وصلت قافلة المساعدات الإنسانية التي انطلقت قبل ثلاثة أشهر من ميناء بور سعيد المصري إلى مخيمات اللاجئين الروهينغا بمدينة كوكس بازار البنغالية، وقد شرع وفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في توزيع المواد الإغاثية داخل المخيمات، بالتنسيق مع جمعية العلامة فضل الله الندوي البنغالية. القافلة الجزائرية تتكون من ثماني حاويات، تحمل مئات الأطنان من الأغذية والأفرشة والأحذية والمستلزمات الطبية وأربع سيارات إسعاف مجهزة بكل المستلزمات، وكانت كلها موجهة إلى سكان غزة قبل تحويلها إلى مخيمات الروهينغا بسبب منع السلطات المصرية إدخالها إلى القطاع، وعلى إثر ذلك قررت جمعية لعلماء تحويلها إلى الروهينغا بعد أن وقف وفد عنها على حقيقة الأوضاع على الحدود بين بورما وبنغلادش، خلال الزيارة الأولى التي قام بها إلى المخيمات شهر أكتوبر الماضي، حيث اتضح أن الفارين الروهينغا من جحيم المذابح في ميانمار أولى بهذه المساعدات من غيرهم، وهو ما أكده للشروق بن ساعد تهامي، عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء. تعقيداتٌ إدارية في مصر وأخرى في بنغلادش لم يكن إيصال القافلة الجزائرية إلى مدينة كوكس بازار سهلا، حيث واجه المسؤولون بهيئة الإغاثة التابعة لجمعية العلماء صعوبات بالغة في إخراج القافلة من ميناء مدينة شيتاغونغ البنغالية واصطدموا بسلسلة من الإجراءات البيروقراطية، ولولا أن الأمر كان يتم بالتنسيق مع جمعية العلامة فضل الله البنغالية لتعذر إخراج القافلة، وأكبر مشكلة واجهت الوفد الجزائري هي فرض رسوم وأعباء خيالية على القافلة وصلت إلى 54 ألف دولار، حيث أجرى الوفد العديد من الاتصالات مع الجهات الحكومية في بنغلادش لتخفيض قيمتها وهو ما تم بالفعل، وقد تأخر إخراج القافلة لدرجة جعلت الوفد يقرر تمديد التأشيرة والبقاء في المخيمات. وتضاف هذه العراقيل والتعقيدات إلى عراقيل أخرى وضعتها السلطات المصرية التي ماطلت في إعطاء الترخيص لدخول القافلة إلى قطاع غزة عدة أشهر لتنتهي القصة كلها برفضها السماح بدخولها، كما أن تحويل القافلة باتجاه ميناء شيتاغونغ لم يكن سهلا، بعد أن طلبت السلطات المصرية ترخيصا من الطرف الفلسطيني الذي كان سيستقبل المساعدات، ومن حسن الحظ أن هذا الأخير وافق على تحويل المساعدات، بل أن كل الجهات في داخل قطاع غزة رحبت بتحويل القافلة إلى الروهينغا، مؤكدين أن إخوانهم هناك أولى بها من الفلسطينيين على الرغم ما يواجهه الغزاويون من حصار وتضييق! وكان أكبر تخوف لدى جمعية العلماء من فساد الأغذية داخل الحاويات والمتمثلة في 8 أطنان من التمور المعجونة، غير أن القلق زال بعد وصول الحاويات وفتحها، حيث كانت معبأة وفق شروط تسمح بعدم فسادها ووصلت الشحنة سالمة وكاملة إلى المخيمات وقسمت على الكثير من نقاط التوزيع ووصلت إلى ما مجموعه 8 آلاف عائلة روهينغية. مشاهد تضامنية مؤثرة ولأن جهود الإغاثة الإنسانية تراجعت في مخيمات الروهينغا مقارنة بزيارتنا الأولى، فقد كان لوصول قافلة المساعدات الجزائرية صدى كبيرا في المخيمات، خصوصا أن الأسابيع الأخيرة أصبحت المساعدات تقتصر على الأرز والعدس وهو ما ضاعف معاناة اللاجئين الذين تدافعوا أمام مراكز توزيع المساعدات الجزائرية، حيث كانت القافلة الجزائرية بمثابة شريان حياة للاجئين الذين بدأوا يفقدون الأمل في المجتمع الدولي الذي أدار ظهره لهم، حيث أوقفت العديد من المنظمات الإنسانية برامجها الإغاثية في المخيمات لأسباب مجهولة. هبَّة تضامنية أخرى في رمضان التفاف اللاجئين الروهينغا على الوفد الجزائري، يجعله يقرر البدء في حملة تضامنية أخرى خلال شهر رمضان المقبل، وهو ما أكده كريم رزقي، مسؤول العلاقات في هيئة الإغاثة، حيث أكد أن شعور الروهينغا القوي بانتمائهم إلى المسلمين جعلهم يفكرون في برنامج إغاثي خاص بشهر رمضان، حيث وجه نداء عبر "الشروق" لكل المحسنين في الجزائر بالشروع في هبة تضامنية رمضانية تخفف على اللاجئين الظروف المأساوية التي يعيشونها. مستشفى ومدرسة ودار جزائرية لأيتام الروهينغا تابع الوفد الجزائري إجراءات إقامة مستشفى ومدرسة ودار للأيتام مخصصة للروهينغا، وهذا خارج المخيمات بعد أن تعذر إقامة المشروع داخل المخيمات بسبب القوانين التي تمنع إقامة مشاريع دائمة هناك، وقد تمكن الوفد الجزائري من الحصول على قطعة أرض من محسن بنغالي تعهد بالتنازل عنها لصالح المشروع الخيري الجزائري، الذي سيكون في خدمة الروهينغا والبنغاليين على السواء.