كشفت دراسة قامت بإعدادها وزارة البيئة وتهيئة الإقليم عن توزيع غير عادل في التمركز السكاني على الإقليم، إذ أن 63 بالمائة من مجموع السكان يتمركزون فوق مساحة لا تتعدى نسبتها 4 بالمائة، مشبهة ذلك بأسرة مكونة من 16 فردا تقطن في شقة من غرفتين. وتكشف ذات الدراسة التي تحوز عليها "الشروق"، عن تموقع 38 بالمائة من السكان في مناطق الهضاب العليا على مساحة قدرها 9 بالمائة من الإقليم، ولا يستقر في منطقة الجنوب الذي تتربع على مساحة نسبتها 87 بالمائة من مساحة الجزائر، سوى 9 بالمائة من إجمالي عدد السكان. وكشفت وزارة البيئة وتهيئة الإقليم عن مخطط ضخم يسمى المخطط الوطني لتهيئة الإقليم لرسم معالم الجزائر المستقلة يرمي إلى إعادة ديناميكية للتوزيع السكاني والبناء العمراني بما يضمن التوازن بين جميع الولايات. ويعتمد المخطط الوطني لتهيئة الإقليم على أربع سيناريوهات أساسية في التنفيذ والتجسيد، الأول يتعلق بإعادة توزيع سكان الجزائر بشكل متوزان على الهضاب العليا والجنوب، حيث يرمي المخطط إلى إعادة توازن ما نسبته 55 بالمائة من السكان في الشمال ونسبة 45 بالمائة في الجنوب، بشكل متوزان، على أن تتم عملية نقل طوعية للسكان ترمي إلى نقل حجم 2.4 مليون شخص إلى الهضاب العليا والجنوب، منهم مليونان من السكان يوزعون على الهضاب العليا و0.5 مليون من السكان يوزعون على مناطق الجنوب. واشترط المخطط الذي تشرف على إعداده وزارة البيئة مرافقته بمشروعات واستثمارات هامة في مجال النقل وتحويل المياه وفي اعتماد الدولة على نظام لامركزي في تنفيذ جزء من المشاريع على مستوى الولايات. أما السيناريو الثاني للمخطط يرمي إلى إنشاء أقطاب للتوازن تضمن تنمية الهضاب العليا والجنوب، من جهة، وإعادة هيكلة الشريط الساحلي من جهة أخرى. أما السيناريو الثالث لإنجاح إعادة التمركز يهدف إلى إنشاء أقاليم تنافسية تعتمد على اقتصاد السوق عن طريق إعادة توزيع مواقع إنتاج المؤسسات الإدارية بوضع ترتيبات تحفيزية لإعادة التموقع مثل المساعدات المالية والمزايا الجبائية والبترولية، أي بمعنى نقل مقرات الشركات الكبرى نحو مناطق الهضاب العليا والجنوب. أما السيناريو الرابع الذي انطلق في تجسيده يتمثل في إنشاء مدن تربط بين الشمال والهضاب العليا والجنوب، حيث نص البرنامج على إقامة ثلاثة أنماط من المدن الجديدة تتمثل في المدن الجديدة للإمتياز وهي سيدي عبد الله، بوينان وعقاز، والمدن الجديدة لإعادة التوازن في الإقليم مثل بوغزول، والمدن الجديدة لدعم التنمية المستدامة مثل المنيعة وحاسي مسعود. ويتماشى هذه المخطط وتعزيز منشآت الطرق والطرق السيارة على أن تتماشى هذه المنشآت الكبرى بكل المرافق الإجتماعية والإقتصادية والضرورية لمرافقة الطرق وحركة النقل. واشترط المخطط التحويل الكامل أو الجزئي لأنشطة ميناء الجزائر وتحويل أنشطة الحاويات الى موانئ أخرى مثل وهران، مستغانم وبجاية، وفك الخناق عن مركزية ميناء الجزائر بخلق حالة من التوزان بين موانئ الولايات الساحلية. كما أسس المخطط إلى إيجاد ثلاثة أقطاب للجاذبية حول المدن الكبرى هي سيدي عبد الله، بوينان حول الجزائر العاصمة، وقسنطينة وسكيكدة حول عنابة، ومستغانم وسيدي بلعباس وتلمسان حول وهران. ويعتمد المخطط على مرحلتين اثنين في تنفيذه وتجسيده، المرحلة الأولى التي تنتهي في عام 2015 وترمي إلى تهيئة المناخ والجو للإنتقال بعدها إلى مرحلة التجسيد بمشاركة كل القطاعات بما فيها الخواص مع بقاء قيام الدولة بدورها في الضبط والتحكيم. ويشرف على المخطط الوطني لإعادة تهيئة الإقليم عدد من الهيئات الوطنية مثل المرصد الوطني للإقليم الذي سيقوم بعملية متابعة تطور الفضاءات والصندوق الوطني لتجهيز التنمية. هذا وقد أعطت وزارة البيئة وتهيئة الإقليم بالتنسيق مع القطاعات المعنية الضوء الأخضر لإنطلاق تجسيد هذا المخطط.