ما كان حديث الشارع الجزائري قبل أيام قليلة في اقتراح قوائم الأفلان التشريعية على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بوصفه الرئيس الشرفي للحزب العتيد، تحول يوم أمس، إلى حقيقة مؤكدة، فقد وضع الرئيس بصمته الأخيرة بالقبول أو الرفض لمتصدري قوائم الولايات ال 48 منطلقا من فكرته الأولى التي تم الترويج لها قبل تنقله إلى الرياض للمشاركة في القمة العربية. وملخصها أن وزراء الجمهورية الراغبين في خوض غمار هذا الإستحقاق الوطني ينبغي ترتيبهم في مقدمة الأسماء مهما كانت النوعية المقترحة على الناخبين.. وقد بدا أمر ممارسة الرئيس لمهامه الشرفية على الأفلان عاديا ومنسجما مع التوجهات العامة للحزب، لولا تخليه العلني على متصدر قائمة الوادي رئيس المجلس الشعبي الوطني عمار سعداني المحسوب منذ أمد بعيد على رجالات بوتفليقة، والأكثر التصاقا به بعد أن رافقه في تقديم التعازي إلى الشعب السوري الشقيق على إثر وفاة الرئيس حافظ الأسد. حتى أن قيادة الأفلان وبعد الإطاحة بأمينها العام علي بن فليس كانت تنتظر "إشارة" قصر المرادية في تفضيل نائب الوادي على بقية نواب الجنوب الجزائري المرشحين لخلافة كريم يونس. وقد كشف أحد أعضاء الهيئة القيادية للأفلان للشروق اليومي قبيل الشروع في عملية انتخاب رئيس جديد للغرفة الأولى للبرلمان أن جهات نافذة في السلطة حسبه قد تعمدت إبعاد العياشي دعدوعة "ممثل بسكرة" ومحمد ضيف "ممثل ورقلة" ومحمود قمامة "ممثل تمنراست" لتفسح المجال لممثل الوادي عمار سعداني، وذلك في إطار سياسة التوازن التمثيلي للمناطق ضمن مفاصل السلطات التنفيذية والتشريعية في الجزائر. مما حدا وقتها بممثل ولاية بسكرة إلى الإحتجاج الموثق، ثم الإنسحاب الفوري إمتثالا "لأوامر" قصر المرادية. وقد تمكن عمار سعداني بالرغم من تكوينه السياسي المحدود وثقافته المتواضعة أن يكشف عن قدرة متميزة انتهت باستدراج الرئيس بوتفليقة إلى قبة المجلس الشعبي الوطني وتفعيل حركية التيار المتوقف بين الرئاسة والمجلس في أواخر عهدة كريم يونس، فضلا عن أداء الدور "الشعبي" للديبلوماسية الجزائرية من خلال إبرام عدة اتفاقيات وعقود مع مجالس وطنية مماثلة في أوروبا وأمريكا وآسيا والعالم العربي على وجه الخصوص، مما جعل الكثير من الملاحظين يرشحونه لتولي عهدة ثانية على رأس المجلس الشعبي الوطني بوصفه محسوبا على الرئيس من جهة، وإكراما لمنطقة الجنوب الجزائري في تولي مثل هذه المهام والمناصب من جهة أخرى. ولم يفهم عدد من إطارات الأفلان قبيل مرض الرئيس وتنقله للعلاج في باريس، مدى حقيقة الأحاديث التي نشرتها جهات وأوساط إعلامية نافذة في كون أن بوتفليقة غاضب على الرجل الثالث إلى الحد الذي أمر فيه مسؤولي مصالح قصر المرادية بمنعه من الدخول، وبخاصة بعد تلك الأقاويل التي تجزم اقتناء سعداني لفيلا فاخرة بأعالي حيدرة بأكثر من 40 مليارا، وحصوله على امتيازات خاصة في قطاعات الفلاحة والسكن والأشغال العامة في أكثر من ولاية، ومنها ما أصبح يسمى بملف "الدعم الفلاحي" الذي من المنتظر حسب مصادر عليمة فتحه مباشرة بعد الإنتهاء من تشريعيات 17 ماي 2007؟ وفي كل هذه "الأقاويل" وغيرها كان عمار سعداني يلتزم الصمت والهدوء، ويصفها بالشائعات الكاذبة، مؤكدا للعام والخاص أنه سيبقى وفيا لرئيسه، وأن علاقتهما لم تتغير منذ مجيئ بوتفليقة إلى السلطة. حتى أنه وعندما سئل عن دوافع شطبه من رئاسة قائمة الوادي من طرف الرئيس شخصيا، فند الحادثة وقال بأنه هو الذي فضل الإنسحاب لدوافع صحية وعائلية، وليفسح المجال لعدد من الإطارات المحلية حتى تتحقق من صحة المبدأ المنسجم مع توجهات الرئيس في تجسيد التداول السلمي على السلطة والمناصب أيضا. الهادي خالدي للشروق اليومي: الرئيس سعداني فضل الإنسحاب عن طواعية قال الوزير الهادي خالدي متصدر قائمة الأفلان بولاية الوادي إن الرئيس عمار سعداني فضل الإنسحاب من السباق التشريعي "بمحض إرادته الشخصية" . وأكد في تصريح خاص للشروق اليومي يوم أمس، أن ترأسه لقائمة الوادي يدخل ضمن استراتيجية الحزب في الدفع بإطارات وطنية تحظى بمكانة محلية طيبة لحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان. وقد جاء الهادي خالدي متبوعا بالنائب محمد البشير جديدي، بينما تم ترتيب عميد جامعة ورقلة محمد الخامس التجاني ثالثا وذلك قبل كل من فريد بحري "مدير التشغيل بولاية سكيكدة" وعمر زروق "أمين قسمة البياضة" ومايسة بوحنيك "عن منطقة وادي ريغ". باديس قدادرة