لم يثن خروج الليبيين في الداخل والخارج في مظاهرات احتجاجا على قرار إعلان مدينة برقة إقليما فيديراليا زعماء القبائل عن مشروعهم. ولم تخفهم تحذيرات الكيب على التلفزيون الليبي وطلبه من الشعب تخليص البلاد من السلاح والقضاء على ما اسماهم "أشباه الثوار"، وتأكيده على أن ليبيا ستتجه إلى "اللامركزية"، وأنه يرفض العودة إلى 50 سنة إلى الخلف. فقد أعلن، الثلاثاء، زعماء قبائل وقادة الميليشيات شرق ليبيا الغني بالنفط منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي. وبرروا خطوتهم بأن منطقة برقة أهملت طوال عقود، وستكون من الآن فصاعدا دولة في بلد اتحادي. وجاء الإعلان خلال اجتماع حضره ألفا شخص على الأقل بالقرب من مدينة بنغازي. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مشاركين قولهم إنه "تم اختيار الشيخ أحمد الزبير الشريف السنوسي رئيسا لمجلسه الأعلى"، وتعد برقة أول منطقة تعلن "إقليما فيدراليا اتحاديا" يتمتع بحكم ذاتي منذ الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي. ويقول مؤيدون للحكم الذاتي إن حكومة الإقليم ستتولى إدارة شؤون الإسكان والتعليم. من جهته، قلل الدكتور أبوبكر معيله، عضو مجلس أعيان برقة والمجلس الانتقالي للإقليم في كلمة له أمام المؤتمر بثتها قناة "العربية" الفضائية: "لا نريد لأي حاكم كائن من كان أن يحكم بعيدا عما يريده الشعب الليبي". وأضاف معيله أن الشعب الليبي بعد أن عانى ولايزال من أساليب الاستبداد بالرأي والإنفراد بالحكم وفقدان الشفافية، يجب عليه ألا يقبل بعد اليوم أي نوع من أنواع الحكم الذي ينفرد فيه شخص أو جماعة بالسلطة؛ لأنه مهما كانت النوايا حسنة لدى الحكام المتفردين بالسلطة، فإن هذه السلطة ستقودهم وتقود شعوبهم فى النهاية نحو الصدام والصراع". وأوضح "أن الفلسفة الرئيسية من وراء عقد المؤتمر هي تنبيه الليبيين حكاما ومحكومين أن يختاروا لأنفسهم نمط الحكم المناسب الذي يعمل على الحد من سلطة الدولة المركزية وتعسفها في استخدام تلك السلطة ضد مواطنيها". كما أكدت الدكتورة عزة لحوتي، أستاذ القانون الدستوري وأحد أعيان برقة والمجلس الانتقالي لإقليم برقة أن المجلس الذي أعلن عن تأسيسه وأعضائه لم يخططوا للفوز بمناصب في الحكومة كما يفعل الآخرون الذين فقدوا وطنيتهم في ظل الفوضى التي تعم البلاد. أما محمد بويصير، الذي يحمل الجنسيتين الليبية والأمريكية، وساعد في تنظيم المؤتمر، فعلق على الحدث لوسائل الإعلام "نود في برقة أن نهتم بالإسكان والتعليم وأمور أخرى، وسنفوض الحكومة المركزية في شؤون الأمن القومي والدفاع، نحن نؤمن بليبيا موحدة، الناس في برقة عانوا من الإهمال 40 عامًا، وإذا استمر هذا الإهمال للشرق فلا أضمن أن تظل ليبيا موحدة بعد 25 عامًا". وسيؤدي أي تحرك لمنح المزيد من الحكم الذاتي لشرق ليبيا إلى زعزعة الحكومة المركزية وشركات النفط الأجنبية، لأن معظم احتياطات ليبيا النفطية موجودة في برقة، وتتخذ أكبر شركات النفط المملوكة للدولة مقرًا رئيسيًا لها في بنغازي، لكن لم يعرف -حسب الوكالات- عدد المؤيدين للمبادرة من زعماء العشائر وقادة الميليشيات والمسؤولين المحليين في شرق ليبيا الذين تتركز السلطة الحقيقية في المنطقة في أيديهم.وقال عبد الله بن إدريس، عضو المجلس المحلي لمدينة جالو في شرق ليبيا، إنه يعارض الفكرة. وقال إن بعض أنابيب النفط التي تنقل الخام إلى موانيء النفط في الشرق يمر في منطقته. وقال إن بنغازي إذا أعلنت الحكم الذاتي "فسنوقف تدفق نفطهم". وحذر إدريس طرينة، مسؤول بالحكومة الليبية المؤقتة من الخطوة التي ستزرع الفوضى في ليبيا الموحدة، وقال في اتصال مع الشروق "في غياب الدستور، نتمنى أن تكون مجرد تعبير عن آراء لا تخص إلا أصحابها وليس الشعب الليبي، وقبل الدستور كل كلام سابق لأوانه".