“التونسيون كلهم وراءكم في جنوب إفريقيا وأنا أولهم” يؤكد لنا نبيل معلول، أحد نجوم الكرة التونسية في سنوات الثمانينيات ومحلل في قناة “الجزيرة الرياضية”، والذي قدم الكثير للكرة التونسية حين كان لاعبا وحتى على مستوى التدريب حين كان ضمن الطاقم الفني للمنتخب التونسي الحائز على كأس إفريقيا في منصب مساعد ل روجي لومير، أنه سعيد جدا بما حققته الجزائر في السنتين الأخيرتين، وبقلب مفتوح تحدث حصريا ل”الهدّاف“ عن ما لاحظه في “الكان” الأخير، خاصة بالنسبة ل”الخضر“، وأمور أخرى عديدة سنكشفها في هذا الحوار. أولا نود أن نتحدث عن المنتخب التونسي، وعن رأيك في نتائج نسور قرطاج في “الكان” الماضي؟ في الحقيقة نتائج المنتخب التونسي لم ترق إلى تطلعات الجمهور التونسي وحتى العربي، فكنا ننتظر مستوى أحسن لأننا تعوّدنا على تواجد نسور قرطاج في الأدوار المتقدمة من “الكان”، لكن خروجهم من الدور الأول وفي مجموعة لا يمكن إعتبارها قوية مع منتخبات مثل الغابون وزامبيا وحتى الكامرون التي لم تكن في أحسن أحوالها، خلّف خيبة أمل، لكن هذه هي كرة القدم. كيف يرى الشارع التونسي نتائج بلاده المخيّبة نوعا ما؟ في الحقيقة الآراء تضاربت، البعض يعتبر أن صغر سن اللاعبين وعدم امتلاكهم الخبرة الكافية هو سبب هذه النتائج السلبية، خاصة أن معظمهم يلعب لأول مرة “الكان”، ويمكن التأكيد أن المنتخب التونسي في السنوات القادمة ستكون له كلمة إذا حافظ على هذه التشكيلة، والبعض يعتبر أن عدم التأهل إلى المونديال هو من جعل النسور يظهرون بهذا المستوى، لكن في الحقيقة الأسباب عديدة، ولا يمكن أن نلوم منتخبا تكوّن في آخر لحظة، وحتى المدرب البنزرتي لم يكن له الوقت الكافي للتحضير بما أنه أشرف على التشكيلة قبل شهر فقط من موعد “الكان”. ماذا عن نتائج المنتخب الجزائري، ما تعليقك على ما حققه “الخضر” في أنغولا؟ صراحة أنا سعيد من أجل الجزائريين كثيرا، وأنا فخور بما قدمه “الخضر” خلال “الكان” هذا، لأنهم أكدوا لنا أن الكرة الجزائرية في طريق العودة وأنها ستسترجع مكانتها بين أكبر المنتخبات الإفريقية، ولا خلاف على أن مشوار المنتخب الجزائري كان جيدا إلى أقصى حد. فوصول المنتخب الجزائري إلى نصف النهائي واحتلاله المركز الرابع يعتبر نتيجة ايجابية للغاية، وقد قدم أشبال المدرب سعدان لقاءات جيدة وسيروا الدورة كما يجب، وهو ما سمح لهم بالتألق والبروز في أنغولا. لكن البعض يعتبر أن الفرصة كانت مواتية للمنتخب الجزائري لنيل كأس إفريقيا، ما رأيك؟ صحيح أن فرصتكم كانت سانحة لنيل الكأس، لكن يجب أن نكون واقعيين... الجزائر لم تكن موجودة في الطبعتين الأخيرتين، حيث لم يتأهل منتخبكم إلى دورتي 2006 و2008، ودورة أنغولا كانت بمثابة العودة إلى الساحة الإفريقية، حتى أن منتخبكم منتخب فتي، فأعتقد أن معظم اللاعبين يلعبون “الكان” لأول مرة ومعظمهم لا يوجد منذ فترة طويلة في المنتخب، بالتالي أعتبر ما وصل إليه الجزائريون نتيجة ايجابية ومنطقية، في انتظار القادم الذي أعتقد أنه سيكون أفضل وأحسن. ما هي الأمور التي كانت ستسمح ل “الخضر” بتحقيق اللقب؟ أعتقد أن الأمر واضح هو عامل الخبرة، فلو كانت عند لاعبيكم أكثر خبرة لحققوا أفضل من هذا. لكن بما أن معظمهم لم يسبق له لعب هذه الدورة ولا يعرف حتى الأجواء الإفريقية، فأعتقد أن لعب ست مباريات في “الكان” يعتبر أمرا ايجابيا للغاية وتخطى الأهداف... فقبل انطلاق “الكان” أكد مدربكم سعدان أنه يبحث عن لعب أكبر قدر ممكن من اللقاءات من أجل التحضير للمونديال، وهو ما حصل عليه. أعتقد أن الجزائريين حضّروا جيدا لمونديال جنوب إفريقيا، وسنرى نتائج دورة أنغولا في جنوب إفريقيا، فالأمر الواضح هو أن الدورة أفادتكم كثيرا من الناحية المعنوية ومن الناحية التقنية خاصة. ما هي الأمور الايجابية التي أعجبتك في منتخبنا؟ صراحة الروح القتالية والعزيمة، وهي أمور معروفة بالنسبة للاعب الجزائري، فمنذ القديم يعرف الجميع أن الجزائريين لا يستسلمون ويملكون شجاعة وروح قتالية خارقة، وصراحة لم أفاجأ عندما شاهدت كل تلك الرغبة في لاعبيكم خلال مباريات “الكان” وحتى قبلها خلال تصفيات المونديال، إنه أمر رائع ولا نجده إلا عند الجزائريين، هناك أمر ايجابي آخر هو امتلاككم مدربا كبيرا إسمه سعدان يملك من الخبرة ما يمكنه إفادة الجزائر كثيرا، وقد صنع الفارق بحنكته، إضافة إلى أن لاعبيكم ممتازون وينشطون في أحسن الأندية الأوروبية ولديهم مستوى جيد، ويمكنهم منافسة الكبار. ماذا عن الأشياء السلبية التي لاحظتها على “الخضر”؟ النقطة السلبية التي لاحظتها على اللاعبين الجزائريين هي سوء التركيز، فهذا الأمر هو الذي تسبب في بعض النتائج السلبية، وأنت تعرف أن في المستوى العالي يجب أن تبقى مركزا طيلة 90 دقيقة وأكثر، هذا الأمر الذي كان ينقصكم. ففي بعض الأحيان كان اللاعبون الجزائريون يفقدون تركيزهم في المباراة، وأمام منتخبات كبيرة وقوية الثمن يدفع “كاش“. هل هذا ما حدث أمام المنتخب المصري؟ نوعا ما يمكن إعتباره سوء تركيز من اللاعبين الجزائريين، أنا أعتقد أن ما حدث للمنتخب الجزائري أمام المنتخب المصري كان سببه البطاقة الصفراء الأولى التي منحت ل حليش وهي بطاقة مجانية، وفي رأيي أن تلك اللقطة لا تستحق حتى تصفير خطأ. أما ركلة الجزاء فهي شرعية في نظري، لكن البطاقة الأولى هي من أفسدت اللقاء تماما بالنسبة للجزائريين الذين فقدوا توازنهم بعد خروج حليش بالبطاقة الحمراء، وأصبح الجزائريون يرتكبون أخطاء فادحة وغير معقولة. أنت تتحدث حتما عن خطأ شاوشي، أليس كذلك؟ نعم، خطأ شاوشي أمام الحكم كوفي كوجيا غير مقبول تماما، واللقطة التي قام بها غير رياضية، لأن الأمر أولا وقبل كل شيء يتعلق بالرياضة، ويجب أن لا نتعامل بهذه الطريقة مهما أخطأ الحكم، لكن من جهة أخرى ما قام به شاوشي أمر مفهوم. كيف ذلك؟ لقد عانى شاوشي من ضغط شديد ورهيب، ونتيجة فقدان تركيزه تصرف بتلك الطريقة، وهي أمور تحدث في بعض الأحيان، ويجب أن نتعامل مع بعض اللاعبين بطريقة خاصة. لو كنت مكان سعدان، كيف كنت ستتعامل؟ أولا لا يُمكن أن أكون مكان سعدان، ولا أسمح لنفسي بالحديث مكانه لأنه أكبر مني سنا ويفوتني خبرة وإنجازاته تتحدث عنه، وهو بعيد عني كل البعد ولا يمكن حتى أن أتحدث عن إختياراته، وأنا واثق أن سعدان سيتعامل مع الأمر بالشكل الصحيح وسيعرف جيّدا كيف يصحح الأمور، لكن هذا لا يمنعني أن أقول إن شاوشي لاعب صغير وما قام به أمر مفهوم. وحسب اعتقادي هو من بين أصغر اللاعبين في التشكيلة الجزائرية ولا يملك الخبرة الكافية، خاصة في مثل هذه المناسبات، لهذا يجب مساعدته والوقوف إلى جانبه، لأنه حارس يملك إمكانات عالية. لاحظنا أن التونسيين ساندوا “الخضر” بقوة في “الكان”، إلى ماذا يعود ذلك؟ أولا وقبل كل شيء فإن الشعبين التونسي والجزائري شعب واحد ومن الطبيعي أن يساند التونسيون “الخضر”، فبعد إقصاء نسور قرطاج من الدور الأول تحوّلت الجماهير التونسية لمساندة المنتخب الجزائري متمنية له أن يصل إلى أبعد الحدود وهو ما حدث أيضا خلال تصفيات كأس العالم، وصراحة تألق “الخضر” في “الكان” وتأهلهم إلى المونديال عوّض الشعب التونسي عن إخفاقات منتخبه هذه المرة، ونحن جميعا نقف وراء المنتخب الجزائري في جنوب إفريقيا وأنا أولهم. هل تعتقد أن الجزائريين سيحققون شيئا ما في مونديال جنوب إفريقيا؟ صراحة أنا متأكد على قدرتكم على تحقيق أشياء كثيرة في المونديال، أولا للقوة التي يتميز بها منتخبكم خاصة من ناحية العزيمة وروح الفريق، وصراحة أنا أعرف أن الجزائريين يستطيعون التغلّب على أي منتخب في العالم لما يريدون ذلك، فعندما كنت مساعدا ل روجي لومير في “كان” 2004 ذهبت وشاهدت لقاء الجزائر - مصر في سوسة، وهنا وقفت على أمر لا نُشاهده كثيرا في كرة القدم، عزيمة فولاذية ورغبة لا يوقفها شيء، فالمصريون كانوا أحسن منكم ويملكون تشكيلة أقوى لكن “الخضر” عرفوا كيف يفوزون باللقاء رغم كل شيء، وهو أمر مهم للغاية، وهناك أمر آخر مهم أيضا. ما هو؟ عندما يكون لديك رئيس إتحادية مثل السيد محمد روراوة يمكنك أن تحقق الكثير سواء في “الكان” أو حتى في كأس العالم. هذا الرجل الذي أعرفه وأحترمه كثيرا، يقدم الكثير للكرة الجزائرية وصراحة لا خوف على الجزائر ما دامت تملك رجالا مثل روراوة.