قرّرت أمس الغرفة الجزائية، لدى مجلس قضاء الجزائر، تخفيض حكم المحكمة الإبتدائية الصادر في حقّ مدير نشر جريدة "الشروق اليومي"، وصحفية بها، في القضية التي رفعها ضدّ اليومية، قائد الثورة الليبية، العقيد معمر القذافي، وذلك بايقاف تنفيذ عقوبة الحبس وإلغاء عقوبة غلق الجريدة والغرامة المالية. كما خفضت الغرفة الجزائية، قيمة تعويض الطرف المدني من 500 ألف دينار جزائري، إلى 50 ألف دينار، علما بأن المحكمة الإبتدائية بحسين داي، كانت قد حكمت في الدعوى المدنية بتعويض الزعيم الليبي ب 500 ألف دينار جزائري. وقد قضت المحكمة الإبتدائية، في حكم أصدرته يوم 31 أكتوبر الماضي، بإدانة المدير العام مسؤول نشر الصحيفة، علي فضيل، والصحفية كاتبة المقال، نائلة بن رحال، بما نسب إليهما، وعاقبتهما بستة أشهر حبسا نافذا، وغرامة مالية تقدر ب 20 ألف دينار، بالإضافة إلى قرار بتوقيف الجريدة عن الصدور مدّة شهرين، وهو الحكم القضائي الذي إستأنفه دفاع "الشروق اليومي" والنيابة معا أمام الغرفة الجزائية لمجلس قضاء الجزائر. وكان ممثل الحق العام، قد إلتمس، بتاريخ 21 مارس الماضي، رفع عقوبة الحبس النافذ في حق "المتهمين" إلى عام، كما طالب برفع العقوبة التكميلية المتمثلة في إغلاق الصحيفة لسنة كاملة وكذا رفع الغرامة النافذة إلى 500 ألف دينار. ويذكر، أن قائد الثورة الليبية، العقيد معمر القذافي، كان قد تابع جريدة "الشروق اليومي" بتهمة "القذف"، على "خلفية سلسلة التحقيقات الميدانية التي قامت بها الجريدة في ولاية تمنراست ونشرت في الصيف الماضي حول مشروع الصحراء الكبرى". القرار السيّد الذي إتخذته أمس، العدالة الجزائرية، جاء برأي أوساط مراقبة، ليرسم صورة بيضاء حول علاقة الصحافة بالسلطة القضائية في الجزائر، وهو إنتصار لحرية التعبير وإستقلالية العدالة وحيادها، علما أنها المرّة الأولى التي يلجأ فيها رئيس دولة، إلى مقاضاة جريدة جزائرية بتهمة "القذف" و"تهديد أمن البلدين"، وكانت "الشروق اليومي" قد نشرت تحقيقات ميدانية، ونقلت شهادات حية، السنة الماضية، حول "مشروع الصحراء الكبرى"، الذي أعلنه الرئيس الليبي في تومبكتو، ولم يكن النشر من باب التهويل أو الإثارة أو التضخيم أو في سياق صناعة "الفتنة" وتأليب الرأي العام وإثارة القلاقل و"المشاكل" بين دولتين شقيقتين وجارتين، وإنما كان النشر من زاوية العمل الصحفي المحترف "البريئ" من كل حسابات ضيقة أو مصلحية، لكنه جاء-وهذا ليس جريمة أو عار- في إطار الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية للجزائر. ومثلما واصلت "الشروق اليومي" تمسكها بدفاعها عن مؤسسات الدولة وحدود الوطن، فإن الرئيس الليبي، العقيد معمر القذافي، إستمر في تمسكه بنظرته "للصحراء الكبرى"، حيث دعا الجمعة المنصرم، إلى إقامة "الدولة الفاطمية الثانية بشمال إفريقيا..لإنهاء الصراع"، قائلا: "ينتهي الصراع حتى في شمال إفريقيا..ينتهي الصراع في الجزائر، وينتهي في السودان، وينتهي الصراع في مصر، وينتهي الصراع في الصحراء..إذا كان صراعا قبليا أو صراعا مذهبيا أو صراعا عنصريا ينتهي لأننا أصبحنا فاطميين". الرئيس الليبي، أكد حسب وكالة "جانا"، خلال الملتقى التاريخي الثاني الشامل لقبائل الصحراء الكبرى، بواحة أغاديس بالنيجر، "لا نقدر أن نقول إعملوا دولة للطوارق ، وإلا فحتى البنباري إعملوا لهم دولة، والموسي إعملوا لهم دولة ، والفولاني إعملوا لهم دولة ، واليروبو إعملوا لهم دولة، والهوسا إعملوا لهم دولة، والتبو دولة، والقذاذفة دولة، وورفلة دولة، والفرجان دولة..وهذا غير معقول"، قائلا "نحن قبائل موجودون هكذا في أقطار.. نحن نفكر في وحدة هذه الأقطار كلها ، وليس في فصل القبائل..وبالتالي دعوتنا من تمبكتو حتى الآن لمصلحة النظام في الجزائر، لمصلحة النظام في مالي، لمصلحة النظام في النيجر، لمصلحة النظام الشعبي في ليبيا، لمصلحة النظام في مصر، في الأردن، في الجزيرة، في الشام، في السودان". وقال الزعيم الليبي "نحن لم نقل أبداً أن كل قبيلة نعمل منها دولة، ولم نقل أن الصحراء نعمل منها دولة..نحن قلنا نحترم الحدود المعمولة الآن والقابعون خلفها يبقون فيها إلى يوم القيامة، لا تهمنا..نحن يهمنا أن نتحرك بحرية عبر الصحراء، وإذا وجدوا أحداً منا يهرب السلاح أو العملة أو المخدرات أو البشر أو السلع عندهم حق أن يمسكوه ويحاكموه حسب القانون..نحن قلنا نبغي أن نشتغل بحرية ولكن في وضح النهار"، وقال العقيد القذافي، "ونحن حسب ميثاق تمبكتو سنتبرأ من أي واحد يهرب أو يتسلل أو يتاجر في الممنوعات ويتحايل على القانون..وإذا عمل أحد من أي قبيلة من الصحراء عملاً مثل هذا مخالفاً لميثاق تمبكتو ،لابد أنتم قيادات الصحراء هذه هي التي تحاسبه وتتبرأ منه وتستهجنه إستهجاناً إجتماعياً وتوقع عليه أي عقوبات قبلية لأننا لا نريد أن يسيء أحد لسمعة أبناء الصحراء وقبائل الصحراء". ما أصبح يُعرف بإسم "قضية الشروق-القذافي"، أنهتها العدالة الجزائرية، لتنفتح بذلك صفحة جديدة، بدأت تقرؤها أمس تهاني القرّاء عبر موقع الجريدة على الأنترنيت ومن خلال الإتصالات الهاتفية وفاكسات الفرح والتضامن والتأييد، وكان عشرات الألاف من القرّاء، وعشرات الجمعيات والشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية وتلك المدافعة عن حرية التعبير والصحافة، بالداخل والخارج، هبّت للدفاع عن جريدتهم "الشروق اليومي" والوقوف معها في محنتها، وقد تشكلت لجنة للدفاع عن الشروق وتم فتح عريضة لجمع توقيعات المساندين، وإقترح العديد من رجال المال والأعمال التبرّع بما ملكت أيمانهم لدفع الغرامة المالية، ووقف الألاف من القراء البسطاء بقلوبهم مع الجريدة، وذلك أضعف الإيمان. "الشروق اليومي" تواصل إذن مسيرتها، وتضع خطوة جديدة في طريق الألف ميل، بإتجاه الإستقلالية والإحترافية، وبحثا عن تمكين المواطن من حقه في الإعلام، وبعيدا عن لغة الإنتقام وثقافة تصفية الحسابات، التي أراد البعض أن يوظفها للتشفي في جريدة كلّ الجزائريين، والتنبؤ بغروب "الشروق"(..)، وإذ هو إنتصار للتعددية الإعلامية ودليل آخر على حرية التعبير في الجزائر، فإن "الشروق اليومي" تشكر كلّ من وقف معها في محنتها، ولو بالكلمة الطيبة، وتزف عرابين الوفاء والتقدير لقرائها الأوفياء، على إختلاف طبيعتهم ومواقعهم ومناصبهم، بإعتبارهم رأس مالها الحقيقي والدائم، وليكن 4 أفريل، يوما شروقيا ومشرقا تحتفل به الشروق وجميع الشروقيين كلّ سنة، مثله مثل 2 نوفمبر، تاريخ ميلادها، و3 ماي، اليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة. جمال لعلامي:[email protected] طاقم الجريدة يستقبل المدير العام والصحفية بالزغاريد عرس .. في مقر "الشروق " عاشت جريدة "الشروق اليومي" أمس أجواءا من البهجة و الفرحة صنعت عرسا حقيقيا بالمقر الرئيسي للجريدة الكائن بالجزائر العاصمة حيث تلقى الصحفيون والتقنيون وكل عمال الجريدة ببالغ الفرح والسرور نبأ إلغاء حكم توقيف الجريدة عن الصدور مع تخفيض الحكم الصادر ضد المدير العام للجريدة والصحفية كاتبة المقال من ستة أشهر حبس نافذة و 20 ألف غرامة إلى ستة أشهر مع وقف و 5000 دينار غرامة. وقد استقبل المدير العام للجريدة السيد "علي فوضيل" والصحفية كاتبة المقال نائلة بن رحال من طرف عمال الجريدة بالزغاريد التي أطلقتها صحفيات وعاملات "الشروق اليومي" بمجرد أن وطأت أرجل المدير العام مقر الجريدة عائدا من مجلس قضاء الجزائر عقب صدور الحكم، وتبادل الصحفيون التهاني في جو بهيج، في حين تكفلت إدارة الجريدة بهذه المناسبة بتنظيم مأدبة غداء حضرها كل عمال الجرائد الوطنية وأعوان الأمن بدار الصحافة بالقبة، ووزعت في ختامها المشروبات والحلويات وسط جو احتفالي بهيج، كل ذلك احتفالا بخروج الشروق منتصرة من معركتها القضائية مع قائد الثورة الليبية معمر القذافي. واستمرت الأجواء الإحتفالية بجريدة الشروق اليومي طيلة نهار أمس، وقد تهاطلت التهاني بالمناسبة على كل طاقم "الشروق اليومي " من مكالمات هاتفية وفاكسات موجهة للمدير العام ولكل الطاقم العامل بالجريدة. كما عجت منتديات "الشروق اليومي" على الأنترنت بتعاليق القراء الذين استقبلوا خبر بقاء جريدتهم المفضلة في الأكشاك بارتياح كبير. واعتبر عمال الجريدة هذه المناسبة السعيدة بمثابة ميلاد جديد للجريدة، وانطلاقة جديدة ستزيد كل العمال قوة وعزما وثباتا وإصرارا على مواصلة العطاء في أحضان "الشروق اليومي" وتحقيق رهان الوصول بها إلى مصاف الريادة، بعد أن عاشوا حالة من الترقب والتخوف على مصير الجريدة طيلة الفترة التي سبقت النطق بالحكم. جميلة بلقاسم