلنا للنهائي، لكن على العموم منتخب مالي لم يكن ضعيفا ولا نستحي بما قدمناه في الدورة، وبالعمل والثقة بالنفس بإمكان المنتخب أن يتسيد الكرة الإفريقية مستقبلا.
وما رأيك في تتويج منتخب زامبيا، هل هو في اعتقادك مفاجأة أم أمر طبيعي؟ تريد الحقيقة، ما فعله منتخب زامبيا ما هو إلا امتداد لتغير الخارطة الكروية الإفريقية في السنتين الماضيتين، فغياب منتخبات كبيرة عن الدورة النهائية مثل مصر، نيجيريا، الكاميرون، الجزائر، جنوب إفريقيا، كان مفاجأة، و في الدورة نفسها عشنا وشاهدنا مفاجآت أخرى مثل انهزام كوت ديفوار أمام زامبيا، وخروج منتخبات محترمة في الأدوار الأولى مثل ما حدث للمغرب والسنغال، لذا فالفرق الإفريقية الكبيرة التي ذكرتها لو تواصل النوم فإنها ستجد نفسها بعيدة كل البعد عن الركب في الدورات القادمة، والقطار سيمر ويتركها في المحطة.
ويدربها فرنسي آخر اسمه هرفي رونارد؟ نعم، لقد اكتسب التجربة الكافية وقاد الفريق في الدورة السابقة، وثقة المسؤولين فيه بجلبه قبل ثلاثة أشهر من انطلاق الدور زاده وكل اللاعبين إصرارا على الذهاب إلى أبعد حد ممكن.
على ذكر المغرب، بماذا تفسر خروجه المبكر وهو الذي أعلن مدربه غيرتس أنه ذاهب ل"الكان" من أجل العودة بالكأس؟ أعرف جيدا المنتخب المغربي، لقد سبق وهزمته مرتين لما كنت مع المنتخب الغابوني، فهو يتشكل في الواقع من فرديات وليس فريقا مكتملا، وحتى مدربه اعتقد أنه غالى كثيرا في التحدث عن التتويج بالكأس فخلق شبه ضغط على اللاعبين.
الملاحظون يجمعون أن فوز ""أسود الأطلس" على الجزائر 4 / 0 هو ما جعلهم يفرطون في الثقة؟ أشاطر أيضا هذا الانطباع، لكنني في الواقع كنت مقتنعا أنه لن يذهب بعيدا.
بما أن الماليين راضون جدا عنك، إذن أنت باق على رأس المنتخب؟ لا، لا شيء رسمي لحد الساعة، عقدي ينتهي يوم 31 ماي المقبل، وانتظر الجلوس حول طاولة المفاوضات مع مسؤولي الاتحادية المالية لتحديد مستقبلي.
تقصد أنك ستقدم شروطا مالية جديدة؟ لا يهمني المال بقدر ما تهمني الأهداف المسطرة، فلو كنت أريد المال لاخترت البقاء في الغابون، أريد فقط التقييم، لست مرتزقا حتى أجري وراء المال في كل مكان، أريد ظروف عمل أفضل، وأقيم حسب العمل الذي أقوم به، أريد ان أترك بصماتي في أي منتخب أدربه.
بغض النظر عن مصيرك مع منتخب مالي، كيف تتصور المباراة أمام المنتخب الجزائري في جوان المقبل؟ صراحة، أنتظر على أحر من الجمر مباراة منتخبكم أمام غامبيا ليوم الأربعاء، لأن كل شيء يتوقف عليها، أريد مشاهدة منتخب الجزائر واكتشافه عن قرب حتى أحدد الأولويات وأضبط أموري مبكرا، لكن المؤكد أن لدي الوقت الكافي لمعرفة كل شيء عن "الخضر" طالما أنهم سيلعبون مباراة أخرى شهر جوان في رواندا، مما يعني أنني لو بقيت في مالي ستكون لي فكرة واضحة عن منتخب الجزائر.
حتى الجزائر ستشاهدكم أمام منتخب البنين؟ لكن مباراة واحدة فقط، وهذا غير كاف، حتى أنا أتابع مباريات اللاعبين الجزائريين في فرقهم.
وما رأيك في مستوى المنتخب الجزائري حاليا؟ جماعيا لا أملك صورة واضحة، لكن فرديا أعتقد أن منتخبكم تجدد بنسبة كبيرة، ولما أقرأ أنه لازال ضمن منتخبكم لاعبون ينشطون في أكبر الأندية في أوروبا، تزداد قناعتي ان المهمة لن تكون سهلة في جوان، على أية حال، الجزائر تملك دوما لاعبين كبارا، ولديها ثقافة كروية عميقة على الصعيد القاري.
لديك نفس الخطاب مع وحيد خاليلوزيتش الذي يريد هو الآخر بناء فريق على أسس جديدة؟ بطبيعة الحال، التشبيب هام جدا في أي منتخب، يجب ضخ دم جديد في بعض الأحيان لاسيما بعد منافسة مثل المونديال أو كأس أمم إفريقيا، والمؤكد أن الأمور ستتعقد على كل المنتخبات الإفريقية في الأشهر المقبلة، فهي التي ستلعب تأهيليات المونديال وكأس أمم إفريقيا دفعة واحدة، فبإمكانها أن تسجل نتائج إيجابية في المنافسة الأولى، وسلبية في الثانية، والعكس صحيح، لهذا أتنبأ بأن يكون السباق شاق جدا.